بالرغم من التصعيد الاسرائيلي الذي تطال صواريخه المدنيين الآمنين وهم نيام كما حصل في البسطة الفوقا، فضلا عن إستمرار التدمير الممنهج لقرى الجنوب والضاحية الجنوبية ما يزال “النكد السياسي” في لبنان سيد الموقف، حيث لا تتوانى تيارات سياسية معارضة عن التشكيك بقدرات المقاومة وبعملية التفاوض الحاصلة، وتروج من دون حياء لاستمرار العدوان الاسرائيلي وتنسب لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الانجازات.
بعد أن يئس مروّجو الحديث عن أن رئيس مجلس النواب نبيه بري لا يحق له أن يختصر المفاوضات بشخصه، وأنه لا يمثل لبنان بل يمثل الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) إلى نتيجة، بالرغم من الدعم الخارجي من جهات لبنانية كانت وجّهت عريضة إلى الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب بهذا الخصوص، ذهبت بإتجاه آخر وهو محاولة التشكيك بمضمون الاتفاق الذي عقد بين الرئيس بري والمبعوث الأميركي آموس هوكشتاين.
وفي هذا الاطار، توزع هذه التيارات الأدوار بين سياسيين ومحللين ومواقع تواصل إجتماعي للتأكيد على أن ما تم الإعلان عنه من مضمون الاتفاق غير صحيح وأن هناك “ورقة رديفة” تسمح في أحد بنودها للعدو الاسرائيلي في أن يكون له حرية الحركة في إستهداف أي منطقة يستشعر فيها الخطر على كيانه، وفي أن يراقب من الجو كل التحركات المتعلقة بتطبيق القرار ١٧٠١.
ويبدي هؤلاء رفضهم المطلق لهذا الأمر، وكأنهم بذلك يريدون الايحاء بحرص على حزب الله الذي يطالبون برأسه وصولا إلى إستجداء إسرائيل لعدم إيقاف عدوانها قبل أن تتمكن من نزع سلاحه أو القضاء عليه.
ويحاول هؤلاء من خلال هذه السردية دق إسفين بين حزب الله والرئيس بري، وبالتالي ضرب عصفورين بحجر لجهة أنه ليس الجهة الصالحة للتفاوض وأنه في الوقت نفسه يخفي بنودا وردت في الاتفاق عن المقاومة واللبنانيين، ويطالبون بإنتخاب رئيس للجمهورية تحت النيران الاسرائيلية علهم يستطيعون إيصال مرشح مقرب منهم على غرار ما حصل في العام ١٩٨٢ إبان إجتياح العدو الاسرائيلي لبيروت.
تشير مصادر مطلعة على الإتفاق إلى أنه يتضمن تنفيذ القرار ١٧٠١ بكل مندرجاته من دون زيادة أو نقصان، وأن كل ما تتناوله التيارات السياسية المعارضة من وجود ورقة رديفة للاتفاق هو مجرد وهم لا وجود ولا أساس له، إذا لم يكن مجرد محاولة لإحداث فتنة، واذا كان الأمر كذلك “فليخيطوا بغير هالمسلة”.
وتؤكد هذه المصادر أن الرئيس بري لا يمكن أن يقبل بأي بند ينتهك السيادة اللبنانية، وهو مارس ذلك قولا وفعلا في المفاوضات، كما أنه نائب عن الأمة اللبنانية ورئيس لمجلس نوابها وابن أرض الجنوب فكيف يمكن أن يفرط بسيادتها أو أن يقبل بانتهاكها من قبل العدو؟، كما أن حزب الله كان في أجواء هذا الاتفاق واعلن أمينه العام الشيخ نعيم قاسم الموافقة عليه، فهل يمكن أن يوافق حزب الله على بند يضعه تحت مرمى النيران الاسرائيلية في أي وقت؟، كما أن وجود بند من هذا النوع من شأنه أن يؤدي بهذا الاتفاق إلى الانهيار السريع، لأن أي تدخل إسرائيلي أو إستهداف لأي منطقة سيدفع الجيش اللبناني والمقاومة إلى التصدي له، ما يعني عودة المواجهات.
لذلك وبحسب المصادر، فإن الاتفاق يضمن سيادة لبنان، وهو يسير على الطريق الصحيح، بإنتظار المساعي التي يبذلها هوكشتاين مع العدو الاسرائيلي الذي لن يستطيع الاستمرار بعدوانه لأمور عدة أبرزها، الضغط الاسرائيلي الداخلي على حكومة الكيان والذي بلغ مداه خصوصا بعد يوم الأحد الاستثنائي الذي أدخل نحو أربعة ملايين إسرائيلي إلى الملاجئ بفعل إطلاق المقاومة أكثر من ٣٤٠ صاروخا باتجاه الأراضي المحتلة وصولا إلى عمق تل أبيب، والإحصاءات التي تبين أن السواد الأعظم من المجتمع الصهيوني يريد إنهاء هذه الحرب، وصمود المقاومة في الميدان ومنع الجيش الاسرائيلي من تحقيق أهدافه وإلحاق الخسائر الكبيرة في صفوف ضباطه وجنوده، وأيضا، نتيجة الإرهاق الذي لحق بهذا الجيش الذي أكدت قيادته مرات عدة لحكومة الكيان أننا “نخوض حرب إستنزاف عبثية ومن دون أي أفق”!..
The post الورقة الرديفة في إتفاق وقف إطلاق النار.. مجرّد وهم!!.. غسان ريفي appeared first on .