"" - المحرر السياسيفي وطن أصبح عنوانه الأبرز الأزمات والانقسامات، يبدو أن ثقافة التمديد أصبحت نهجًا راسخًا في إدارة الدولة اللبنانية. اليوم، قرر المجلس النيابي تمديد ولاية قادة أمنيين وضباط وقضاة، متجاهلًا مبدأ تداول السلطة الذي يُفترض أن يكون ركيزة أي نظام ديمقراطي. هذا التمديد ليس إلا استمرارية لنهج استبعاد الكفاءات، وحرمان ضباط وقضاة من حقوقهم المشروعة في تولي المناصب العليا وخدمة وطنهم.إنها دولة عقيمة، بمجلس نيابي عالق في دوامة القرارات المؤقتة، وحكومة تحكمها الحسابات الضيقة والمصالح الفردية، بما يرسخ ما قاله المفكر الفرنسي مونتسكيو: "إذا أردت أن تعرف فساد النظام، فانظر إلى من يملك القرار فيه".قرارات التمديد التي تستجرّ قوانينًا مفصلة على مقاسات الأشخاص تعكس حجم الأزمة السياسية المتمددة، واستسلامًا كاملًا لثقافة الجمود القاتلة، حيث تتكرر نفس الوجوه والممارسات التي تجر البلاد إلى مزيد من الانحدار.وباتت الدولة اللبنانية اليوم تتصدر المرتبة الأولى بين دول "التمديد". كل شيء فيها مؤجل، بدءًا من الإصلاحات الاقتصادية، وصولًا إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية. وتنتهج "الترقيعات" لمعالجة الفراغ، لا سيما في القيادات الأمنية والقضائية التي يتم التمديد لها، وكأن لبنان عاجز عن إنتاج جيل جديد من الكفاءات. ليرسخ بذلك الوصف الدقيق للكاتب الأميركي إريك هوفر: "المجتمع الذي يعجز عن التغيير يعجز عن الحياة".وما التمديد إلا هروبًا إلى الأمام من مواجهة الحقائق الصعبة، وهو اعتراف ضمني بفشل النظام في إنتاج حلول جذرية أو تبني سياسات تستجيب لاحتياجات الشعب. كيف يمكن للبنان أن ينهض إذا كان قادته مصرين على احتكار المناصب وتحويلها إلى "تركة شخصية"؟من المعيب أن تتحول مؤسسات الدولة إلى أدوات بيد طبقة سياسية فاسدة لا ترى في الكفاءة سوى تهديد لسلطتها. هذا النهج يقتل الأمل لدى الشباب الذين ما زالوا يحلمون بوطن يُقدّر كفاءاتهم ويمنحهم فرصة لإحداث التغيير.كل العار على من جعلوا لبنان رهينة لسياسات التمديد. أنتم الذين حولتم لبنان إلى دولة تنتج المشاكل بدل الحلول، وتقتل الطموح بدل أن تزرع الأمل.في النهاية، يبقى السؤال: إلى متى سيبقى لبنان أسير هذه الثقافة؟ متى يستعيد الشعب حقه في دولة تُدار بالكفاءة لا بالمحسوبيات؟ ومتى تُكسر هذه الحلقة المفرغة التي تجر البلاد من أزمة إلى أخرى؟ لبنان يستحق قيادة تليق به، وليس زعماء يعيدون تدوير إخفاقاتهم على حساب مستقبل الوطن.