مع حلول شهر رمضان المبارك، استعادت أسواق طرابلس زخمها المعتاد، حيث ازدحمت الأسواق الشعبية والطرقات بالمتسوقين الذين يسعون لشراء مستلزمات الشهر الفضيل. وبينما تشهد المدينة أجواء رمضانية مميزة، من زينة مضيئة وفوانيس تملأ الأزقة، إلا أن الأزمة الاقتصادية لا تزال تلقي بظلالها على حركة البيع والشراء، حيث ارتفعت الأسعار بشكل لافت رغم استقرار سعر صرف الدولار في الفترة الأخيرة، ما زاد من معاناة المواطنين وأثر على قدرتهم الشرائية.



في جولة ميدانية “ل” داخل الأسواق كسوق العطارين وسوق الخضار بدت الحركة التجارية نشطة نسبيًا، لكن اللافت كان حرص المتسوقين على التدقيق في الأسعار قبل الشراء، والاكتفاء بشراء كميات محدودة من المواد الأساسية.



وما يلفت الانتباه هذا العام هو ارتفاع أسعار الخضار بشكل غير مبرر رغم استقرار الدولار، مما جعل بعض الأطباق الرمضانية الأساسية مثل الفتوش والتبولة مكلفة مقارنة بالسنوات الماضية. فسعر الخس تجاوز 80 ألف ليرة والبندورة 90 ألف ليرة للكيلوغرام، بينما وصل الخيار إلى 100 ألف ليرة و البصل الأخضر 100 ألف والليمون إلى 120 ألف ليرة. هذه الزيادات جعلت تكلفة تحضير صحن الفتوش لعائلة متوسطة تتخطى 450 ألف ليرة، الأمر الذي دفع العديد من العائلات إلى تقليل الكميات أو الاستغناء عن بعض المكونات الأساسية.



أما أسعار اللحوم فتخطت 800 ألف ليرة للكيلوغرام، فيما تجاوز سعر الدجاج 500 ألف ليرة وبرغم الانتقادات الموجهة للتجار، فإن العديد منهم يعزو ارتفاع الأسعار إلى عوامل أخرى، مثل زيادة كلفة النقل، وارتفاع رسوم الجمارك، وتقلبات الأسعار في الأسواق العالمية.



يقول خالد أحد المتسوقين “لم يعد بمقدور أي شخص من الطبقة المتوسطة أن يعيش كما في السابق، حيث كنا نشتري كل ما نحتاجه دون تفكير، اليوم نعدّ المصروف بالحبة لكن رغم كل شيء، سنحاول أن نعيش أجواء رمضان بفرحه وبركته، حتى لو كان ذلك بأبسط الإمكانيات.


وعلى مقربة من سوق الخضار، تحمل أم وليد كيسًا صغيرًا من الخضار، يحتوي على ما تحتاجه لإعداد وجبة الإفطار، وتقول: في السابق كنا نحضر السفرة الرمضانية بتشكيلة كاملة من الفتوش والتبولة والأطباق الرئيسية أما اليوم فبالكاد نستطيع تأمين الأطباق الرئيسية والسوق كل يوم سعر مختلف بالأمس البقدونس أشتريتها ب 20 ألف اليوم 35 ألف فلماذا كل هذه التقلبات؟.


تقول فاطمة، وهي صاحبة محل صغير لبيع المواد الغذائية: “الأسواق ممتلئة، لكن الناس لا تشتري سوى الأساسيات والكل يسأل عن الأسعار، ثم يشتري أقل كمية ممكنة وهناك من يشتري بالحبة بدل الكيلو، وهناك من يسأل عن بدائل أرخص.



لا يكتمل رمضان في طرابلس دون الحلويات التي تشتهر بها المدينة، لكن حتى الحلو لم يعد “سعره حلو” حيث وصل سعر كيلو القطايف المحشوة بالقشطة إلى 700 ألف ليرة، بينما تخطى سعر المعمول بالجوز حاجز الـ 900 ألف ليرة، أما المدلوقة والكنافة، فباتت تكلف أكثر من مليون ليرة للكيلوغرام الواحد، هذه الأسعار دفعت الكثيرين إلى التوجه للحلويات المنزلية كبديل أقل تكلفة.



قد يرى البعض أن الأسعار الحالية قد تكون مقبولة مقارنة بأسواق أخرى، لكن الواقع مختلف بالنسبة للطرابلسيين فبسبب تدني الأجور وتفاقم الأوضاع الاقتصادية، أصبح ما يُعتبر أسعارًا عادية في أماكن أخرى، يشكل عبئًا كبيرًا على أهل المدينة. فالقدرة الشرائية لأبناء طرابلس تراجعت بشكل كبير، مما يجعل حتى السلع الأساسية تبدو مرتفعة.


إنها طرابلس المدينة التي لا تنطفئ رغم الأزمات الاقتصادية والمعيشية التي تعصف بها متشبثةً بتقاليدها وأصالتها. فبين أزقتها القديمة وأسواقها العتيقة، لا يزال أهلها يحاولون التكيف مع الظروف الصعبة، مستندين إلى روح التكافل والتضامن التي لطالما ميزتهم.




Related Posts

  1. "الاقتصاد" تكثّف الرقابة في رمضان..
  2. ترامب لأهالي غزّة: إذا احتفظتم برهائن أنتم أموات!
  3. جامع الامام الأوزاعي.. الأثر العباسي الوحيد في بيروت




The post طرابلس تستقبل رمضان بحركة أسواق نشطة وحسابات دقيقة!.. صبحية دريعي appeared first on .