لا يفتح تحديد موعد جلسة لمجلس الوزراء يوم الخميس المقبل، في قصر بعبدا، الطريق لإقرار تعيينات أمنية وعسكرية منتظرة، بعد التداول على نطاق واسع بالأسماء المطروحة لملء المراكز الشّاغرة، إنّما يطرح مواجهة تحديّات أمنية داهمة باتت لا تحتمل التأجيل أو التسويف في بلدٍ لا يملك ترف انتظار وتضييع المزيد من الوقت.
فقد كشفت تطوّرات الأيّام القليلة الماضية الحاجة الملحّة لإقرار التعيينات العسكرية والأمنية على مستوى القيادة في كلّ من الجيش اللبناني وأجهزة الأمن العام وأمن الدولة والأمن الدّاخلي، لمواجهة تحديّات أمنية باتت تشكّل خطراً مباشراً على الإستقرار الهشّ في البلد، وتسهم في احتواء التداعيات المتلاحقة شمالاً وجنوباً.
جنوباً، باتت الإنتهاكات الإسرائيلية المستمرة لاتفاق وقف إطلاق النّار، الذي أُقرّ في 27 كانون الأوّل الماضي وجرى تمديده مرتين لاحقاً، تشكّل تهديداً مباشراً للإتفاق بعد تحوّل هذه الإنتهاكات العدوانية إلى مشهد يومي على شكل غارات تمتد جنوباً وبقاعاً، مع استمرار الطيران الحربي الإسرائيلي في انتهاكه الأجواء اللبنانية يومياً بما فيها أجواء العاصمة بيروت، وسقوط شهداء وجرحى والتسبّب بأضرار جسيمة، مع الخوف من عودة مشاهد الحرب مرّة ثانية، فضلاً عن الحؤول دون عودة أكثر من 100 نازح إلى قراهم وبلداتهم في الجنوب.
أمّا شمالاً، فالخطر الذي تسبّب به نزوح آلاف الأشخاص من السّاحل السّوري بعد التطوّرات التي شهدها نهاية الأسبوع الماضي، جعلت هاجس الوضع الأمني في مناطق الشّمال، وتحديداً في الأحياء والبلدات العلوية بطرابلس وعكّار، يتقدم على ما عداه من هواجس، ودفعت الجيش وبقية القوى الأمنية إلى الإستنفار، واتخاذ تدابير حازمة منعاً لحصول أيّ توترات بعد وقوع إحتكاكات كادت تجعل زمام الأمور يفلت.
“حُكم الضرورة” الذي يُلزم الحكومة أن تبادر إلى إقرار التعيينات في المناصب العسكرية والأمنية في جلستها بعد غد الخميس، يلزمها وإنْ بشكل أقل نسبياً إلى إقرار التعيينات في المناصاب الإدارية الشّاغرة، وعددها كبير، من أجل تسيير شؤون الدولة والإدارات العامّة بشكل افضل، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى جهود جبارة لإخراجها من قاع الأزمات الإقتصادية والمالية والإجتماعية الذي وقعت فيه بعد أحداث 17 تشرين الأوّل من العام 2019، ولم تخرج منه بعد.
لكنّ هذه التعيينات الإدارية تصطدم بمخاوف من أن تكون قائمة على منطق وواقع “المحاصصة” المعتاد بين القوى السّياسية النافذة، وأن تكون بعيدة عن معيار الكفاءة المطلوب، وهي مخاوف لم يُخفّف منها الإعلان بأنّ الحكومة ستقر في جلستها المقبلة “الآلية” التي ستعتمدها في هذه التعيينات، والخشية من أن ينسحب “معيار” تأليف الحكومة على “معيار” التعيينات المرتقبة، بما يجعل الآمال التي عُلقت على انطلاقة مختلفة للعهد الجديد تتبدد سريعاً.
The post الحكومة بين تعيينات الضرورة وتعيينات المحاصصة!.. عبدالكافي الصمد appeared first on .