صدر عن وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال القاضي محمد وسام المرتضى بيان جاء فيه: "في اليوم التالي لصدور قرار منظمة اليونسكو بمنح قلعة شمع الحماية المعززة ضد العدوان الإسرائيلي، بناءً على طلب وزارة الثقافة اللبنانية، شكّل مقتل "المؤرخ" الصهيوني زئيف إيرليخ في مقام النبي شمعون، بعد دخوله إليه ضمن فرقة عسكرية غازية، حدثًا ذا معانٍ كثيرة. أوّلًا، إنّ مجرد دخول الصهاينة إلى هذا المقام، ولو بصورة مؤقّتة، يُمثّل انتهاكًا صارخًا لقرار اليونسكو، ويُعبّر عن العنجهية الإسرائيلية التي، بدعم داعميها المعروفين، لا تقيم وزنًا للمجتمع الدولي ومنظّماته ومواثيقه وقوانينه، ولا سيما القانون الدولي الإنساني الذي تُمزّق إسرائيل أحكامه كل دقيقة. وما قرار محكمة العدل الدولية أمس بإصدار مذكرتي اعتقال بحق مجرمي الحرب، رئيس وزراء العدو ووزير حربه المقال، سوى تأكيد على الطبيعة الإجرامية لهذا الكيان وقياداته ومستوطنيه، وهذا ما بات مفتضَحًا أمام العالم كلّه. ثانيًا، إنّ مقتل المستوطن زئيف إيرليخ، المسمّى زورًا مؤرّخًا، في بلدة شمع التي دخل إليها قبل أيام حاملاً سلاحه ومرافقاً قائد فرقة من جولاني، كان قد استجلبه ليقوم بتصويره في داخل مقام النبي شمعون، ولكي يقوم وإياه بعملية مسرحية مفادها أن هذا المقام تراث إسرائيلي، وأن الأرض القائم عليها هي أرض إسرائيلية، إن مقتل هذا المزوّر للتاريخ يؤكّد أن الكيان المغتصب ليس دولةً وليس فيه مدنيون. بل كل من ينتمي إليه عسكريٌّ مقاتل يمتهن الإجرام والسلب والتزوير والتدمير، حتى ليستوي في ذلك المتعلِّم والجاهل، الرجل والمرأة، السياسي والجندي. ثالثًا، إنّ الغاية المعلنة من دخول هذا الجندي المزوّر إلى مقام النبي شمعون في بلدة شمع، وهي البحث عن أدلة تاريخية مرتبطة بأرض إسرائيل، تؤكّد مرة أخرى الطبيعة التوسّعية العدوانية لهذا الكيان، الذي لن يكتفي باحتلال فلسطين أرضًا وتاريخًا وتراثًا، بل هو ساعٍ أيضًا إلى احتلال لبنان أرضًا وتاريخًا وتراثًا، إن استطاع إلى الأمر سبيلًا. وهذا يضعنا نحن اللبنانيين جميعًا أمام تحدي الاقتناع بهذه الحقيقة، أنّ إسرائيل شرٌّ متربِّصٌ بنا، وعدوٌّ لن يستكين حتى يدمِّرَ صيغة عيشِنا الواحد، وهذا يوجب علينا بالضرورة أن نتشبّث بحقّنا الوطني وبواجبنا في الدفاع عنه بكل وسيلة ممكنة، وأوّلها الوحدة الوطنية والالتفاف حول المقاومة بوجوهها كافة، العسكرية والأمنية والثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية. رابعًا، كما ينبغي التأكيد في هذا الخصوص على أنّ التاريخ الإسرائيلي المزعوم في بلادنا ليس سوى أسطورة لا تمتّ إلى الحقيقة التاريخية الصحيحة بصلة. فعبثًا يفتش الصهاينة في فلسطين ولبنان وكلِّ المنطقة عن أي أثرٍ تاريخي يمكن أن يُعزى إليهم. إنهم غرباء جيءَ بهم إلى بلادنا ليكونوا ثكنةً عسكرية ذاتَ وظيفة تدميرية تتجاوز الحجر إلى البشر والحضارة. خامسًا، إنّ المقاومين الأبطال، حين أجهزوا على "المؤرخ" المزوّر، قالوا له برصاصات بنادقهم: ما تبحث عنه من أدلّة لن تجده، وما تسعى إلى تزويره لن يكون، وكلُّ من يطأ أرضَنا غازيًا، ويحاول انتحالَ تاريخنا وحضارتِنا ومعالمِنا وموروثنا المادي والمعنوي، لن يصادفَ منا سوى حتفِه الأكيد".