تقع الولايات المتحدة حالياً في قلب عوامل مهمة يمكن أن تؤثر على الأسواق المالية، مع اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة المرتقب بشدة هذا الشهر والانتخابات المقبلة في نوفمبر، تتجه كل الأنظار إلى واشنطن.
تحمل هذه الأحداث ثقلاً كبيراً، ليس فقط للأسواق التقليدية ولكن أيضاً للمتعاملين في سوق الكريبتو الذين يأملون في تشريع صديق للعملات المشفرة لتخفيف القيود التنظيمية.
كان هذا العام بالفعل فترة تاريخية للعملات المشفرة، وصلت خلاله عملة البيتكوين إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق (قبل أن تتراجع لاحقاً عن المستوى القياسي المسجل في مارس الماضي)، وكانت الموافقة على صناديق الاستثمار المتداولة في البورصة (ETFs) لعملة البيتكوين والإيثر في الولايات المتحدة بمثابة خطوات مهمة نحو انطلاقتها.
تسلط هذه المعالم الضوء على التكامل المتزايد للعملات الرقمية في الاقتصاد العالمي، مما مهد الطريق لزيادة الاهتمام السياسي والتنظيمي مع اقتراب الانتخابات، وفق تقرير لمنصة economictimes.
وبعيدًا عن الانتخابات وموقف المرشحين وتأثير ذلك الموقف على سوق الكريبتو، تلعب العوامل الاقتصادية الكلية مثل التخفيضات المحتملة لأسعار الفائدة من قِبَل بنك الاحتياطي الفيدرالي دوراً مهماً أيضاً في سوق العملات المشفرة، فعندما يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة، فإنه يخفض عادةً تكلفة الاقتراض، ويحفز النشاط الاقتصادي ويعزز شهية المستثمرين للمخاطرة.
وغالباً ما تدفع أسعار الفائدة المنخفضة المستثمرين إلى نقل الأموال من حسابات التوفير التقليدية والسندات إلى أصول بديلة مثل العملات المشفرة أو المعادن بهدف تحقيق عوائد أعلى.
ووفق التقرير، فإنه تاريخياً، تفاعلت سوق العملات المشفرة بشكل إيجابي مع خفض أسعار الفائدة. وقد أشارت التصريحات الأخيرة لرئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول (في ندوة جاكسون هول) إلى نهج أكثر مرونة للسياسة النقدية، مما أدى بالفعل إلى مكاسب كبيرة في سوق العملات المشفرة، حيث وصلت عملة البيتكوين إلى مستويات مرتفعة جديدة.
ومع ذلك، فإن العلاقة بين خفض أسعار الفائدة والعملات المشفرة ليست مباشرة وتعتمد على عوامل مختلفة. وحتى الآن، يظل خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس على الأرجح في سبتمبر.
قد يظل المستثمرون على المدى الطويل يركزون على الإمكانات الأساسية للعملات المشفرة، وينظرون إليها باعتبارها تحوطًا ضد التضخم وانخفاض قيمة العملات التقليدية بسبب السياسات النقدية التوسعية.
تشكل تلك العوامل قوى دافعة ومُحركة لأداء سوق الكريبتو، لا سيما العملة الأكبر البتكوين خلال الشهور القليلة المقبلة، لتختتم عاماً مثيراً مليئاً بالزخم.
خفض الفائدة
وإلى ذلك، قال كبير الاقتصاديين في شركة "ACY" الأسترالية، الدكتور نضال الشعار، لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن:
تخفيض أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية يشجع المستثمرين على البحث عن بدائل تحقق لهم عوائد أعلى.
هذا التحفيز يدفعهم نحو تحمل مخاطر أكبر، مما يؤدي إلى زيادة اهتمامهم بالاستثمار في العملات الرقمية.
العملات الرقمية، رغم عدم تقديمها عوائد دورية ثابتة، توفر إمكانات لتحقيق أرباح رأسمالية، مما يرفع الطلب عليها ويؤدي إلى ارتفاع أسعارها.
رغم وجود منصات تقدم عوائد من خلال "الستيكينج"، حيث يتم تجميد العملات الرقمية لفترات محددة مقابل الحصول على عوائد تتراوح بين 1.5 بالمئة إلى 30 بالمئة، فإن هذه الطريقة تحمل مخاطر كبيرة بسبب تقلبات السوق العنيفة.
العملات المستقرة توفر أماناً أكبر، ولكن عوائدها تكون منخفضة، مما يجعلها خياراً بديلاً عند انخفاض أسعار الفائدة.
وأوضح الشعار أنه من المتوقع أن تستفيد بعض العملات الرقمية الأساسية مثل البيتكوين والإيثيريوم من تخفيض أسعار الفائدة، لكنه يعتقد بأن هذا التأثير لن يدوم طويلاً بسبب عدم الاستقرار والتقلبات الشديدة التي تهيمن على سوق العملات الرقمية.
مستقبل مشرق للأصول الرقمية
وفي ختام تصريحاته، لم يغفل الشعار الإشارة إلى تأثير الانتخابات الأميركية المقبلة، حيث قال إن فوز الرئيس السابق دونالد ترامب قد يكون له تأثير إيجابي على سوق العملات المشفرة. على الرغم من انتقاده لها في السابق، فإن موقفه الحالي كداعم للعملات المشفرة، مع توقعات بإمكانية إنشاء منصة مخصصة لها، قد يسهم في دعم السوق.
تقلبات
قال رئيس الأسواق العالمية في "Cedra Markets"، جو يرق، إنه يتوقع حدوث تقلبات ملحوظة في سوق العملات المشفرة خلال شهر سبتمبر؛ نظراً لوجود عدة عوامل مؤثرة مختلفة.
وبيّن ذلك بقوله في تصريحات لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية": السوق شهدت ارتفاعات قياسية لبعض العملات المشفرة، لا سيما البيتكوين التي قفزت إلى أكثر من 73 ألف دولار (عند قمتها التاريخية في مارس الماضي) وبفضل ثورة في الصناديق المتداولة (..) وقد كان دخول أموال جديدة إلى هذه الصناديق ملحوظاً في يوليو، ولكن هذا الزخم تباطأ في أغسطس، مما سيؤثر بشكل كبير على السوق.
أضاف يرق أنه في ألمانيا، كانت هناك عمليات مصادرة لبعض العملات المشفرة التي كانت مخصصة للبيع، بينما اتبعت بلدان أخرى النهج نفسه (..).
ويُنظر إلى العملات المشفرة باعتبارها عملات متقلبة عادة ما تشهد تذبذبات واضحة لا يُمكن التكهن بشكل علمي من علمي بأدائها من خلال التحليل الفني لأدائها ومستوياتها التاريخية.
وأشار رئيس الأسواق العالمية في "Cedra Markets"، إلى أن العملات المشفرة لم تثبت بعد نفسها كأدوات مالية فعالة للتحوط ضد الأسواق التقليدية، موضحاً أن أي ضغط أو تأثير على السيولة في السوق يمكن أن يسبب تقلبات حادة لهذه العملات، مما يؤدي إلى تذبذبات كبيرة في قيمتها.
وعبر يرق عن اعتقاده بأن العملات المشفرة ستتأثر بقرارات الفيدرالي الأميركي بشأن تخفيض الفائدة وتوقعاته الاقتصادية، موضحاً أن الأسهم والاقتصاد الأميركي عادةً ما يشهدان تقلبات أقل في سبتمبر. كما أشار إلى أن المخاطر وعدم الاستقرار الناجمين عن الانتخابات الأميركية قد يؤثران بشكل دقيق على سوق العملات المشفرة.
أثرياء العملات المشفرة
وارتفع عدد أصحاب الملايين من العملات المشفرة في العالم بنسبة 95 بالمئة خلال العام الماضي، مع ارتفاع صناديق الاستثمار المتداولة في البيتكوين وغيرها من الأصول المشفرة، وفقاً لتقرير جديد، وبما يلقي الضوء على الزخم الذي تشهده سوق الكريبتو.
وبحسب تقرير صادر عن شركة New World Wealth وشركة Henley & Partners، فإن هناك الآن 172.300 فردًا في جميع أنحاء العالم يمتلكون أكثر من مليون دولار من الأصول المشفرة، ارتفاعًا من 88.200 في العام الماضي. كما تضاعف عدد أصحاب الملايين من البيتكوين إلى 85.400.
ووفق تقرير لشبكة "سي إن بي سي" الأميركية اطلع موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" عليه، فإقد تزايدت صفوف أثرياء العملات المشفرة على سلم الثروة.
وفق التقرير، يوجد الآن 325 من أصحاب الملايين من العملات المشفرة (أولئك الذين تبلغ قيمة ممتلكاتهم من العملات المشفرة 100 مليون دولار أو أكثر)، و28 من أصحاب المليارات من العملات المشفرة.
يعكس هذا الارتفاع النمو السريع لصناديق الاستثمار المتداولة في البيتكوين، والتي تجاوزت الآن 50 مليار دولار من الأصول منذ إطلاقها في يناير، والتي أثارت موجة من المشاركة المؤسسية.
ارتفع سعر البيتكوين بنسبة 45 بالمئة هذا العام. ومع ارتفاع قيمة العملات الأخرى، ارتفعت القيمة السوقية للأصول المشفرة إلى 2.3 تريليون دولار، وفقًا لهينلي، ارتفاعًا من 1.2 تريليون دولار في الصيف الماضي.