قبل 4 سنوات خرجت المغنية "بسمة الكويتية"، واسمها الحقيقي ابتسام حميد، بفيديو تعلن فيه تركها الإسلام، واعتناقها اليهودية، ما أثار جدلاً واسعاً حينها.
وطيلة السنوات الأربع، لم تخرج الفنانة بسمة بأي فيديو آخر، وفضلت الإجابة على أسئلة الصحافة الكويتية والدولية بشأن خطوتها، عبر رسائل نصية فقط، لكنها ارتأت أن يكون أول ظهور لها بالصوت والصورة منذ العام 2021، عبر شاشة التلفزيون الإسرائيلي الرسمي "كان" مساء الأربعاء، لتفاخر من جديد باعتناقها اليهودية، ولتتمنى الغناء المشترك مع فنانين إسرائيليين!ورغم أن واقعة الإعلان عن اعتناق الفنانة بسمة الديانة اليهودي، ليست أمراً جديداً، إلا أن مراسل الشؤون العربية للقناة العبرية "كان 11"، روعي كيس، استدعى المسألة مرة أخرى لأغراض دعائية إسرائيلية، أبرزها البحث عن إدانات للفلسطينيين والعرب بلسان عربي، في محاولة لتسطيح الغضب الفلسطيني والعربي المتعاظم تجاه عنترية إسرائيل وعدوانها الأكبر في عموم المنطقة، سواء باستئناف حربها وعمليات القتل الجماعي في غزة، أو احتلال أراض جديدة في سوريا ولبنان، مروراً بتصاعد قصفها وتحركاتها العسكرية والأمنية، سراً وعلانية، في عموم المنطقة العربية، من دون رادع ومحاسبة.وفي مقابلة عبر الفيديو، أجابت بسمة على سؤال كيس، عما إذا كانت ترى نفسها "يهودية"، بالقول: "نعم، وأعتز بذلك، لأن الدين اليهودي هو الأساس واليهود مبدعون". والحال أن كيس طرح سؤاله للحصول على ضالته في إجابة بسمة، كونها تكرر فيها دعاية الفوقية التي لطالما روجتها الحركة الصهيونية منذ الوهلة الأولى لنشوئها، بمنطق استعلائي يعتبر اليهود وحدهم المبدعين "وأفضل البشرية"، رغم أن الصهيونية أسسها يهود علمانيون، لكنهم استغلوا الديانة اليهودية، وطرحوها في سياق قومي، لتسويغ احتلال فلسطين.وخلال اللقاء أيضاً، عبّرت بسمة عن أمنيتها بزيارة إسرائيل وإقامة حفلة مشتركة مع المغني الإسرائيلي عومر آدم، علماً ان جنسية الفنانة بسمة تصدرت حديث مغردين في مواقع التواصل الاجتماعي العام 2019، حينما رفض كثيرون "انتماءها لدولة الكويت"، رغم أن أمها كويتية، متداولين ما نقلته وسائل إعلام كويتية عن مصدر أمني، بأن "ابتسام مهدي عراقية الأصل، وحاولت الحصول على الجنسية الكويتية، لكنها لم تتمكن من ذلك، وقامت بتعديل أوضاعها إلى الجنسية الإريترية، وحصلت على إقامة بهذه الجنسية قبل أن تغادر البلاد إلى دولة أوروبية".وفي محاولة لإظهار بسمة كما لو أنها ليست الشخصية الكويتية الأولى التي تعتنق اليهودية وتعلن دعمها لإسرائيل، استدعى كيس حالة أخرى كشفها في التلفزيون العبري قبل سنوات، وهي اعتناق شاب كويتي عشريني اسمه يوسف المهنا، للديانة اليهودية. فأشار كيس في تقرير سابق، بأن المهنا اعتنق اليهودية سراً في البداية، قبل أن يشهر ذلك ويغير اسمه إلى "نفتالي بن يهودا". ووفق تقرير كيس قبل سنوات، فإن الشاب الكويتي بدأ تعلم اللغة العبرية ذاتياً، ثم صقلها بمساعدة إسرائيلي مقيم في إيطاليا.وكان المهنا يمارس طقوساً تلمودية في منزله بالكويت سراً، قبل أن يقرر الانتقال للعيش في بريطانيا. وما ركز عليه كيس أن المهنا وصف نفسه بـ"متدين قومي"، أي أنه "يحب إسرائيل دينياً وقومياً"، بمعنى أنه ربط هذا التحول الديني في السياق الإسرائيلي الاستعماري، أي أبعد من مجرد حرية المعتقد.وبالعودة إلى تقرير كيس الجديد، تطرق أيضاً إلى الكاتبة الكويتية فجر السعيد، التي تطلق مواقف داعمة لإسرائيل، وكأن هذه الأسماء تشكل "قادة رأي" يختزلون الرأي العام العربي رغم ندرتهم. وكعادتها، تتلقف الدعاية الإسرائيلية تلك الأصوات، ثم تضخمها وتطرح أصحابها كـ"قادة رأي.. ومؤثرين يمثلون رأياً عربياً عاماً يشيطن الفلسطيني"، وبالتالي تستخدمهم كأدوات لتزييف الحقائق وخلق الأعذار للعدوانية الإسرائيلية.والسؤال الأهم: هل بإعلان الفنانة بسمة وغيرها اعتناق اليهودية، يصبح هؤلاء الأفراد يهوداً من الناحية الإجرائية؟ الجواب هو لا، فهم يهود بإعلانهم ذلك، وليسوا كذلك من الناحية الإجرائية بالضرورة، لأن اعتناق الديانة اليهودية ليس أمراً سهلاً، ويجب أن يمر بمسار طويل ومعقد من الاختبار والبحث من خلال "الحاخامية"، وعليهم أن يجيبوا عن أسئلة معقدة مرتبطة بالدين اليهودي.والديانة اليهودية "غير تبشيرية"، أي لا تسعى إلى إقناع المسلمين والمسيحيين باعتناقها، لكن فيها نوعاً من "التبشير الداخلي"، أي دفع اليهود العلمانيين ليكونوا متدينين. وهناك أمثلة بارزة هنا، لأن الروس الذين هاجروا إلى إسرائيل خلال العقود الماضية، خصوصاً بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، وكذلك الإثيوبيين، لم يكملوا حتى الآن إجراءات اعتناق اليهودية، ولم يكتب في هويتهم الإسرائيلية أنهم يهود.وهناك مثال آخر، وهي المغنية الفلسطينية نسرين قادري، المقيمة في أراضي48، إذ تزوجت يهودياً قبل سنوات، وأعلنت تحولها من الإسلام إلى اليهودية، لكنها لم تكمل إجراءات اعتناق اليهودية حتى اللحظة، وهي كلها أمثلة واقعية تؤكد صعوبة واستحالة حصول هؤلاء على إجازة من الحاخامية بأنهم أصبحوا يهوداً.وحتى من ناحية احتلالية عنصرية، فإن إسرائيل تحرص على طرح نفسها في المنطقة "كدولة يهودية خالصة"، ولا تريد أن يعيش فيها عرب، حتى لو كانوا متماهين مع الاحتلال وأعلنوا اعتناقهم اليهودية، فالعربي والفلسطيني الجيد، بمنظور إسرائيل، هو الذي يرحل بعيداً من المنطقة.وبذلك، فإن تل أبيب لا تريد يهوداً جدداً، وإنما عرباً يتبنون البروباغندا الإسرائيلية بالمجان وبلا مقابل، ومن ثم ترويجها في أنحاء العالم بهدف التضليل وضرب الوعي الجمعي العربي والغربي، وتعزيز حالة اليأس والإحباط أمام غطرسة الاحتلال.