من محمد كمال (تقرير)
الكويت - 12 - 1 (كونا) -- انطلاقا من رؤية دولة الكويت لتحسين بيئة الأعمال ومواكبة المستجدات وإصلاح النظام الضريبي وتلبية للمعايير العالمية والحد من الاعتماد على عائدات النفط تعكف وزارة المالية على تسريع وتيرة تطوير الإدارة الضريبية في البلاد.
وظهر هذا جليا بعد موافقة مجلس الوزراء أخيرا على مشروع مرسوم بقانون بإصدار قانون الضريبة على مجموعة الكيانات متعددة الجنسيات والذي يفرض ضريبة بمعدل 15 بالمئة على الكيانات التي تزاول العمل في أكثر من دولة أو ولاية قضائية.
ويهدف القانون إلى الحد من التهرب الضريبي ومنع تسرب الإيرادات الضريبية إلى دول أخرى حيث بدأ تطبيق هذا القانون مطلع شهر يناير 2025 على الكيانات المتعددة الجنسيات وتعمل في الكويت والتي تتجاوز إيراداتها العالمية السنوية 750 مليون يورو (نحو 250 مليون دينار كويتي).
وانضمت دولة الكويت في عام 2023 إلى الإطار الشامل لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية كما صادقت على الإصلاح ذي الركيزتين الخاص بها وحتى الآن وقعت أ كثر من 137 دولة بما في ذلك دول مجلس التعاون الخليجي على هذا الإصلاح الضريبي الدولي.
ووفقا لوزير المالية ووزير الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار نورة الفصام تتوقع دولة الكويت تحصيل إيرادات تقدر بنحو 250 مليون دينار (نحو 800 مليون دولار أمريكي) سنويا نتيجة التطبيق إذ تخضع لضريبة الشركات متعددة الجنسيات نحو 300 مجموعة منها 45 مجموعة كويتية وخليجية و255 مجموعة أجنبية تعمل داخل الدولة.
وقالت الفصام في تصريح سابق إن إن الاصلاحات الاقتصادية التي تنتهجها البلاد ضمن رؤية (كويت جديدة 2035) مدعومة بتشريعات حكومية تهدف الى تنويع مصادر الدخل غير النفطية ومن ضمنها ضريبة الشركات متعددة الجنسيات.
وأكدت أن الاصلاحات تضم إيرادات مستدامة غير نفطية لتحقيق التوازن المالي عبر خطة عمل حكومية لبناء اقتصاد متنوع ورفع جودة التشريعات وجذب الاستثمارات الأجنبية وخلق فرص عمل للشباب.
وذكرت أن فرض ضريبة الشركات متعددة الجنسيات خطوة أولى للاصلاحات تماشيا مع "التزامنا الدولي ولضمان وجود عدالة ضريبية ومنع التهرب الضريبي حول العالم".
وبينت أن تعظيم كفاءة الادارة الحكومية يساعد الدولة في الحفاظ على ايرادات مرنة في ظل تذبذب اسعار النفط وتشجيع القطاع الخاص.
وأكد خبراء مختصون على أهمية الخطوة التي ستنعكس على التحصيل المالي للدولة جراء القضاء على التهرب الضريبي إلى دول أخرى معتبرين أنها ستصب في مصلحة الخزانة العامة لدولة الكويت.
وذكر هؤلاء في لقاءات متفرقة مع وكالة الأنباء الكويتية (كونا) اليوم الأحد ان الخطوة ستعمل على تحسين مناخ العمل للشركات الكويتية متعددة الجنسيات وغيرها العاملة داخل الدولة.
وقالت المتخصصة في القوانين الضريبية والمالية وعضو هيئة التدريس في كلية الحقوق جامعة الكويت الدكتورة سارة السلطان إن صدور قانون الضريبة على مجموعة الكيانات متعددة الجنسيات " خطوة في الاتجاه الصحيح".
وأضافت السلطان أن القانون يتوافق مع التوجه الدولي لمعالجة الثغرات في القانون الضريبي الدولي التي تسمح للشركات العالمية بتجنب الضريبة والحد من التنافس الضريبي بين الدول وتحديدا في سابقة تاريخية اتفقت 137 دولة عام 2021 على تطبيق حد أدنى من ضريبة دخل الشركات بمعدل فعلي يبلغ 15 بالمئة على الشركات العالمية أينما كان محل ممارستها لنشاطها.
وأوضحت أنه تمت تسمية هذا الاتفاق باتفاق (الحد الأدنى العالمي للضريبة) والذي اتفق عليه تحت مظلة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وبالتعاون مع مجموعة ال20 ضمن مشروع (تآكل القاعدة الضريبية وتحويل الأرباح) وقد بدأت العديد من الدول بتقنين قواعد هذا الاتفاق في قوانينها الوطنية بداية عام 2024.
وذكرت أن اقرار القانون سالف الذكر يتماشى مع المبادرات الدولية لمعالجة بعض مثالب النظام الضريبي الدولي فضلا عن عدم تأثيره على تنافسية دولة الكويت على جذب الاستثمارات الأجنبية لاسميا أن العديد دول العالم التي تتنافس على جذب رؤوس الأموال أقرت قوانين شبيهة وطبقت الضريبة على ذات الفئة التي شملها قانون ضريبة الكيانات متعددة الجنسية وبذات المعدل.
وأكدت أن تطبيق الضريبة المفروضة بموجب القانون لا يعتبر بحد ذاته عنصر مثبط للاستثمار مشيرة إلى ضرورة إقرار حزمة من الحوافز الضريبية لجذب الاستثمار الأجنبي وهو أمر جائز.
وقالت السلطان أن هذه الضريبة من المتوقع أن توفر لخزانة الدولة إيرادات إضافية تقدر بنحو 250 مليون دينار (نحو 800 مليون دولار أمريكي) سنويا وذلك بحسب تصريح لوزير المالية ووزير الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار نورة الفصام "ولولا إقرار هذا القانون كانت هذه الحصيلة ستكون من نصيب دول أخرى حيث اتفاق الحد الأدنى العالمي للضريبة.
وبينت أن آلية تطبيق اتفاق الحد الأدنى العالمي للضريبة يجعلها عرضة لخسارة إيرادات ضريبية بسبب إمكانية تدخل الدول الأخرى وفرض ضريبة على الشركات الداخلة في نطاق تطبيق الاتفاق للحد الذي يوصل الضريبة المطبقة على الشركات العالمية للحد الأدنى المتفق عليه.
ورأت أن تبني قوانين الدول معدل ضريبي يقل عن المعدل الفعلي يجعلها عرضة لخسارة إيرادات ضريبية بسبب إمكانية تدخل الدول الأخرى وفرض ضريبة على الشركات الداخلة في نطاق تطبيق الاتفاق للحد الذي يوصل الضريبة المطبقة على الشركات العالمية للحد الأدنى المتفق عليه.
وأعربت عن أملها أن تكلل هذه الخطوة الايجابية بالنجاح من خلال تعاون الإدارة الضريبية مع القطاع الخاص ونشر توضيحات وأدلة استرشادية للقانون واستطلاع الآراء قبل سن التشريعات المكملة لهذا القانون والتواصل مع المختصين والمعنيين للاطلاع والتعليق على مشاريع التشريعات قبل إقرارها.
من جهته قال الخبير الاقتصادي محمد رمضان ل(كونا) إن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تعمل على تقليل الفجوة على الشركات متعددة الجنسيات لتضغط على الدول بفرض ضريبة لا تقل عن 15 في المئة على هذه الشركات والا ستفرضها الدول الأم لهذه الشركات للقضاء على فجوة تهرب منها الأموال.
وأضاف رمضان أن المنظمة لجأت إلى هذه الخطوة لأن هناك شركات تبالغ في حجم أعمالها في الدول التي لا تفرض ضريبة ولإغلاق هذه الفجوة تم عمل مجموعة ضغط دولية على مختلف دول العالم تحتم فرض ضريبة على الشركات متعددة الجنسيات والا ستقوم الدول المعنية بفرض ضريبة على أعمال شركات خارج دولها.
وأوضح أن "دولة الكويت أصبحت مضطرة إلى فرض ضريبة ال 15 في المئة على الشركات متعددة الجنسيات على الأنشطة التي تقوم فيها هذه الكيانات داخل دولة الكويت".
وأكد أن هذه الضريبة ليست بهدف تحقيق مكاسب مالية أو ارهاق للشركات متعددة الجنسية التي تعمل في دولة الكويت ولن تؤثر سلبا على الشركات كما يتوقع البعض "انما ستكون لنصيب الكويت بدلا من دولة أخرى وليس فيها أي نوع من الضغط على هذه الشركات".
من جانبه قال الرئيس الأسبق لجمعية المحاسبين والمراجعين الكويتية أحمد الفارس إن القانون مفيد لدولة الكويت وطالبت فيه العديد من المؤسسات والبنوك نظرا لأن البنوك العاملة في الكويت تعمل أيضا خارج الدولة والضرائب المحصلة عليها توجه الى الخارج ومن الأولى أن يكون العكس.
وأضاف أن القانون الجديد شغل بال العديد من المهتمين في الكويت ومن الضروري أن تبدي بعض الجهات رأيها في آلية التطبيق كالاتحادات المتخصصة مثل اتحاد المصارف واتحاد شركات الاستثمار.
وأكد الفارس أن وزارة المالية سيقع عليها عبء كبير للتطبيق حيث أن التحول في النظام الضريبي يتطلب استثمارا كبيرا في البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات خاصة وأن المرحلة تحتم وجود جهاز مستقل معني بالضريبة خاصة مع التطورات الحاصلة على مستوى العالم ودولة الكويت من الدول القليلة التي لا يوجد بها مثل هذ الجهاز.
وذكر أن القانون الذي دخل حيز التطبيق يحافظ على الإيرادات الضريبية لدولة لكويت وتطوير منظومة القوانين الضريبية لتتوافق مع المعايير الدولية فضلا عن الحد من تسرب الإيرادات وتعزيز الممارسات الضريبية العادلة على نطاق عالمي ما يعني ولوج دولة الكويت في هذا النظام بصورة دولية وأكثر شفافية.
وكان تقرير (الشال للاستشارات الاقتصادية) قد اعتبر الخطوة نحو الطريق الصحيح وبداية لإصلاح النظام الضريبي في الكويت إذ إن مساهمة الضريبة في تمويل الميزانية العامة في الكويت هي الأدنى ربما على مستوى العالم.
وبين أنه ما لم يسن ذلك القانون بمرسوم يحصل الضريبة لصالح الخزينة العامة سوف تدفع تلك الشركات ضريبتها لخزائن عامة أخرى.
كما رأى التقرير أن الضريبة ليست مجرد دخل تجنيه الخزينة العامة وإنما ركن أساس ضمن أدوات السياسة المالية واستخدامها مهم في توسع أو تشدد تلك السياسة كما أنها أداة لتشجيع الاستثمار المرغوب وخفض غير المرغوب.
والجدير بالذكر ان قائمة الضرائب في الكويت تشمل أولا (ضريبة الدخل) ويتم تطبيقها بناء على مرسوم ضريبة الدخل رقم 3 لسنة 1955 المعدل بالقانون رقم 2 لسنة 2008 التي تم من خلالها فرض ضريبة دخل سنوية على كل هيئة أو مؤسسة أجنبية تزاول العمل أو التجارة وذلك عن نشاطها في الكويت بمقدار 15 في المئة من الدخل الصافي الخاضع للضريبة.
أما ثاني القائمة قانون رقم 19 لسنة 2000 بشأن دعم العمالة الوطنية وتشجيعها على العمل في الجهات غير الحكومية التي يتم بموجبها فرض ضريبة بنسبة 5ر2 في المئة من صافي الأرباح السنوية على الشركات الكويتية والخليجية المدرجة بسوق الأوراق المالية.
وثالث القوانين قانون رقم 46 لسنة 2006 بشأن الزكاة ومساهمة الشركات المساهمة العامة والمقفلة في ميزانية الدولة التي يتم بموجبها احتساب نسبة مقدارها 1 في