بعد حملات اللوم والتقصير تجاه المؤسسات الإعلامية اللبنانية وتغطيتها على مدار عام منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، أحيا توسع العدوان الإسرائيلي همّة الإعلام اللبناني للتغطية والتواجد في الميدان السياسي والحربي والإجتماعي. وكانت التغطية الإخبارية لقناة "الجديد"، ومحاولة تبييض الوجه في تقصيرها الإعلامي، ومحدوديتها في التغطية الجنوبية لمدة عام، لافتة في الأسابيع الماضية.
وفي الفترة المسائية قبل وبعد نشرة الأخبار الرئيسية، تتابع الجديد "عدوان أيلول" بمختلف جوانبه حتى منتصف الليل. وخصصت فقرة "حَكي عِبري" مع الأسير السابق والمتخصص في الشؤون الإسرائيلية نبيه عواضة، للغوص في خبايا الإعلام الإسرائيلي، إضافة إلى التداعيات الإقتصادية للحرب، بجانب فقرة لتدقيق المعلومات يعدها ويقدمها نعيم برجاوي، وهي فقرة كانت تعرض من وقت إلى آخر قبيل اندلاع الحرب، وفُعّلت أيضاً من أجل التدقيق بالأخبار، خصوصاً المعلومات المضللة التي تننشر كالإنذارات الكاذبة. وأوضحت الإعلامية في القناة ريمان ضو في حديث مع "المدن"، أن القناة " قبل توسع العدوان وضعت خططاً لمواكبة العدوان الاسرائيلي في حال توسعه، والذهاب الى سيناريو الحرب الشاملة، إعلامياً وتقنياً. ومع بدء العدوان جرى تطبيق هذه الخطة عبر تغطية العدوان في الجنوب والبقاع، إضافة الى الضاحية الجنوبية لبيروت من خلال تثبيت كاميرا في أحد المواقع المطلة على الضاحية، إضافة إلى مواكبة أوضاع النازحين واحتياجاتهم". وتقدم ضو فقرة عسكرية من إعدادها، تتناول فيها الوضع على الجبهة الجنوبية، مع محللين وجنرالات سابقين مثل حسن جوني، وغيرهم، ينطلقون منها من توغل العدو الإسرائيلي في القرى الحدودية، وبيانات المقاومة وغرفة عملياتها في جردة مسائية، ما أثار تساؤلات بشأن استنساخ الفقرة من قناة "الجزيرة" ومحللها الشهير فايز الدويري. وعلقت ضو: "نعم تشبه الدويري. وهي أصلاً فكرة قديمة تم اعتمادها في كثير من وسائل الإعلام الدولية خلال الحروب والنزاعات. وهدفها إخبار المشاهدين حقيقة ما يجري على أرض الجنوب، وتتضمن تفكيك البيانات الصادرة عن حزب الله، من خلال تطعيمها بآراء خبراء متخصصين". إلى ذلك، تولي القناة هامشاً واسعاً لتغطية أوضاع النازحين الذين يشكلون أولوية خلال متابعة الحرب، للاضاءة على معاناتهم ومواكبة المساعدات الدولية التي تصل إلى لبنان. ويومياً تنقل القناة من مراكز الإيواء مباشرة على الهواء في جميع مراكز التي افتتحت في معظم المناطق اللبنانية، إضافة إلى إعداد تقارير إخبارية خلال نشرات الأخبار. لكن، تعرّض بعض مراسلي القناة إلى انتقادات بسبب طرح أسئلة غير ملائمة، فيما اخترق البعض منهم خصوصية الأفراد، وأحدثوا إرباكاً معيناً على الأرض. وأشارت ضو إلى أن "أكثرية مراسلي قناة الجديد غير مدربين لمواكبة الحرب وهم ليسوا مراسلين حربيين، لكنهم استطاعوا مواكبة الحرب في معظم المناطق. وربما تختلف التغطية بين مراسل وآخر، وتلعب الخبرة دورها، كما أن لكل مراسل أسلوبه الخاص وطريقته بالتغطية الاعلامية. وهناك توجيهات من رؤساء التحرير حول معايير مهنية معينة واستخدام التعابير الصحيحة اضافة الى أسس السلامة وعدم التعرض للخطر".
"محرومة من العلاج".. رسالة من نازحة إلى وزير الصحة@zahraafardoune pic.twitter.com/1reMAlmdHT
— Al Jadeed News (@ALJADEEDNEWS) November 20, 2024
من جهتها، قالت مراسلة القناة ليال أبو موسى لـ"المدن": "يتوزع مراسلو القناة بين الميدان واستديوهات المحطة، وتختلف التجربة بين مراسل وآخر، خصوصاً أن القناة ضمت لكادرها القديم مراسلين جدد، ربما يفتقر بعضهم لخبرة التغطية الحربية"، مضيفة أن "دور المراسلين الجدد، هو نقل العدوان وتداعياته على الأرض، وهم على تماس مع الخبر، ويراكمون خبرات واسعة". أما وحدة الاستقصاء في غرفة عمليات "الجديد"، فتغوص في العمق وتلاحق قضايا وحقوق الناس". وتتخصص أبو موسى، وزملاؤها رياض قبيسي وهادي الأمين، في فقرة "غرفة العمليات" عند الساعة العاشرة مساءً يومياً. وشرحت المراسلة أن "الفقرة مخصصة للمحاسبة، التي هي أساسية في عدوان اليوم، خصوصاً في ما يتعلق بحجم المساعدات التي تأتي إلى لبنان. وفي الأزمات والحروب عندما نعتمد على المساعدات من الدول المانحة، لا نعرف أين توزع؟ فيما نشاهد أن المواطنين لا تصلهم اي مساعدات، أو يصلهم القليل منها".وأكملت أبو موسى: "هدفنا متابعة قضايا الناس وشكاوى النازحين. نحاول ملاحقة مصير هذه المساعدات". مضيفة أنه "خلال الحرب تحصل سرقات من الدولة، فهي غائبة عن دورها حتى في السِّلم، وخطوطنا المباشرة بين المواطنين والنازحين وصنّاع القرار توصل الشكاوى بشكل أسرع وربما يُعالج بعضها".
#هادي_الأمين و #رياض_قبيسي يتابعان قضية خطف #عماد_امهز ومعطيات جديدة تكشف عن التحقيقات #عدوان_ايلول @riadkobaissi @Hadialamine pic.twitter.com/WR923t9l7e
— Al Jadeed News (@ALJADEEDNEWS) November 20, 2024
وبحسب أبو موسى، "تزور غرفة عمليات الجديد، غرف لجان الطوارىء المستحدثة من قبل الدولة، لمعرفة تفاصيل ما يحدث. ومتابعتنا لا تقتصر على الهواء، بل نتابع العديد من الشكاوى تحت الهواء". وأشارت أبو موسى إلى أن "الحرب لها تداعيات كبيرة، من هنا يجب أيضاً متابعة قضايا الفئات المهمشة، كحالات السجون، والسجناء الذين تزداد مأساتهم خلال الحرب. وكذلك الأشخاص من ذوي الإعاقة ودور وزارة الشؤون الإجتماعية. من الواضح أننا كنا نتعامل منذ عام على أن الحرب لن تتوسع، ونرى تبعات الأمر، فالقصص البديهية التي يجب أن تكون جاهزة هي موضوع الإيواء، وتأمين الفرش، والأغطية وخطة التدفئة للشتاء لم تكن جاهزة". وهنا، خصصت "الجديد" فقرة أسبوعية، تهتم بالشأن التربوي خلال الحرب، والخطة التربوية التي وضعت النازحين في وجه أساتذة المدارس، وقرارات وزارة التربية. وفي بداية الحرب قبل عام، كان تركيز المُشاهد اللبناني منصباً على متابعة قناة "الجزيرة" و"التلفزيون العربي" تحديداً، لمعرفة مجريات العدوان والميدان سواء في غزة ولبنان. اليوم نقل المشاهد اللبناني عينه إلى تغطية القنوات المحلية، وأخذت القناة حيزاً واسعاً من المتابعة اليومية، وتفاعلاً كبيراً في مواقع التواصل الإجتماعي.وقالت ضو: "بالفعل باتت قناة الجديد هي القناة المحلية الأولى التي تتم متابعتها، لما استطاعت أن تثبت مصداقيتها، أولاً بنقل الخبر، من خلال إيلاء صدق الخبر على حساب السرعة. إضافة الى تغطية العدوان الاسرائيلي في المناطق التي طاولها العدوان مثل الشوف أو جبيل وكسروان والقماطية وصيدا وغيرها من البلدات". مضيفة: "نقلت القناة كل الآراء اللبنانية لمعظم الأحزاب السياسية. وباتت شاشة الجديد موجودة في كل بيت وبات موقع وتطبيق الجديد ومواقع التواصل الاجتماعية هي الأكثر انتشاراً". وفي سؤال عن الضرر الإقتصادي والإعلاني بتوقف البرامج الترفيهية والإجتماعية، قالت ضو: "تم ايقاف اي نوع من الإعلانات واستمرت التغطية لأسابيع من دون أي فواصل. حالياً هناك عدد من الإعلانات، التي تراجعت بطبيعة الحال مقارنة مع فترات ما قبل الحرب. الأولوية كانت لتغطية الحرب وفتح الهواء مباشرة لمواكبة الاعتداءات الإسرائيلية".