حجب الخلاف على تعيين حاكم مصرف لبنان الأنظار عن زيارة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت. حضر الضيف الفرنسي بمهمة التحضير لزيارة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون إلى باريس. لا جديد في زيارته أبعد من وعود ستحاول فرنسا بلورتها لتحويلها إلى وقائع، أهمها فصل الربط المفروض دولياً من الدول المانحة بين إعادة الإعمار والإصلاحات المطلوبة.
 
الأخبار المتضاربة
وفي معلومات "المدن"، أن لودريان وعد أن تبذل بلاده جهوداً مع الدول المانحة لعدم إرجاء ورشة إعادة الإعمار ريثما تتم الإصلاحات، بل التزامن بين الخطوتين، طالما أن الإصلاحات تستلزم وقتاً طويلاً بينما إعادة الاعمار مسألة ملحة. ويمكن إدراج زيارة لودريان كمحاولة لحجز فرنسا موقعاً في لبنان يوازن الحضور الأميركي وإن كان ذلك مستحيلاً. تهتم فرنسا بالإعمار كما تهتم باستخراج النفط والغاز لاحقاً. بمعنى آخر، تريد فرنسا حجز حصتها من ورشة النهوض المقبلة متى استوفت شروطها.
بند ثان يقلق مضاجع فرنسا وهو حاكمية المصرف المركزي والمرشح لتولي المنصب. لفرنسا مرشحها الأقرب وهو سمير عساف، الذي رفض الدخول في نادي المرشحين. ليس معلوماً إذا ما كان المسؤولون في لبنان قد صارحوا  الضيف بالخلاف الذي يعتري التعيينات، وخصوصاً في ملف الحاكمية. وفي معلومات "المدن"، أن ساعات المساء حملت أخباراً متضاربة حول جلسة الحكومة المقررة في بعبدا. استمر الخلاف على اسم كريم سعيد الوارد إلى جانب مرشحين اثنين معه سيتقدم بأسمائهما وزير المالية ياسين جابر إلى مجلس الوزراء. أصر رئيس الجمهورية جوزاف عون على تسميته، فيما أصر رئيس الحكومة نواف سلام على رفضه. فشل مسعى إرجاء البت بالملف إلى جلسة ثانية. أصرت بعبدا على طرح الأسماء المرشحة على التصويت. غير أن هذا التصويت إن حصل، كان ليصب في مصلحة سعيد حكماً، لوجود اتفاق عليه بين بعبدا وعين التينة. استمرت الاتصالات، فكانت النتيجة حجب الملف عن النقاش مبدئياً، إلا في حال تم الاصرار على طرح بند الحاكمية من خارج جدول الأعمال. وهذا يندرج في سياق حق رئيس الجمهورية، ولكنه سيعرض الجلسة للانتكاسة، ويرجىء انعقادها. وهذا يؤكد ما بات مؤكداً في اختلاف وجهات النظر بين الرئاستين الأولى والثالثة والعلاقة التي تجتاحها الخلافات والتحفظات المتبادلة.
 
لا تعيينات دسمة
مصادر مواكبة لملف التعيينات أبلغت "المدن" أن لا اتفاق على حاكم مصرف لبنان. وبناء عليه، فمن المرجح ألّا يصار إلى البت بكامل التعيينات، واقتصار التعيين على أعضاء المجلس العسكري. وتفسير هذا الكلام أن الجلسة ستخلو من تعيينات بسبب تراكم الخلاف في وجهات النظر. اعتبر سلام أن تعيين سعيد فيه تحد لموقعه في سدة الرئاسة الثالثة، وعبر عن استيائه بشكل كبير لما آلت اليه الأمور، واعتبرها مساً بموقعه وصلاحياته مستقبلاً. وقد بلغ حد التلويح بالاستقالة على اعتبار أن كسر قراره سينعكس حكماً على موقعه في الحكومة وتعاطيه مع الوزراء لاحقاً.
وقائع ستنعكس حكماً على علاقة الرئاستين، وتقليعة العهد والحكومة معاً في معركة فرض السيطرة والصلاحيات، في التعاطي مع الملفات الشاقة الكثيرة المفترض معالجتها، بدءاً من ملف التعيينات القضائية إلى التعيينات الإدارية وعمل الآلية التي أقرتها الحكومة، والتي لا يبدو أنها ستكون معتمدة كأساس في التعيينات المرتقبة.
 
الجلسات الفعلية لمجلس الوزراء كان يفترض أن تنطلق اليوم. ولكن وفي ظل العقبات المتتالية حول التعيينات والصلاحيات، لم يعد معلوماً كيف ستكون الجلسات التالية في المراحل المقبلة، مما سيشكل حرجاً كبيراً لكل من الحكومة ورئيسها ولسيد العهد.
 
المؤكد في هذا السياق أن الحكومة لم تدخل نمطاً جديداً يختلف عما سارت عليه الحكومات السابقة، وإن كانت أوحت بذلك، وأن كل ما يتم تداوله من أسماء مرشحة للتعيينات يبدو أنها توضع في المطابخ الخلفية بشكل مسبق وتعرض على الوزراء لاحقاً، وإن كانت من حيث الشكل تراعي النصوص القانونية في الطرح والعرض.