"" - عبدالله قمحيُكرّر زوّار الرئيسين جوزاف عون ونبيه بري، أن لا خلافات أو تباينات بينهما في ما يتعلق بإنجاز ملف التعيينات سواء الأمنية أو القضائية، والأمر نفسه، ولو بدرجة أقل، يسري على رئيس الحكومة نواف سلام. فصحيح أن الاخير لديه "معايير" تحكم تعامله مع هذا الملف، لكنها لا تتضارب أو تحيد عن رؤية شريكيه عون وبري في مسألة ملء الشواغر واختيار الشخص المناسب للموقع المناسب.ما يُخاف منه عملياً، تدخّل بعض النواب من ذوات الدم التغييري، المنتشرين كالفطر في محيط رئيس الحكومة، والذين باتوا، إلى حدٍ قريب، وكلاء ومراقبين على أدائه ومواقفه، مما جعلهم، بنظر كثيرين، أطرافاً ذي قدرة في التأثير على قرارات رئيس الحكومة أو التشويش عليها، ولديهم وجهات نظر يطمحون لترجمتها في ملف التعيينات، ما قد يدفعهم إلى تخريب أي اتفاق لا يُراعي رغباتهم. وقد بلغ الأمر حدّ أن بعضهم بات يقول إنه، وشركاءه، شاركوا رئيس الحكومة في وضع تصوّر معيّن لبتّ ملف التعيينات بشكل عام من خارج النصوص المتّبعة، فيما آخرون منهم يتغنّون بقدرتهم على إسقاط الفيتوات على أسماء بعض المرشحين، علماً أن هؤلاء، دشّنوا أخيراً وبالتعاون مع وسائل إعلام معروفة، برنامجاً للنيل من أسماء طرحت أو تُطرح على مواقع حساسة.عملياً، سيشهد السراي الحكومي اليوم، إجتماع عمل تقييمي مخصّص لـ"ورشة التعيينات" المقبلة، وعلى جدول أعماله أسماء عديدة مقترحة لتولّي مواقع بازرة في الأمن والقضاء والإدارة، علماً أن اجتماع اليوم، سيناقش تحديداً التعيينات الأمنية والعسكرية، من دون إغفال النقاش في التعيينات القضائية والإدارية حيث ستشكل نتائج الاجتماع احتمالية كبيرة لعرض الملف في جلسة الحكومة بعد غد الخميس.على ما يبدو، فإن الخيار الحالي يقوم على فكرة إجراء تعيينات ضرورية في قيادة الجيش والمواقع الأمنية، ومن ثم التفرّغ للتعيينات القضائية وأخيراً التعيينات الإدارية على رأسها تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان، ويبدو فيها الصراع محتدماً بين ثلّة مرشحين اشهرهم كريم سعيد شقيق النائب السابق فارس سعيد، حيث تقف خلفهم منصات وقوى سياسية، أبرزها "كُلنا إرادة" التي تُقاتل لأجل أن يكون الحاكم الجديد من حصتها.يتردد أن رئيس الجمهورية، طلب الإنتهاء من مسألة تعيين قائد للجيش ورؤساء الأجهزة الأمنية، كحصة أولى ضمن المرحلة الأولى، وفي ما بعد المضي باتجاه إجراء تعيينات في مجلس الوزراء في الشقّ القضائي والمصرفي. في المقابل يسود رأي آخر يشير إلى أن أولوية التعيين الحالية تأتي على قياس قيادة الجيش، اذ يشكل مدخلاً للتعيينات الباقية.من الواضح أن التعيينات هذه المرة تأخذ بعداً مختلفاً عما جرى سابقاً، يتجلى باحتمالية الذهاب نحو التصويت داخل مجلس الوزراء على الأسماء المرشحة، كخيار يحصل للمرة الأولى منذ أعوام، حيث كان يطغى التوافق والتعيين المُسبق قبل تحديد الجلسات.تقول مصادر سياسية متابعة إن الجو الراهن متقلّب بين توافقي حول مجموعة أسماء لضباط مقترحين للتعيين على رأس الأجهزة الأمنية، وتعدّد وجهات نظر وليس اختلافاً حول أسماء أخرى، ربما تذهب الأمور نحو التصويت الذي لن يكون بعيداً عن الجوّ التوافقي الذي يسعى إلى تمريره ضمن التعيينات.حتى هذه اللحظة فإن قبلة الجميع ستكون اجتماع السراي اليوم، على افتراض أنه الحاسم لجهة انبعاث الدخان الأبيض إيذاناً بالذهاب نحو إجراء تعيينات في جلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل، وسط احتمالية عالية جداً لتعيين قائد للجيش، وهو الموقع المطلوب ملئه بقوة للأسباب المرتبطة بالمهمة الموكلة إلى الجيش جنوباً، فيما لا يغيب التعيين عن احتمال تحول شاغل منصب قائد الجيش مرة جديدة، إلى مرشح واقعي ومحتمل لرئاسة الجمهورية بعد 6 أعوام!على أي حال، رست المداولات الجارية على إسم مدير العمليات في الجيش العميد رودولف هيكل قائداً للجيش، علماً أن هيكل شغل في السابق قائد منطقة جنوب الليطاني، وهو الموقع الذي سبق أن شغله الرئيس جوزاف عون إبان وجوده في الجيش. لكن ذلك لا يعني أن الأسماء محسومة بشكل قاطع مع احتمال حصول اختراقات، تبعاً لعوامل عدة باتت مؤثرة في اختيار القائد، على رأسها العامل الأميركي وأيضاً احتمال حفظ رئيس الجمهورية لإسمٍ في جيبه سيخرجه ساعة نضوج الظروف.بالإضافة إلى ذلك، رشحت معطيات تشير إلى وضع تصورات حول التعيينات الأخرى التي ستشمل الأجهزة الأمنية. بحسب المعطيات الحالية، يميل رئيس الجمهورية بالتعاون مع رئيس الحكومة إلى تعيين العميد رائد العبدالله مديراً عاماً لقوى الأمن الداخلي، فيما خيار الرئاسة في أمن الدولة يذهب صوب وضع المدير الحالي اللواء طوني صليبا الممددة خدمته لغاية العام 2027 بتصرف رئاسة الحكومة، وتعيين العميد في الجيش والعضو اللبناني في لجنة الإشراف على وقف الأعمال العدائية إدغار لاوندس،مديراً عاماً بدلاً منه. أمّا بالنسبة إلى الأمن العام، فلدى الثنائي الشيعي الذي يسمي عادةً ضابطاً على المركز تصور معين، أودعه رئاسة الجمهورية إلى جانب إسمين آخرين، بعدما طلبت الرئاسة وضع لائحة تضمن 3 أسماء لمرشحين على أن تتولى الأخيرة الإختيار منها، والأمر نفسه قد ينسحب على تعيينات المجلس الأعلى للجمارك، حيث ثمة مجموعة أسماء مرشحة أكثرهم تقدماً قائد منطقة الشمال في قوى الأمن الداخلي العميد مصطفى بدران، فيما الورشة الحقيقية ستبدأ عملياً داخل الأجهزة التي ستنصرف بعد انجاز التعيينات إلى إعداد تشكيلاتها الداخلية، وسط إشراف تام من الرئاسة.