من عنفار جاش (تقرير إخباري)
واشنطن - 4 - 12 (كونا) -- يختتم الرئيس الأمريكي جو بايدن اليوم الأربعاء زيارة إلى دولة أنغولا دامت ثلاثة أيام هي الأولى لرئيس أمريكي منذ 10 أعوام في ظل مساع حثيثة لزيادة الحضور الأمريكي على مختلف المستويات في القارة الأفريقية لا سيما مع مخاوف واشنطن من تصاعد الحضور الروسي وتنامي الاستثمارات الصينية في أفريقيا.
وطالما كانت هذه القارة مسرحا للتنافس "الجيوسياسي" بين الولايات المتحدة والصين التي تحتفظ بالحصة الأكبر من ناحية الاستثمارات الاقتصادية والمالية في البلدان الأفريقية.
وأصبح بايدن أول رئيس أمريكي على الإطلاق يزور أنغولا كما أنه أول رئيس للولايات المتحدة يزور أفريقيا منذ نحو 10 أعوام لكن سبقه إلى القارة مسؤولون كبار في إدارته على رأسهم نائبته كامالا هاريس ووزير خارجيته أنتوني بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن ووزيرة الخزانة جانيت يلين.
وعكست زيارات وزير الخارجية والدفاع والخزانة (وزارة الاقتصاد) رغبة واشنطن في تعزيز أدوارها الدبلوماسية والدفاعية والاقتصادية في بلدان القارة حيث تحتدم المنافسة مع الصين وروسيا خاصة بعد أن أصبحت موسكو "لاعبا قويا" في بعض بلدان القارة وتوقف التعاون الدفاعي بين الولايات المتحدة والنيجر التي أصبحت حليفة مقربة من روسيا.
وما يؤكد هذه الرغبة أنه خلال جولة قامت بها هاريس العام الماضي إلى ثلاثة بلدان أفريقية هي غانا وتنزانيا وزامبيا تم الإعلان عن حشد أكثر من ثمانية مليارات دولار في زامبيا هي استثمارات من القطاعين العام والخاص الأمريكيين في مجالات المناخ والأمن الغذائي وتمكين المرأة والشمولية الرقمية عبر أفريقيا وفق وزارة الخارجية الأمريكية.
وبالعودة إلى زيارة بايدن فإنه كان من المقرر أن يزور أنغولا في أكتوبر الماضي لكن إعصارا ضرب بعض الولايات الأمريكية تسبب في تأجيل الزيارة إلى البلد الأفريقي لتأتي في مرحلة انتقالية تشهد فيها واشنطن قريبا تسليم سلطة الرئاسة إلى الرئيس المنتخب دونالد ترامب وذلك في يناير المقبل.
ويقول البيت الأبيض في بيان إن الزيارة إلى أنغولا "تحتفل بتحول وتعميق العلاقة الثنائية وتأتي عقب اجتماع في نوفمبر 2023 عندما استضاف الرئيس بايدن الرئيس الأنغولي غواو لورينسو في المكتب البيضاوي في واشنطن العاصمة".
وأضاف أن المسؤولين الأمريكيين والأنغوليين "عملوا عن كثب لتعزيز رؤى كلا الرئيسين لتوسيع الفرص الاقتصادية العالية المستوى المؤثرة وتحسين الأمن العالمي والإقليمي" معربا عن تطلع الولايات المتحدة وأنغولا إلى مستقبل مشرق من التعاون المعمق باستمرار.
وبحثت الزيارة الحالية إلى أنغولا وفقا لبيان البيت الأبيض ملفات تتعلق بالتجارة والاستثمار والبنية التحتية والأمن والاستقرار والتقى خلالها بايدن قادة من أنغولا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وتنزانيا وزامبيا.
وهي بذلك تترجم ما جاء في القمة الأمريكية - الأفريقية في واشنطن أواخر عام 2022 التي تم اعتبارها "صفحة جديدة" في التعاون بين واشنطن والبلدان الأفريقية تعهدت الولايات المتحدة حينها بالتركيز على الشراكة مع أفريقيا من خلال الاستثمار.
وترى الولايات المتحدة أن تعزيز التجارة والاستثمار في الاتجاهين "يعزز المشاركة في الاقتصاد العالمي ويسرع التنمية المستدامة ويوسع نطاق الابتكار وريادة الأعمال مما يؤدي إلى زيادة الفرص الاقتصادية للمواطنين على جانبي الأطلسي".
وتعبيرا عن أهمية القارة الأفريقية بالنسبة لواشنطن اصطحب بايدن معه إلى أنغولا أعضاء في الكونغرس ومسؤولين كبارا في إدارته ومجموعة من قادة الأعمال والمجتمع المدني الأمريكي.
ومن بين الملفات التي ركزت عليها زيارة بايدن استثمارات واشنطن في أفريقيا لا سيما الاستثمارات في خط سكة الحديد المعروف باسم (ممر لوبيتو) بين زامبيا وأنغولا والذي ينظر إليه على أنه جزء من المنافسة الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين.
وكانت وزارة الخارجية الأمريكية أعلنت في 26 أكتوبر 2023 توقيع مذكرة تفاهم بشأن تطوير (ممر لوبيتو) وخط السكك الحديدية بين زامبيا وميناء لوبيتو في أنغولا.
وقالت آنذاك في بيان إن "بنك التنمية الأفريقي ومؤسسة التمويل الأفريقية انضما إلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في دعم أنغولا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وزامبيا لتطوير (ممر لوبيتو) وخط السكك الحديدية الجديد بين زامبيا ولوبيتو من خلال توقيع مذكرة تفاهم ذات سبعة جوانب" موضحة أن التوقيع تم على هامش (منتدى البوابة العالمية) الذي عقد في العاصمة البلجيكية.
ووفق الإدارة الأمريكية فإن هذا الممر يمثل "أهم بنية تحتية للنقل ساعدت الولايات المتحدة في تطويرها بالقارة الأفريقية خلال جيل وسيعزز التجارة الإقليمية والنمو بالإضافة إلى دفع الرؤية المشتركة لسكك حديدية متصلة ومفتوحة من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهندي".
وينظر مراقبون إلى هذه المبادرة الكبيرة في مجال النقل على أنها أحد تجليات المنافسة الاقتصادية بين واشنطن وبكين في القارة الأفريقية خاصة أن الصين أطلقت عام 2013 مبادرة الحزام والطريق وهي عبارة عن مشروع ضخم للبنية الأساسية والتنمية الاقتصادية يمتد عبر آسيا وأوروبا وافريقيا.
وفي إيجاز صحفي حديث للبيت الأبيض فإن زيارة بايدن إلى أنغولا سلطت الضوء على "العمل والموارد التي استثمرتها الولايات المتحدة في الرؤية (الأمريكية حول أفريقيا)".
وكانت القمة الأمريكية - الأفريقية عام 2022 شهدت تعهدا أمريكيا باستثمار 55 مليار دولار في أفريقيا على مدى السنوات الثلاث التالية.
وأعلن البيت الأبيض تحقيقه بالفعل 80 في المئة من هذا الالتزام مشيرا إلى أن الولايات المتحدة تنظر إلى هذه الالتزامات باعتبارها "استثمارات وليست تبرعات" وفق ما ورد في الإيجاز الصحفي. (النهاية)
ع س ج / م ج ب