واشنطن – 8 – 1 (كونا) –- شدد مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون اليوم الاربعاء على أن القرارات التي تتخذ الآن في سوريا "ستحدد مستقبلها لفترة طويلة قادمة" مشددا على ضرورة إدارة المرحلة الحالية بشكل صحيح حيث تواجه البلاد "فرصا عظيمة ومخاطر حقيقية".
واضاف بيدرسون في كلمته أمام مجلس الأمن لمناقشة الوضع في سوريا اليوم الأربعاء عبر تقنية الفيديو ان سلطات تصريف الأعمال تواصل العمل على هيكلة وتعزيز سلطتها وقد التقت بمجموعة واسعة من المكونات السورية فضلا عن اللاعبين الدوليين.
وأشار الى التقارير التي تفيد باتفاق مبدئي لدمج الفصائل تحت وزارة دفاع موحدة "الا أن آلية التنفيذ لا تزال غير واضحة حيث ورد أن بعض الفصائل لم تنضم بعد إلى هذا الاتفاق".
وقال بيدرسون ان هناك علامات على عدم الاستقرار داخل المناطق الخاضعة لسيطرة السلطات المؤقتة بما في ذلك حوادث العنف في المنطقة الساحلية وحمص وحماة داعيا السلطات الى "مد يد الطمأنينة والثقة لجميع المجتمعات في سوريا وتعزيز المشاركة النشطة للجميع في بناء سوريا الجديدة".
واضاف ان الصراع مستمر في المناطق الواقعة خارج سيطرة السلطات المؤقتة وهناك تهديدات "حقيقية للغاية" لسيادة سوريا ووحدتها وسلامة أراضيها.
وأشار بشكل خاص إلى الوضع في شمال شرقي سوريا حيث وردت تقارير عن اشتباكات بين قوات سوريا الديمقراطية وقوات الجيش الوطني السوري معربا في الوقت نفسه عن قلقه العميق إزاء استمرار النشاط العسكري الإسرائيلي بما في ذلك خارج منطقة الفصل في انتهاك لاتفاقية فك الارتباط لعام 1974.
وحول العملية الانتقالية قال المبعوث الخاص ان الطريق "لا يزال غير واضح" مشيرا الى ان بعض السوريين تلقوا الإشارات من السلطات المؤقتة بهذا الشأن بإيجابية وخاصة فيما يتعلق بالتأكيد على الشمولية والحاجة إلى إشراك طيف واسع من السوريين في تشكيل المرحلة الانتقالية والاستفادة من خبرات جميع السوريين.
لكنه أضاف أن هناك مخاوف في الوقت نفسه بشأن الافتقار إلى الشفافية في التوقيت والإطار والأهداف والإجراءات في أي مؤتمر للحوار الوطني فضلا عن المشاركة من حيث معايير الحضور وتوازن التمثيل.
وقال بيدرسون "من الأهمية ألا يتم التعجل في هذه العملية وأن يتم الإعداد لها بشكل جيد والتفكير فيها مرحبا بهذا الصدد بإعلان سلطات تصريف الأعمال عن تأجيل المؤتمر إلى أن يتسنى تشكيل لجنة تحضيرية موسعة تضم ما أطلق عليه التمثيل الشامل لسوريا من جميع القطاعات والمحافظات.
واكد المبعوث الدولي استعداده للعمل مع سلطات تصريف الأعمال بشأن كيفية "تطوير الأفكار والخطوات الجديدة والمهمة التي تم التعبير عنها حتى الآن والتي يمكن تطويرها إلى انتقال سياسي ذي مصداقية وشامل".
وشدد على ضرورة إعداد دستور جديد من خلال عملية موثوقة وشاملة وإجراء انتخابات حرة ونزيهة تشمل جميع السوريين وفقا للمعايير الدولية.
كما أكد أيضا على ان الدعوة إلى العدالة والمساءلة والتعويض تجد صدى قويا بين مختلف أطياف المجتمع "وهي ضمانة ضرورية وجوهرية للسلام المستدام والتماسك الاجتماعي".
وشدد على أن "العمل على الانتقال السياسي الشامل هو الوسيلة الأكثر فعالية لبناء الثقة وضمان حصول سوريا بشكل عاجل على الدعم الاقتصادي الذي تحتاجه بشدة وهو ما يتطلب بدوره إنهاء العقوبات بشكل سلس واتخاذ إجراءات مناسبة بشأن مسألة التصنيف أيضا وتوفير تمويل كبير بما في ذلك لإعادة الإعمار".
من جانبه قال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية توم فليتشر إن الأسابيع الأخيرة كانت أقل اضطرابا من تلك التي سبقت الاجتماع الاخير لمجلس الامن بشأن سوريا لكن "حجم الأزمة الإنسانية لا يزال كبيرا".
وشد فيتشر بهذا الصدد على ضرورة الحفاظ على الخدمات الأساسية وإعادة بنائها والتي تضررت بسبب سنوات من الصراع بما في ذلك في مجالات الصحة والوصول إلى المياه والكهرباء.
واشار الى ان نحو 13 مليون شخص في البلاد ما زالوا يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد في وقت اضطر فيه برنامج الأغذية العالمي إلى خفض المساعدات الغذائية بنسبة 80 في المائة في العامين الماضيين بسبب نقص التمويل.
كما سلط فليتشر الضوء على أهمية حماية المدنيين مع استمرار نزوح ملايين السوريين داخل البلاد بما في ذلك 620 ألف شخص نزحوا من منازلهم في الفترة التي سقط فيها النظام السابق.
وقال ان شركاء الأمم المتحدة حددوا أكثر من 100 موقع ملوث بذخائر غير منفجرة منذ أواخر نوفمبر الماضي في حلب وإدلب وحماة واللاذقية.
وطلب من مجلس الامن الدولي دعم الضمانات الواضحة التي تلقاها من السلطات المؤقتة بأن القانون الدولي الإنساني سيحترم وسيحمى المدنيون ويسمح للمنظمات الإنسانية بالعمل بحرية.
ودعا فليتشر أيضا إلى زيادة التمويل للاستجابة الإنسانية التي لم تمول سوى بمقدار الثلث معلنا عن تخصيص 8 ملايين دولار إضافية من صندوق الأمم المتحدة المركزي للاستجابة للطوارئ ليصل المبلغ الإجمالي إلى 20 مليون دولار لدعم توسيع نطاق العمليات الإنسانية في سوريا.
وقال إن المشاركة النشطة من جانب مجلس الأمن والمجتمع الدولي تظل أساسية "في فترة الانتقال المضطرب" مضيفا "يجب أن نقف مع شعب سوريا في هذا الوقت ويمكن للعملية الإنسانية أن تحدث تأثيرا كبيرا إذا كنا جادين وجريئين وملتزمين بدعمهم".
من جهته قال السفير السوري لدى الامم المتحدة قصي الضحاك في أول كلمة له أمام مجلس الأمن منذ سقوط نظام الأسد إن سوريا تشهد مرحلة جديدة من تاريخها "تتكاتف فيها جهود السوريين جميعا لإرساء دولة الحرية والمساواة وسيادة القانون وتحقيق الرفاه والاستقرار وطي صفحة الاستبداد والمعاناة وانتهاكات حقوق الإنسان".
وطلب الضحاك من المجتمع الدولي الوقوف إلى جانب السوريين ودولتهم في سعيهم لبناء مستقبل أفضل لوطنهم مؤكدا ان الفترة الماضية شهدت "انتقالا سلسا" لادارة مؤسسات الدولة إلى حكومة تسيير الأعمال التي تم تشكيلها لفترة "تنقضي في مطلع مارس القادم".
وقال إن السلطات السورية أعلنت رغبتها ببناء علاقات ودية مع جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة استنادا لقيم الاحترام المتبادل والتعاون البناء والمصالح المشتركة "بعيدا عن سياسات المحاور والاستقطاب".
وأكد أن "سوريا الجديدة" حريصة على أن تكون "عاملا مساهما في تعزيز السلم والأمن الإقليميين والدوليين وعدم الانخراط في أية نزاعات أو حروب".
واشاد بالخطوة التي قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية لتوسيع الإعفاءات من "التدابير القسرية أحادية الجانب" ودعاها إلى جانب الدول الأخرى "إلى الرفع الكامل لهذه التدابير عن الشعب السوري لأنها كانت موجهة بالأصل ضد النظام السابق وأدوات إجرامه".
وقال إن بلاده تؤكد على ضرورة ضمان عدم استغلال الاحتلال الإسرائيلي" للظروف الراهنة لانتهاك سيادتها ومحاولة تكريس واقع جديد من خلال توغل قواته العسكرية في مساحات إضافية من الأراضي السورية في جبل الشيخ ومحافظة القنيطرة والمناطق المحيطة بها.
كما طالب السفير السوري بضمان انسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق التي دخلتها مؤخرا "ووضع حد لممارساتها العدوانية بحق أهلها واحترام ولايتي بعثتي الأندوف والأونتسو وعدم المساس بهما". (النهاية) أ م م / ه س ص