"" – وليد خورياغتيال السيد حسن نصرالله، الشهيد الأسمى والأقدس لحزب الله، مثّل صدمة كبرى في المشهد السياسي اللبناني والإقليمي. لكن إذا كان الهدف من هذا الاغتيال هو إضعاف الطائفة الشيعية أو تفكيك مشروعها السياسي والعقائدي، فإن الوقائع والتاريخ يشيران إلى عكس ذلك تماماً. الطائفة الشيعية في لبنان ليست مجرد مكوّن عابر في تركيبة البلاد، بل هي عنصر أساسي ومحوري في المعادلة السياسية والاجتماعية. اغتيال نصرالله لن يكون النهاية، بل سيُعمّق الالتفاف الشعبي حول الحزب، وسيحوّل دماءه إلى رمز للصمود ومصدر إلهام لمشروع يمتد من طهران إلى بيروت. قال نصرالله في أحد خطاباته: "عندما نستشهد، نترك خلفنا آلاف الحسن نصرالله"، في إشارة إلى أن المقاومة لا تتوقف عند الأفراد، بل تستمد قوتها من الفكرة والمشروع. دماء القادة في لبنان كانت دائماً نقطة انطلاق نحو التماسك وتعزيز الهوية الطائفية والسياسية. كما أثبتت دماء كمال جنبلاط في ترسيخ زعامة وليد جنبلاط للطائفة الدرزية، ودماء بشير الجميل في تعزيز رمزية القوات اللبنانية، ودماء رفيق الحريري في تكريس حضور الطائفة السنية رغم التحديات. الطائفة الشيعية ليست استثناء، بل هي نموذج فريد يجمع بين العمق العقائدي والدعم الإقليمي، ما يجعلها عصية على الكسر. اغتيال نصرالله ليس حدثاً محلياً فحسب، بل هو استهداف لمشروع كامل. ومع ذلك، التاريخ يُظهر أن مثل هذه العمليات لا تُضعف الطوائف أو الأحزاب، بل تعزز من صمودها. وأضاف نصرالله في خطاب آخر: "موتنا حياة لأمتنا، ودماؤنا أمانة ستبقى تُحرّك الأجيال". هذا المفهوم يُبرز كيف أن الاستشهاد يُعزز من رمزية القادة، ويحولهم إلى مصدر إلهام لشعوبهم. اغتيال السيد نصرالله حوّله إلى أيقونة رمزية تجمع حولها الطائفة الشيعية، معززةً من تماسكها ودورها في المشهد السياسي اللبناني. كما أن ارتباط حزب الله بمحور إقليمي قوي يمنحه القدرة على التكيف مع التحولات. الاغتيال لن يُنهي الحزب، بل سيجعله يعيد تعريف نفسه وأهدافه، مستفيداً من قاعدة شعبية شيعية متينة، وداعمين من طوائف أخرى يرون فيه شريكاً في رؤى سياسية مشتركة. وقال نصرالله يوماً: "نحن أمة لا تضعف بقتل قادتها، بل تزداد إصراراً على الطريق"، وهذه العبارة تلخّص استراتيجية الطائفة الشيعية وحزب الله في مواجهة الضغوط والتحديات. الطائفة الشيعية تدرك أن مشروعها أكبر من الأفراد، وأن استشهاد قادتها ليس نهاية الطريق، بل بداية جديدة تحمل المزيد من الصمود. الحرب التي استهدفت نصرالله لن تكون النهاية. الطوائف التي نجحت في الصمود تحت الضغوط، خاصةً الطائفة الشيعية، أثبتت أنها قادرة على النهوض مجدداً. دماء نصرالله لن تُضعف الحزب، بل ستزيده قوة ورسوخاً. في النهاية، الطائفة الشيعية ليست مجرد لاعب محلي، بل هي جزء من منظومة إقليمية لديها امتداد فكري وسياسي يجعلها عصية على الكسر. اغتيال نصرالله سيُخلّد رمزيته ويُثبت مرة أخرى أن الشيعة لن يقتلوا مشروعهم مرتين.