رغم المزاعم الإسرائيلية بتحقيق إنجازات عسكرية على جبهتي لبنان وغزة، إلا أن الوقائع على الأرض والمعطيات السرية المسربة تكشف زيف هذه الادعاءات، مما يفسر استمرار الإخفاقات العسكرية لإسرائيل في هاتين الجبهتين. هذا يأتي في وقت أعلنت فيه إسرائيل عن الموافقة على تشكيل "لجنة ناغال لفحص ميزانية الجيش وبناء القوة"، والتي تهدف إلى تقييم الخطط العملياتية تمهيدًا لصياغة الميزانية المقبلة.الجنرال حنان شاي، الخبير العسكري في التخطيط الاستراتيجي، أكد أن "الخطط المقدمة للجنة ناغال لا تختلف عن الخطط الدفاعية التي تسببت في هزيمة الجيش أمام هجوم حماس في السابع من أكتوبر، والخطط الهجومية التي نفذها في غزة ولبنان، والتي أدت إلى تورط إسرائيل في حرب استنزاف مستمرة منذ أكثر من عام، دون القدرة على التحكم في شدتها أو توقيت نهايتها". وأضاف شاي في مقال نشرته صحيفة "معاريف" الإسرائيلية وترجمته "عربي21" أن الجيش الإسرائيلي تحول من جيش مصمم لهزيمة الأعداء بسرعة إلى جيش يعتمد على ضربات رادعة لا تهدف إلى هزيمة العدو وإنما إلى ردعه، الأمر الذي جعل الجيش غير قادر على تحقيق النصر الحاسم.وأشار إلى أن الإخفاقات العسكرية الحالية في غزة ولبنان تعيد النظر في وثيقة الدفاع متعدد الأبعاد التي أعدها الجنرال هآرتسي هاليفي عام 2020، والتي كانت جزءًا من برنامج الجيش متعدد السنوات "تنوفا". هذه الوثيقة، وفقًا لشاي، تكشف عن انفصال القيادة العليا في الجيش عن فنون الحرب، ما يعد انتهاكًا للقانون العسكري. وأضاف أن الوثيقة تعكس تجاهلًا لاستراتيجية الدفاع الإسرائيلية التي بني عليها الجيش، والتي حققت له انتصارات سابقة في حروبه منذ عام 1948، لكن هذا الانقلاب في الفكر العسكري بدأ مع هزيمة الجيش في 2006 واستمر في حروبه مع غزة حتى اليوم.وفي هذا السياق، أكد شاي أنه "من المستحيل تعديل ميزانية الدفاع وبنية الجيش لتتوافق مع عقيدة قتالية تتعارض مع السياسة والاستراتيجية الدفاعية، مما أدى إلى سلسلة من الهزائم والكوارث العسكرية". كما دعا إلى ضرورة أن تستند توصيات اللجنة الجديدة إلى الدروس المستفادة من فشل الجيش في مواجهة هجوم السابع من أكتوبر، وإخفاقه في هزيمة أعدائه في جبهتي غزة ولبنان في الوقت نفسه.في ختام مقاله، شدد شاي على أن لجنة ناغال لا بد أن ترتكز على العودة إلى الأساسيات العسكرية، بما في ذلك سياسة الدفاع القومي، التي يجب أن تُنفذ من خلال مبدأ الحسم العسكري الأصلي. وأكد أن هيكلة القوة العسكرية يجب أن تسمح للجيش الإسرائيلي بالتعامل مع التهديدات في مهدها، عبر حرب وقائية قبل أن تنمو إلى تهديدات كبرى، وهو ما يشير إلى ضرورة إعادة النظر في السياسات الحالية التي لم تنجح في تحقيق الأهداف العسكرية.