شهور لا بل أكثر من عامين، انقضت على رهانات رئاسية خاطئة، تمثلت بمحاولات الفرض والمواجهة، في الوقت الذي كان فيه خيار التيار الوطني الحر منذ اللحظة الأولى للشغور، التوافق والمساحات المشتركة ووضع خارطة طريق للولاية الرئاسية المقبلة. والنتيجة، كانت تأخير ثم تأخير، وتغيراتٌ مفصلية، بدّلت في أشرعة القوى التي اختارت المواجهة والفرض.

 

وعن لحظة الحقيقة الرئاسية، لم تبقَ سوى ساعات. وما سيسرّعها الموقف الأميركي الذي سيعلن عنه مساء اليوم الإثنين آموس هوكشتاين في لقاءاته خاصة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري. فسِرُّ الثنائية الشيعية من جلسة الخميس في عهدة من إئتمنه حزب الله على الموقف الأخير، والذي لا يزال حتى الساعة، يصر على موقف أقله متحفظ من العماد جوزف عون، ويربطه بحصوله على تأييد 86 صوتاً من الجلسة الأولى، لإعفائه من عقبة التعديل الدستوري.

 

زيارة هوكشتاين، كانت سبقتها زيارة الموفد السعودي الأمير يزيد بن فرحان، الذي أفصح في العلن وبالتلميح، إلى تأييد خيار قائد الجيش. لكن دون تمريره، معرفة الموقف الأميركي الواضح، لا ذلك الملتبس بين أروقة الإدارة الأميركية ودولتها العميقة، وصولاً إلى مدى ثبات الثنائية الشيعية على موقفها. فهذا القفل، نظراً إلى ثبات التيار الوطني الحر على تفضيله التوافق على التحدي، هو من سيسهم في تحديد مصير جلسة الخميس.

وحتى الساعة، لا يزال هناك من المراقبين من يعتبر أنَّ جلسة الخميس ستكون أولية، وليس نهائية. لكن دون التحليلات، الواقع الذي سيتبين تدريجياً في الساعات المقبلة.

 

في المقابل، لفت موقف بارز لعضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب حسن فضل الله، الذي أكد "رفض أي إملاءات خارجية"، لافتاً إلى أنه "فإنه ليس لدينا أي مانع من تقديم المعونة الخارجية للبنان، ولكن من دون شروط سياسية، فاللبنانيون يختارون رئيسهم بملء إرادتهم". وقد أضاف فضل الله ما يمكن أن يعتبر تمسكاً بشرط ال86 صوتاً لتعديل الدستور، أنه "لدينا دستور واضح يحدد كيفية انتخاب الرئيس وآليته وعدد النواب المطلوب حضوراً واقتراعاً، ونحن ملتزمون بها".

 

في هذا الوقت، كان الجنوب يشهد تطوراً بارزاً لجهة الإنسحاب الإسرائيلي من الناقورة، بالتوازي مع استمرار تلويح من مسؤولين إسرائيليين إلى عدم الإنسحاب الكامل من الجنوب في غضون مهلة الستين يوماً. هذا وذكرت معلومات أن هوكشتين أفصح لقائد الجيش عن العمل على سحب قوات الإحتلال الإسرائيلي قبيل انتهاء مهلة الستين يوماً.

وهذا المشهد المقلق في الجنوب، هو واحد من بنود ستوضع أمام من سيتولى الرئاسة، في أجندة مطولة، حافلة بالتحديات والمخاطر، وتنتظر من يلتزم تنفيذها، وفقاً لضغوط القوى الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية، التي تتخذ من لبنان أحد أبرز قواعدا نفوذها في شرقي المتوسط.