عكست الغارات الإسرائيلية والقصف المدفعي على بلداتٍ جنوبية حدودية، صورة الوضع البالغ الحذَر والضبابي في مهلة الستين يوماً لتطبيق وقف النار. ذلك أن العدو الإسرائيلي أراد إيصال رسالة بأنه هو من يملك قرار استئناف الهجمات في الجنوب، بعد العودة السريعة لمواطني الجنوب إلى بلداتهم وقراهم. وهذا المشهد، سيلقي بظلاله على كيفية إدارة الوضع الميداني في الجنوب، مع بدء الجيش تعزيز حضوره وانتشاره، وعلى كيفية الإدارة الدولية لاتفاق وقف النار.  وما زاد من القلق إعلان القناة 14 الإسرائيلية أن بنيامين نتنياهو أصدر تعليماته بالاستعداد لحرب واسعة النطاق في لبنان حال حدوث انتهاك لوقف إطلاق النار.

 

وفي استتباعٍ سياسي لوقف النار، أتى تحديدُ رئيس مجلس النواب نبيه بري جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية في 9 كانون الثاني 2025، ليكشف جزءاً من البنود غير المكتوبة لوقف النار. فهذا التحديد بعد نحو عام ونصف، يظهر التوافقات الداخلية والإقليمية والدولية على مواكبة مرحلة ما بعد الحرب بتتويج سياسي عبر انتخاب رئيس لا يمكن إلا أن يكون توافقياً.

وهذا التحديد أتى في ظل تمرير مجلس النواب التمديد لقادة الأجهزة الأمنية وبالتحديد لمصلحة قائد الجيش، وذلك في غياب نواب التيار الوطني الحر.

 

وفي مواكبةٍ للإتصالات على مستويي ما بعد الحرب والملف الرئاسي، سُجِّل حضور فرنسي سياسي اليوم الخميس. فقد تلقى كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي اتصالاً من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لبحث الوضع الراهن في لبنان بعد سريان قرار وقف اطلاق النار، ومتابعة تنفيذ المقررات التي صدرت عن مؤتمر دعم لبنان في باريس. في هذا الوقت، عقد الموفد الفرنسي جان إيف لودريان سلسلة لقاءات مع كتل نيابية متعددة، كما توَّج لقاءاته باجتماع للجنة الخماسية في قصر الصنوبر.

 

وعلى خطٍ مواز، سُجِّل اتصالٍ بين لودريان ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، الذي تلقى أيضاً اتصالاً من وزير الخارجية المصرية بدر عبد العاطي. وفي متابعة لمرحلة ما بعد وقف النار، أجرى باسيل الموجود في الخارج سلسلة اتصالات هاتفية بكل من رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وقيادة حزب الله مهنّئًا بوقف النار، وآملاً أن يؤدي إلى الاستقرار المطلوب ومتمنيًا أن يكون الجميع في لبنان قد أخذ العبرة مما حصل.

 

وفي الجوار السوري، اتجهت الأنظار إلى الهجمات المفاجئة والإستفاقة لبعض قوى المعارضة السورية على حلب، ودلالاتها الدولية في الوقت الذي تسعى فيه تركيا إلى استئناف الحوار مع الدولة السورية، وكذلك بعدما كان بنيامين نتنياهو هدَّد سوريا في خطاب وقف النار. وقد سيطرت القوى المنضوية في "هيئة تحرير الشام" على بلدة خان العسل الإستراتيجية، فيما تواصلت الإشتباكات على أكثر من محور في المنطقة.