نفذت إسرائيل، في أحدث تطور على الساحة السورية، سلسلة من الغارات الجوية على مواقع في سوريا، شملت مدينة تدمر، ما أسفر عن مقتل 36 شخصًا وإصابة أكثر من 50 آخرين، بالإضافة إلى تدمير العديد من المباني، ووفقًا لوزارة الدفاع السورية، استهدفت الهجمات عدة مواقع عسكرية ومرافق تابعة لفصائل مسلحة موالية لإيران.
وتأتي الضربات الإسرائيلية في وقت حساس، إذ تزامنت مع تصعيد النزاع في غزة ولبنان، ما يثير تساؤلات حول التوقيت والهدف من الهجمات، خاصة في ظل التصعيد العسكري في المنطقة.
ووفقًا للمرصد السوري لحقوق الإنسان، استهدفت الضربات الإسرائيلية مستودعًا للأسلحة بالقرب من مطار تدمر العسكري، إضافة إلى بناية في حي تدمر الشرقي، وذكرت التقارير أن الهجمات تأتي في إطار استهداف المواقع المرتبطة بإيران في سوريا، مما يعكس استمرار إسرائيل في تكثيف ضرباتها على المواقع الإيرانية في المنطقة.
وأشار الكاتب والباحث السياسي حسام طالب، في حديثه مع "غرفة الأخبار" على قناة "سكاي نيوز عربية"، إلى أن "الحملة العسكرية الإسرائيلية على سوريا ليست جديدة، بل بدأت منذ سنوات، لكن التصعيد الأخير يأتي في سياق حساس بعد التصعيد في غزة ولبنان، حيث شهدت هذه الضربات زيادة ملحوظة في وتيرتها"، وأضاف أن "إسرائيل تستهدف بشكل متزايد المواقع العسكرية التي تخدم المصالح الإيرانية في سوريا، مما يساهم في رفع مستوى التوتر في المنطقة".
ورغم التصعيد، حذر حسام طالب من أن هذا التصعيد قد يؤدي إلى توسيع دائرة الحرب في المنطقة، لاسيما إذا استمرت الضغوط العسكرية على سوريا وحلفائها، وأكد طالب أن "إسرائيل قد تسعى لاستغلال الوضع الراهن لتوجيه ضربات إضافية لحلفاء سوريا في المنطقة، مثل إيران وحزب الله".
ورغم ذلك، أشار إلى أن "الحكومة السورية تسعى للحفاظ على استقرارها السياسي والعسكري ولا ترغب في تصعيد الوضع بشكل مفتوح، إذ تحاول تجنب التصعيد العسكري مع الحفاظ على سيادتها"، وفي هذا السياق، أكد أن "دمشق تدافع عن سيادتها وأمنها ولن تتردد في الرد على أي هجمات تهدد استقرارها".
وأظهرت التحركات الدبلوماسية الأخيرة بين سوريا وإيران، مثل زيارة وزير الدفاع الإيراني إلى سوريا، تعزيز التعاون بين البلدين في مواجهة التهديدات المشتركة، وأوضح طالب أن "هذه الزيارات تأتي في إطار التنسيق الأمني والعسكري بين الدولتين، خاصة في ظل التهديدات الإسرائيلية المستمرة".
ولفت إلى أن "روسيا تلعب دورًا محوريًا في ضمان التوازن في المنطقة، حيث تسعى لتجنب التصعيد الشامل في سوريا، وتعمل روسيا على محاولة تخفيف التوترات بين الأطراف المعنية، لا سيما في ظل الانشغال الدولي بالحرب في أوكرانيا".
في ختام حديثه، أكد طالب أن "سوريا، رغم الضغوط الإقليمية والدولية، تظل ثابتة في موقفها الدفاعي"، وأوضح أن "الحكومة السورية، على الرغم من التحديات العسكرية والسياسية، تسعى للحفاظ على استقرارها الداخلي وتحقيق التوازن في مواجهتها للهجمات العسكرية".
ومع تزايد الهجمات الإسرائيلية على سوريا، يبقى السؤال قائمًا حول كيفية تأثير هذه التصعيدات على الوضع الأمني في المنطقة، وإن كانت ستستمر إسرائيل في تصعيد هذه الهجمات في ظل الدعم الإيراني المتزايد لسوريا، إذ تظل الأيام المقبلة حاسمة في تحديد مسار الأزمة، سواء عبر الوسائل العسكرية أو الدبلوماسية.