اعتبر البطريرك الماروني الكردينال مار يشارة بطرس الراعي أن مناسبة الاستقلال هي محطة للتأكيد أن اللبنانيين “أقوى من كل الحروب”، وقال في كلمة ألقاها بهذه المناسبة:


“نحن في عيد الاستقلال وفي القلب غصّة على ما يصيب لبنان من ويلات الحرب والطغيان يوازيها غصّة أخرى على غياب رأس الدولة للسنة الثالثة والامعانِ في استغيابه واستمرارِ الفوضى في ممارسة السلطة وعمل المؤسسات.


نسأل الله الرجاء والسلام للبنان، وتوحيد إرادة اللبنانيين الوطنية وايمانهم بوطنهم. فتوحيد إرادتهم وسيلة فعّالة لمواجهة المأساة الوطنية التي نعيشها، مأساة القتل، والحرب والتدمير والتشرّد والنزوح.


بالرجاء نواجه أسباب اليأس والضيق، وبالتشجيع نكمل مسيرتنا معاً، وبتوحيد الارادة نجدّد ميثاقنا الوطني، وعيشنا الواحد، ونقوى على كل التحديات. ان لبنان لا يقوم الا بهذه الارادة الواحدة المشتركة، والاستقلال هو ثمرة هذه الارادة، ولا ديمومة له اذا ما تراخت أو انحلّت.


ان لبنان المستقل هو لبنان الواحد الموحّد على رسالة حضارية انسانية، تؤكد أنه مختبر لقاء الثقافات والاديان، ومكان الحوار الانساني الواسع، بفضل حياده الإيجابيّ الناشط. لم يكن لبنان يوماً الا كذلك، وعلى اللبنانيين جميعاً التمسك بهذه الخصوصية، التي ميّزتهم وميّزت وطنهم على مستوى المنطقة والعالم. انهم مدعوّون، في مناسبة عيد الاستقلال المصبوغ أكثر بدماء الشهادة هذه السنة، الى تجديد ثقتهم بهذا الوطن الفريد، وببعضهم البعض مهما اختلفت الآراء والتباينات السياسية والطائفية، انهم لبعضهم وكلّهم للبنان الذي يحتاجهم.


ان مناسبة الاستقلال هي محطة للتأكيد أن اللبنانيين أقوى من كل الحروب، وأنهم أكثر تجذراً بأرضهم وأكثر رسوخاً وتعلّقاً بوطنهم، وأكثر تمسكاً بوحدتهم ضمانة مستقبلهم. اننا نصلّي كي تزهر دماء الشهداء استقلالاً حقيقياً ناجزاً تحصّنه دولة القانون والمؤسسات، على رأسها رئيس للجمهورية يعمل على تعميق الوحدة واعادة البناء والاعمارواستعادة الثقة الداخلية والخارجية واطلاق ورشة الاصلاح والنهوض. ونسأل الله أن يزرع في نفوس جميع اللبنانيين روح الرجاء والامل وارادة التضامن والوحدة”.