من احمد المزيد واشنطن - 20 - 2 (كونا) -- أثارت الحرب الكلامية المحتدمة بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في اليومين الأخيرين ردود فعل قلقة في الوسط السياسي الأمريكي من تصاعد حدة التوتر بين أوكرانيا والولايات المتحدة أكبر داعميها في الحرب ضد روسيا فضلا عما تثيره من قلق في أوروبا التي عقدت دول منها قمتين طارئتين في فرنسا خلال ثلاثة أيام.
وتصاعدت حدة الخلافات بين الزعيمين بعد أن قال الرئيس زيلينسكي في تصريحات إعلامية إن الرئيس ترامب "يعيش في فضاء التضليل الإعلامي الروسي" الأمر الذي أغضب الرئيس الامريكي كثيرا ليرد بشراسة عليه واصفا اياه ب "الدكتاتور" وانه "انتفع ماديا من النزاع العسكري مع روسيا".
وأضاف ترامب أن "زيلينسكي أدلى بالكثير من التصريحات السيئة. لكنه غير كفء بشكل صارخ وأعتقد أن الجميع يعرف ذلك" مشيرا إلى أن الحرب ما كان يجب أن تحدث وأن استمرارها "قد يقود إلى حرب عالمية ثالثة".
وجاءت هذه الحرب الكلامية في وقت حساس لجهود انهاء الحرب فقد تزامنت مع قمة أمريكية - روسية في الرياض لبحث ايجاد حل سلمي للنزاع العسكري الطاحن بين موسكو وكييف.
كما جاءت في ظل مخاوف أوكرانية وأوروبية من أن الإدارة الجديدة في البيت الأبيض تريد التفاوض مع الروس دون إشراك الدول الأوروبية وحتى دون إشراك أوكرانيا.
غير أن وزارة الخارجية الأمريكية سعت إلى طمأنة الحلفاء الأوروبيين فقد أعلنت الثلاثاء أن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أجرى محادثات مع وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة والممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية حول التحرك الدبلوماسي الأمريكي من أجل إنهاء الحرب الروسية - الأوكرانية.
وأوضحت (الخارجية) الأمريكية في بيان أن روبيو أجرى اتصالا مع هؤلاء المسؤولين الغربيين "مباشرة بعد اجتماعه مع وزير الخارجية الروسي في وقت سابق اليوم (الثلاثاء) في الرياض بالمملكة العربية السعودية".
وكانت للحرب الكلامية والاتهامات المتبادلة بين ترامب وزيلينسكي وقعها داخل اروقة مجلس الكونغرس الأمريكي وخصوصا لدى النواب الجمهوريين المتعاطفين مع كييف الذين سعوا إلى حد كبير في تصريحاتهم حول التطورات ما بين ترامب وزيلينسكي إلى تجنب الصراعات مع البيت الأبيض مع دعوات لافساح المساحة للرئيس ترامب للسعي الى تحقيق اختراق في الحرب الطاحنة التي تدخل في ال 24 من فبراير الحالي عامها الرابع.
وأوضح السيناتور توم تيليس (جمهوري من ولاية كارولينا الشمالية) الذي زار أوكرانيا برفقة اثنين من الديمقراطيين في مجلس الشيوخ الأسبوع الماضي في تصريحات للصحافيين "أنا قلق بشأن أي أمر من شأنه أن يسمح في النهاية بوجود تكافؤ أخلاقي بين زيلينسكي وبوتين".
وأشاد تيليس بالرئيس الأوكراني قائلا "لقد كان زيلينسكي رئيس الدولة المناسب في ذلك الوقت. لقد حافظ على تماسك الأمة الاوكرانية وتركيزها على المحتلين الروس. وأعتقد أن علينا أن نقدم لهم قدرا لا بأس به من الفضل على هذا العمل".
من جهتها ذكرت السيناتور سوزان كولينز (جمهورية من ولاية مين) للصحافيين انها تشعر "بإعجاب هائل" بزيلينسكي الذي "قاد بلاده بشجاعة" خلال الحرب.
وأضافت كولينز "يجب أن نتذكر أن المحرض على هذه الحرب كان الرئيس بوتين الذي شن هجوما غير مبرر على أوكرانيا".
وفي السياق نفسه قال السيناتور جون كينيدي (جمهوري من لويزيانا) " لا أتفق مع البيت الأبيض. لا أعتقد أن أوكرانيا بدأت الحرب. أعتقد أن بوتين هو من بدأها. ويجب ان يهزم".
في المقابل تجنب زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ جون ثون (جمهوري من ساوث داكوتا) التطرق بشكل مباشر إلى تعليقات ترامب التي وصف فيها زيلينسكي ب "الدكتاتور" وقال ان ما يؤيده هو "نتيجة سلمية في أوكرانيا".
وقال ثون "أعتقد أن الإدارة والرئيس ترامب وفريقه يعملون الآن على تحقيق ذلك. عليك أن تمنحهم بعض المساحة" مضيفا ان الحرب بين روسيا واوكرانيا خلفت العديد من الوفيات والكثير من التكاليف وان "من مصلحة الجميع التوصل الى نهاية سلمية للحرب".
يذكر ان الرئيس الامريكي دونالد ترامب تعهد خلال حملته الانتخابية بإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا "بشكل مباشر" فور انتخابه كما أنه كان يستنكر مقدار المساعدات التي تخصصها الإدارة الأمريكية لدعم كييف.
وكانت وزارة الدفاع الامريكية (بنتاغون) أعلنت في شهر نوفمبر الماضي ان إجمالي المساعدات المالية التي خصصها الكونغرس لأوكرانيا منذ بدء الحرب الروسية - الأوكرانية بلغت 182 مليار دولار.
وطالب ترامب أوكرانيا مطلع الشهر الجاري بتزويد الولايات المتحدة بالمعادن النادرة التي تزخر بها وذلك ثمنا للدعم العسكري الذي تقدمه الولايات المتحدة في جهود الحرب ضد روسيا على الرغم من إعلان إدارة ترامب إيقاف المساعدات الخارجية بما يشمل حصة أوكرانيا.
غير أن أوكرانيا لم توافق على المساعي الأمريكية حول المعادن "دون ضمانات" أمريكية رغم إرسال ترامب كلا من وزير خزانته ومبعوثه الخاص بأوكرانيا وروسيا إلى كييف. وتسعى واشنطن إلى الحصول على معادن نادرة ثمينة من أوكرانيا تستخدم في صناعات متطورة بينها الصناعات العسكرية العالية التقدم.(النهاية) ا م م