أكّد رئيس الجمهورية، جوزاف عون، أنّ لبنان "وطنٌ يتّسع للجميع بمختلف انتماءاتهم ومعتقداتهم. ومن هنا تأتي أهميّة المشاركة السياسيّة لجميع شرائح المجتمع اللبناني، من دون تهميشٍ أو عزلٍ أو إقصاءٍ لأيّ مكوّنٍ من مكوّناته".
وشدّد على أنّ "الدولة، وبقدر حرصها على حماية التنوع اللبنانيّ وخصوصيّته، ملتزمةٌ، وقبل أيّ شيءٍ، بحفظ الكيان والشعب، فلا مشروع يعلو على مشروع الدولة القويّة القادرة العادلة، التي ينبغي بناؤها وتضافر جميع الجهود لأجل ذلك".كلام عون جاء في خلال حفل إفطارٍ رمضانيٍّ أقامه مفتي الجمهوريّة اللبنانية عبد اللطيف دريان في دار الفتوى، شارك فيه رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نواف سلام وحشد من السياسيين ورؤساء الطوائف الروحية الإسلامية والمسيحية. عون: تطبيق القرارات الدوليةوقال الرئيس عون: "لا يمكن عودةُ الحياةِ الطبيعيّة إلى المناطق المتضرّرة من دون تطبيق القرارات الدوليّة التي تضمن سيادة لبنان وأمنه واستقراره، وانسحاب المحتلّ من أرضنا وعودة الأسرى إلى أحضان وطنهم وأهلهم، ووضع المجتمع الدوليّ أمام مسؤولياته للإيفاء بضماناته وتعهداته، وتجسيد مواقفه الداعمة للدولة ووضعها موضع التنفيذ".وفي كلمته قال عون: "إنّ كان الصوم يعلّمنا التضامن والوحدة، فإنّ رمضان يذكّرنا بأهمية المشاركة والانخراط الإيجابي في قضايا وطننا. فلبنان الذي نعتزّ به جميعاً هو وطن الرسالة والتنوّع والتعدديّة، وطنٌ يتّسع للجميع بمختلف انتماءاتهم ومعتقداتهم. ومن هنا تأتي أهميّة المشاركة السياسيّة لجميع شرائح المجتمع اللبناني، من دون تهميشٍ أو عزلٍ أو إقصاء لأيّ مكوّن من مكوّناته. وإنّ هذه المشاركة تقوم على مبدأ أساس، وهو احترام الدستور ووثيقة الوفاق الوطني، وتفسيرهما التفسير الحقيقي والقانوني لا التفسير السياسي أو الطائفي أو المذهبي أو المصلحي. إنّ الدولة اللبنانيّة بمؤسساتها المختلفة، وبقدر حرصها على حماية التنوع اللبنانيّ وخصوصيّته، ملتزمةٌ، وقبل أيّ شيءٍ، بحفظ الكيان والشعب، فلا مشروع يعلو على مشروع الدولة القويّة القادرة العادلة، التي ينبغي بناؤها وتضافر جميع الجهود لأجل ذلك".
وأضاف: "في خضمّ التحديات التي يواجهها وطننا، يبرز موضوع تنفيذ القرار 1701 واتفاق وقف إطلاق النار قضيّةً محوريّةً تستدعي اهتمامنا وعنايتنا. فلا يمكن أن يستقر لبنان ويزدهر في ظل استمرار التوتر على حدوده الجنوبيّة، ولا يمكن أن تعود الحياة الطبيعيّة إلى المناطق المتضرّرة من دون تطبيق القرارات الدوليّة التي تضمن سيادة لبنان وأمنه واستقراره، وانسحاب المحتل من أرضنا، وعودة الأسرى إلى أحضان وطنهم وأهلهم. وهذا يوجب أيضاً وضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته للإيفاء بضماناته وتعهداته، وتجسيد مواقفه الداعمة للدولة ووضعها موضع التنفيذ. إنّ إعادة إعمار ما دمّرته الحرب تتطلّب منّا جميعاً العمل بجدٍّ وإخلاص، وتستدعي تضافر جهود الدولة في الداخل والخارج، والمجتمع المدني والأشقّاء والأصدقاء والقطاع الخاص، لكي نعيد بناء ما تهدّم، ونضمد جراح المتضرّرين، ونفتح صفحةً جديدةً من تاريخ لبنان".
وتابع:"إنّ التحديات التي يواجهها لبنان كبيرة ومتنوّعة، لكنّ إرادة الحياة لدى اللبنانيين أكبر وأقوى، من أجل بناء لبنان القوي بدولته ومؤسساته، المزدهر باقتصاده وموارده، المتألّق بثقافته وحضارته، المتمسّك بهويّته وانتمائه، المنفتح على محيطه العربي والعالمي".دريان: لستم وحدكممن جهته، ألقى مفتي الجمهوريّة الشيخ دريان، كلمةً قال فيها:"يسرّنا ويسعدنا أن نستقبلكم في دار الفتوى، دار المسلمين واللبنانيين جميعاً. فأهلاً بكم يا فخامة الرئيس، صديقاً كريماً، ورئيساً نعلّق عليه آمال الخلاص والأمن والاستقرار والمحبة والسلام. ويسرّنا أن نجدّد معكم جميعاً الاحتفال بهذه الليلة الرمضانية المباركة، وقد بارك الله لبنان باستعادة العافية الوطنية، التي تعزّز سلامته، وتُعلي شأنه، وتضيء الطريق أمام دوره العربي والإنساني، وطنًا للمحبّة والعيش الوطني الواحد. وهو الدور الذي يكون به أو لا يكون. الدور الذي يجعل منه منارةً من منارات الخير والعلم والأخوّة الوطنية".
وأضاف:"من دار الفتوى انطلقت الثوابت الإسلاميّة الوطنيّة، التي أكّدت نهائيّة الوطن اللبناني لجميع أبنائه، وبوحدته وسيادته وعروبته. ومن هنا أيضاً، أكّدت القمم الروحيّة الإسلاميّة – الإسلاميّة، والإسلاميّة – المسيحيّة، أنّنا كلبنانيّين نكون معاً أو لا نكون. ولقد أثبت اللبنانيّون بانتخابكم رئيساً للبلاد، وتشكيل حكومةٍ واعدةٍ برئيسها، ومؤتمناً على الدستور ووثيقة الطائف، وقيمًا على الوحدة الوطنيّة، أنّهم يعرفون ماذا يريدون، وأنّهم يعرفون كيف يُحسنون صُنعاً، وكيف يُحوّلون الأمانيَّ إلى وقائع".
نعرف أنّ قيادة سفينةٍ كانت على وشك الغرق ليس أمراً سهلاً. ولكن بحكمة العقلاء وفي طليعتهم فخامتكم، ورئيسَي مجلس النواب والوزراء، والشخصيّات اللبنانيّة الفاعلة والغيورة على مصلحة الوطن، سيبدأ في لبنان عهدٌ مُشرقٌ في الإنقاذ والإصلاح. فنحن ما عهدناك، يا فخامة الرئيس، إلّا رجل المهمّات الصعبة، وفي المهمّة الجليلة التي تتولّاها اليوم مع الحكومة ورئيسها، لن تكونوا وحدكم، ويجب ألّا تكونوا. إنّ الشعب اللبنانيّ جميعه معكم، يشدّ أزركم ليحمي الوطن بما يمثّله من شعبٍ ونُبلٍ وكرامةٍ وعزّة".
وتابع: "إنّ الإرادة الوطنيّة الجامعة، وتكاتف اللبنانيّين، كانا قادرين على تحقيق ما يصبو إليه اللبنانيّون للخروج من النفق المظلم الذي كنّا فيه، إلى واحة النور والرخاء والرحمة والمحبة التي نتطلّع إليها. نعرف أنّ عودة لبنان إلى ما كان عليه من ازدهارٍ وتفوّقٍ ليست عمليّةً سهلة، ولكن في الوقت ذاته، ليست عمليّةً مستحيلة. فالإرادة اللبنانيّة الجامعة تتخطّى الصعاب. حدث ذلك في السابق، في عهودٍ وحكوماتٍ سابقة، ونريده أن يحدث اليوم أيضاً، معكم ومع حكومتكم. لنكن مع إشراقة المرحلة الجديدة، يداً واحدةً في سبيل استعادة لبنان دوره العربي والحضاري في هذا الشرق، ورسالةَه الوطنيّة الجامعة، والعيش المشترك الذي نحتاج إليه جميعاً، وتحتاج إليه دول المنطقة وشعوبها، بل العالم أجمع. بهذه الرسالة الوطنيّة نكون، ويجب أن نكون. آمالنا كبيرة، وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم".
وختم دريان: "وفّقكم الله، صاحب الفخامة، وصاحبي الدولة، وكل مخلصٍ لبناء الوطن، وبسط سيادته على كامل أرضه، وتحرير ما تبقّى من أراضيه من العدوّ الصهيوني. وهي مسؤولية الدولة بجيشها وقواها الأمنيّة كافة، بالتعاون مع الأشقّاء العرب والأصدقاء. وفّقكم الله في خدمة الوطن والمواطنين، ليبقى لبنان سيّداً حرّاً عربيّاً مستقلاً في قراره، بعيداً عن التجاذبات والمحاور الإقليميّة والدوليّة".