منذ أن دخل إتفاق وقف إطلاق النار في لبنان حيز التنفيذ والولايات المتحدة الأميركية المعنية الرئيسية بالإشراف عليه وتطبيقه إلى جانب القرار ١٧٠١ تتجاهل ما تقوم به إسرائيل من أعمال عدائية وعدوانية بما في ذلك توسيع إحتلالها للأراضي اللبنانية والاغتيالات والتفجير والتدمير والتجريف وبناء التحصينات ووضع الأسلاك الشائكة وحفر الخنادق. 


وبالرغم من كل هذه الخروقات كانت لجنة المراقبة الدولية التي يرأسها جنرال أميركي كانت طيلة تلك الفترة غائبة أو ربما مغيّبة عن قصد ولا تحرك ساكنا تجاه الممارسات الصهيونية، واللجنة الخماسية التي تضم سفيريّ اميركا وفرنسا الراعيتين للاتفاق تغرق في سبات عميق، وقوات الطوارئ الدولية “اليونيفل” تكتفي بتعداد الخروقات التي تجاوزت الألفي خرقا في ثلاثة أشهر ونيف.


بالأمس، تبدل المشهد بسحر ساحر، فشهد لبنان صحوة أميركية ودخل جميع المعنيين على خط التهدئة ووضع الآليات التي تعيد الأمور إلى نصابها جنوبا، فتحركت لجنة المراقبة الدولية تجاه رئيس الجمهورية جوزاف عون الذي بذل مجهودا مضنيا في الاتصالات ومحاولات الضغط لمنع إسرائيل من الاستمرار في إعتداءاتها، وتبلغ منها نية العدو الإفراج عن خمسة لبنانيين إختطفتهم خلال الحرب، وتحركت اللجنة الخماسية باتجاه رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي شدد أمامها على أن “لبنان قام بما هو متفق عليه، وعلى الدول الراعية الضغط على إسرائيل للالتزام بالاتفاق”، كما عقدت لجنة المراقبة إجتماعاً في الناقورة وناقشت تعزيز التنفيذ الكامل للقرار 1701، والتطبيق الكامل لترتيب وقف الأعمال العدائية، بالاضافة الى الخطوات المقبلة لمعالجة القضايا العالقة بين إسرائيل ولبنان.


في غضون ذلك أطلت المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس على قناة الجديد مع الزميلة جوزفين ديب بعد غياب طويل منذ أن تعهدت في ٧ شباط الفائت بإنسحاب إسرائيل عند إنتهاء المهلة الممددة في ١٨ منه ولم تف بتعهداتها وتوارت عن الأنظار، وهي أشارت إلى الجهود التي تبذلها أميركا لتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار وتنفيذ القرار الأممي، وإعادة الإعمار الذي يفترض أن يكون بيد الدولة اللبنانية.


واللافت أن كل هذا الحراك إختصر بثلاث لجان واحدة لدراسة النقاط ال١٣ المتنازع عليها بين لبنان وإسرائيل، ولجنة للبحث في آلية الانسحاب الإسرائيلي من النقاط الخمس والمناطق المحتلة، ولجنة لترسيم الحدود اللبنانية الفلسطينية بحسب إتفاق الهدنة في العام ١٩٤٩، وهو أحد بنود القرار ١٧٠١.


في الشكل، فإن ما حصل يدخل في المنحى الايجابي الذي يسجل لجهود رئيس الجمهورية جوزاف عون، أما في المضمون فإن العبرة تبقى في التنفيذ، وفي الضغط الأميركي على إسرائيل للالتزام بما تمّ الاتفاق عليه وعدم المماطلة أو إيجاد الذرائع والمبررات لاستمرار إحتلالها، خصوصا أن عملية الانسحاب لا تحتاج إلى لجنة بل يمكن أن تتم خلال إسبوع إذا كانت النوايا صادقة.


أول الإشارات بعد كل هذه التحركات لم تبشر بالخير، فلم يكد يجف حبر البيانات التي صدرت أمس، حتى خفّض العدو عدد المفرج عنهم من خمسة إلى أربعة فاكتفى بإطلاق المدنيين ولم يفرج عن الجندي اللبناني الذي إختطفه بالأمس وأبقى على عناصر حرب الله، كما إستأنف عدوانه على الجنوب، فاستهدفت مسيّراته المعادية سيارة على طريق النهر (دير الزهراني – حومين الفوقا) ما أدى إلى إستشهاد مواطنين إثنين، ما يؤكد أن النوايا الاسرائيلية مستمرة في خبثها، خصوصا أنّ الشيطآن يكمن في التفاصيل، ما يضع الدول الراعية واللجنة الخماسية أمام مسؤولياتها هذه المرة، بالرغم من كثير من التساؤلات عن القطبة المخفية التي حرّكت الجميع دفعة واحدة لتنفيذ الاتفاق والعمل على تبريد أجواء المنطقة بعد التفاهمات التي تشهدها سوريا بعد المجازر التي إرتكبت في الساحل.




Related Posts

  1. ضم وفرز إسرائيلي جنوبا ونزوح وتوتر شمالا.. وغياب حكومي!.. غسان ريفي
  2. لبنان يحتاج الى صدمة سعودية إيجابية!.. غسان ريفي




The post صحوة أميركية تجاه لبنان لتطبيق الإتفاق.. ومؤشرات لا تبشر بالخير!.. غسان ريفي appeared first on .