القاهرة - 4 - 3 (كونا) -- أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اليوم الثلاثاء استضافة بلاده مؤتمرا لإعادة إعمار قطاع غزة الشهر المقبل داعيا جميع الدول الحرة للمساهمة في هذا المسار والمشاركة في المؤتمر.
وقال الرئيس السيسي في كلمته لدى افتتاح أعمال القمة العربية غير العادية التي تعقد في (العاصمة الإدارية) المصرية "فلنجعل جميعا من توجيه الدعم إلى الصندوق المنشأ لهذا الغرض غاية سامية وواجبا إنسانيا وحقا لكل طفل فلسطيني ولكل عائلة في العيش في بيئة آمنة وحضارية مثل باقي شعوب العالم".
وأكد السيسي أن "ذاكرة الإنسانية ستتوقف طويلا أمام ما حدث في غزة لتسجل كيف خسرت الإنسانية وكيف خلف العدوان على غزة وصمة عار في تاريخ البشرية عنوانها نشر الكراهية وانعدام الإنسانية وغياب العدالة".
وتابع أن "أطفال ونساء غزة الذين فقدوا ذويهم وقتل منهم عشرات الآلاف وتيتموا ينظرون إليكم اليوم بعيون راجية لاستعادة الأمل في سلام عادل ودائم".
وأشار إلى أن الحرب على قطاع غزة استهدفت تدمير أوجه وسبل الحياة وسعت بقوة السلاح إلى تفريغ القطاع من سكانه "وكأنها تخير أهل غزة بين الفناء المحقق أو التهجير المفروض وهو الوضع الذي تتصدى له مصر انطلاقا من موقفها التاريخي الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني في أرضه وبقائه عليها عزيزا كريما حتى نرفع الظلم عنه ولا نشارك فيه".
ولفت الرئيس المصري إلى أن "الممارسات اللاإنسانية التي يتعرض لها أهلنا في فلسطين أوهنت عزائم البعض إلا أنني كنت دائما على يقين بثبات وبسالة الشعب الفلسطيني الأبي الذي ضرب مثالا في الصمود والتمسك بالأرض ستقف عنده الشعوب الحرة بالتقدير والإعجاب".
واستطرد قائلا "إنني استذكر معكم في هذا الظرف الدقيق أن مصر التي دشنت السلام منذ ما يناهز خمسة عقود في منطقتنا وحرصت عليه وصانت عهودها حياله لا تعرف سوى السلام القائم على الحق والعدل الذي يحمي المقدرات ويصون الأرض ويحفظ السيادة".
وأشار إلى أن "هذا ما ورد بشكل لا يقبل التأويل في معاهدة السلام التي أبرمتها مصر عام 1979 وألزمت كل طرف باحترام سيادة الآخر وسلامة أراضيه وبما يفرض التزاما قانونيا بعدم خلق واقع طارد للسكان خارج أراضيه كونه يمثل انتهاكا للالتزام باحترام قدسية الحدود الآمنة".
وأكد أن مصر ومن منطلق حرصها على الأمن والاستقرار الإقليميين سعت منذ اليوم الأول للحرب على غزة إلى التوصل لإيقاف إطلاق النار بالتعاون مع الأشقاء في قطر والأصدقاء في الولايات المتحدة.
وأضاف في هذا الصدد أنه "ما كان ذلك ليتحقق من دون الجهود المقدرة للرئيس (الأمريكي) دونالد ترامب وإدارته والتي نأمل أن تستمر وتتواصل بهدف" تحقيق استدامة إيقاف إطلاق النار في غزة واستمرار التهدئة بين الجانبين وبعث الأمل للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة من أجل سلام دائم في المنطقة بين جميع الشعوب.
وذكر أن مصر عملت بالتعاون مع الأشقاء في فلسطين على تشكيل لجنة إدارية من الفلسطينيين المهنيين والتكنوقراط المستقلين توكل إليها إدارة قطاع غزة انطلاقا من خبرات أعضائها بحيث تكون هذه اللجنة مسؤولة عن الإشراف على عملية الإغاثة وإدارة قطاع غزة لفترة مؤقتة وذلك تمهيدا لعودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع.
وأكد أن مصر تعكف أيضا على تدريب الكوادر الأمنية الفلسطينية التي يتعين أن تتولى مهام حفظ الأمن خلال المرحلة المقبلة فضلا عن التعاون مع فلسطين والمؤسسات الدولية على بلورة خطة شاملة متكاملة لإعادة إعمار قطاع غزة دون تهجير الفلسطينيين تبدأ بعملية الإغاثة العاجلة والتعافي المبكر وصولا إلى إعادة بناء القطاع.
ودعا الرئيس السيسي إلى اعتماد هذه الخطة في القمة غير العادية اليوم وحشد دعم دولي وإقليمي لها واصفا إياها بأنها "خطة تحفظ للشعب الفلسطيني حقه في إعادة بناء وطنه وتضمن بقاءه على أرضه".
وأوضح أن الخطة يجب أن تتزامن مع مسار واضح للسلام يشمل الجوانب السياسية والأمنية وتشارك فيه دول المنطقة بدعم من المجتمع الدولي بهدف التوصل إلى تسوية عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية.
وشدد على رفض مصر القاطع للاعتداءات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية المحتلة بما في ذلك الاقتحامات العسكرية لمدن ومخيمات الضفة الغربية والأنشطة الاستيطانية ومصادرة الأراضي محذرا في الوقت ذاته من مغبة استمرار الاعتداءات على المسجد الأقصى والانتهاك المتعمد لحرمته والمساس بالوضع القائم به.
وقال الرئيس السيسي إن "القدس ليست مجرد مدينة بل هي رمز لهويتنا وقضيتنا وأن الحديث عن التوصل الى السلام في الشرق الأوسط دون تسوية الصراع الاسرائيلي الفلسطيني هو لغو غير قابل للتحقق".
وأكد أنه لن يكون هناك سلام حقيقي دون إقامة الدولة الفلسطينية وأن السلام لن يتأتى بالقوة ولا يمكن فرضه عنوة ولا بد من إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو لعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وأضاف أن "ما نشهده من تكرار لحلقات العنف المفرغة واستمرار لمعاناة الشعب الفلسطيني على مدار أكثر من سبعة عقود يوجب علينا النظر بعين موضوعية نحو الواقع والتعاطي مع الحق ويحتم علينا أن نتحد جميعا للتوصل إلى السلام الدائم المنشود وبالتالي الاستقرار والرخاء الاقتصادي والتعايش الطبيعي فيما بين شعوب المنطقة".
وتابع "آن الأوان لتبني إطلاق مسار سياسي جاد وفعال يفضي إلى حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية وفقا لقرارات الشرعية الدولية" مضيفا أن "لدي يقين أن الرئيس دونالد ترامب قادر على القيام بذلك في ظل رغبتنا الصادقة في وضع نهاية للتوترات والعداءات في منطقتنا".
يذكر أن ممثل حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه سمو ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد الصباح حفظه الله يترأس وفد دولة الكويت المشارك في القمة. (النهاية)
ا س م / م ع ع