بغضّ النظر عن دوافع توقيف الحاكم السابق للمصرف المركزي، رياض سلامة، بقرار من النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار، بتهمة اختلاس المال العام، فإن استمرار توقيفه منذ أشهر، رغم التحقيقات المستفيضة والمستندات والدراسات القانونية التي قدمها وكيله، المحامي مارك حبقة، والتي تبين أنه لا يوجد مال عام في هذا الملف، يثير الريبة والشك في خلفيات قرار إبقائه موقوفاً.وكان قاضي التحقيق الأول في بيروت، بلال حلاوي، قد اختتم منتصف الشهر الماضي التحقيقات في ملف حساب الاستشارات في مصرف لبنان، حيث استمع إلى إفادات كل من سلامة والمحاميين مروان عيسى الخوري وميشال تويني، وقرر ترك الخوري وتويني مقابل كفالة مالية، أما سلامة فأبقي موقوفاً، وقد تم استئناف قرار إخلاء سبيل المحاميين من قبل النيابة العامة المالية، على أن يعمد قاضي التحقيق إلى إصدار قراره الظني في هذا الملف لاحقاً.وفي مفاجأة جديدة، أصدرت القاضية السابقة غادة عون، في آخر لحظات قبل إحالتها إلى التقاعد، سلسلة من الدعاوى والملاحقات القضائية التي استهدفت قطاعات اقتصادية ومالية حيوية في لبنان، لا سيّما القطاع المصرفي. واحدة من هذه الدعاوى، التي وقّعتها في 28 شباط 2025، أي في آخر يوم عمل قبل تقاعدها، شملت رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي وشقيقه رجل الأعمال طه ميقاتي، وحاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، وبنك "عودة" ممثلاً برئيس مجلس إدارته سمير حنّا، بتهمة "تبييض الأموال"، وأحالت الملف إلى قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان، نقولا منصور، وطلبت التحقيق معهم واستجوابهم وإصدار المذكرات القضائية اللازمة بحقهم. هذه الإجراءات أثارت العديد من علامات الاستفهام حول الأسباب والخلفيات، وكذلك حول توقيت اتخاذها.وفيما يتعلق بالادعاء على الحاكم السابق لمصرف لبنان، أكد المحامي مارك حبقة، الذي يتابع قضية سلامة، أن "التوقيف هو أمر سياسي بامتياز". وأضاف: "ما هو هذا الملف المهم والضخم الذي استدعى أن يبقى شخص في مكتبه حتى آخر ساعات الليل في آخر يوم من دوامه؟ لماذا لم تقم القاضية عون باتخاذ أي إجراء سابق؟".وأكد حبقة أنه "لا مفاعيل قانونية لهذا الادعاء، لأن هناك قراراً واضحاً من مدّعي عام التمييز بكف يد القاضية عون عن هذه الملفات. وبالنسبة لموكلي، هناك قرار من الهيئة الاتهامية بأن لا يحق لها اتخاذ أي إجراء بحقنا، وذلك منذ أن تقدم السيد رياض سلامة بدعوى مخاصمة ضدها، وبالتالي، كل هذه الإجراءات باطلة".وتابع، "غدًا، أمام قاضي التحقيق، سيتم البت في هذه الأمور".