تفاصيل استراتيجية كثيرة ترافق معركة "ردع العدوان" في يومها الخامس. فمن داخل مدينة حلب، استكملت الفصائل السيطرة على المناطق الخارجة عن سيطرتها، ووجّهت ثقلها نحو ريفها الشرقي لتصل الحدود الإدارية لمحافظة الرقة. بينما التقت بفصائل الجيش الوطني القادمة من مدينة الباب، لتصبح مدينة حلب متصلة بمناطق درع الفرات، الخاضعة للنفوذ التركي.وفي ظل ذلك التوسّع، يمكن القول إن محافظة حلب، على بعد ساعات من خلوها من التواجد الروسي والإيراني وقوات النظام بشكل شبه كامل، وإعلان السيطرة عليها، باستثناء مناطق سيطرة الأكراد.مرحلة "التأمين"ويمكن وصف اليوم الخامس بأنه يوم "التأمين" بامتياز. فقد استكملت الفصائل المعارضة بقيادة تحرير الشام، السيطرة على المناطق الخارجة عن سيطرتها داخل مدينة حلب. كان أبرزها تلك القلاع المحصنة المتمثلة بالكليات الحربية والأكاديمية العسكرية، في الغرب، والجنوب الغربي، بعد معارك عنيفة دفعت قوات النظام للانسحاب نحو مطار النيرب العسكري، والريف الشرقي.وكذلك، فقد وسّعت سيطرتها نحو المناطق التي انسحبت منها قوات النظام لصالح الوحدات الكردية، وبسطت نفوذها على مخيم حندرات وسجن حلب المركزي والمدينة الصناعية ومدرسة المشاة، بعد معارك عنيفة مع تلك الوحدات، لتصبح الأخيرة محاصرة ضمن الأحياء التي تقدمت عليها، مع حي الشيخ المقصود، الذي يخضع لسيطرتها بالأساس. وأصبحت تواصل الوحدات الكردية مقطوعاً بمناطق سيطرتها في تل رفعت.وتكرر مشهد "التأمين" في محافظة إدلب، فقد أعلنت غرفة عمليات "ردع العدوان" السيطرة على جبل شحشبو الاستراتيجي في ريف حماة الشمالي الغربي. وتهدف الخطوة لتأمين مناطق سيطرة الفصائل في جبل الزاوية في جنوب إدلب، والمتصل بذلك الجبل الاستراتيجي. يُذكر أن محافظة إدلب بالكامل أصبحت تحت سيطرة الفصائل. وأعلنت "الغرفة" ذلك رسمياً الأحد، فيما كانت "المدن"، قد أعلنت ذلك السبت.الربط مع "درع الفرات"وبالعودة إلى مدينة حلب، فقد أصبحت مناطق سيطرة الفصائل المعارضة داخلها، مربوطة بمناطق سيطرة "الجيش الوطني" في منطقة درع الفرات، بدءاً بمدينة الباب. وتحقّق ذلك بعد إطلاق الجيش الوطني معركة "فجر الحرية"، وسيطرته على إثرها على مناطق شاسعة في الريف الشمالي الشرقي، أبرزها مطار كويرس، وذلك جنباً إلى جنب، مع توسع سيطرة تحرير الشام في مدينة حلب، وسيطرتها على المدينة الصناعية في الشيخ نجّار. وتقول مصادر متابعة لـ"المدن"، إن الفصائل لا تريد إعلان ذلك الربط، خوفاً من تدفق المدنيين النازحين من مناطق "درع الفرات" إلى منازلهم في مدينة حلب، ذلك أنها تتحسب من وجود خلايا وفلول لقوات النظام ومن الوحدات الكردية، قد تستهدفهم. وتشير المصادر إلى أن مرحلة تأمين الطريق قد تستغرق ساعات، أو أيام قليلة، ضمنها إزالة الألغام.حصار حلبوفي خضم تلك التفاصيل الاستراتيجية، برز تفصيل مؤجل الإعلان عنه، وهو إعلان السيطرة الكاملة على محافظة حلب.فالفصائل خلال مرحلة "التأمين"، تقدمت نحو الريف الشرقي، ووصلت إلى منطقة الخفسة الواقعة على ضفاف نهر الفرات، وبالتالي أصبحت ضمن الحدود الإدارية لمحافظة الرقة. وفي الريف الجنوبي، سيطرت على منطقة خناصر، وقطعت طريق أثريا- خناصر، وبالتالي قطع أي وصول للنظام وقواته إلى مدينة حلب. وكانت الفصائل قد قطعت الطريق الرئيسي "إم5".وتقول مصادر متابعة لـ"المدن"، إن الفصائل تنتظر بسط كامل نفوذها على الريف الشرقي والجنوبي، لإعلان السيطرة على محافظة حلب كاملة، وقطع أي وصول للنظام، لكنها في هذه الأثناء، تسمح لمن يرغب بمغادرة مدينة حلب، بمن فيهم عوائل ضباط النظام وعناصره.يُشار إلى أن إعلان السيطرة الكاملة على المحافظة بحدودها الإدارية، بحاجة لسيطرة الفصائل على مدينتي منبج وتل رفعت، الخاضعة لسيطرة الوحدات الكردية، ولذلك قد يتأخر الإعلان، ويقتصر على مدينة حلب، بسبب تعقيد السيطرة على منبج خصوصاً، لاعتبارات سياسية متعلقة بحسابات الولايات المتحدة.حلب خالية من النظام وحلفائهوفي تفاصيل السيطرة على حلب، يمكن القول إن المحافظة باتت خالية الوجود الإيراني، بعد السيطرة على أبرز مناطق وجودها وميلشياتها، في مخيم حندرات والنيرب، داخل المدينة، وفي نبل والزهراء في ريفها الشمالي، وعندان وحيّان في الريف الجنوبي. وذلك باستثناء الريف الشرقي، إلا أن المتوقع السيطرة عليه خلال ساعات. إذ بحسب المصادر، فإن الفصائل تخوض معارك الآن، على أبواب معامل الدفاع في السفيرة، والتي تعتبر مع البحوث العلمية، أبرز قواعد إيران، في كامل المحافظة. وكانت المعامل والبحوث قد تعرضت لقصف إسرائيلي متكرر، آخرها قبل نحو 3 أسابيع.أما عن الوجود الروسي، فقد كانت أبرز مناطق تواجده في مطار كويرس، شرقاً، الذي سيطرت عليه فصائل "الجيش الوطني" بعد انسحاب الروس منه، بينما انسحبت الشرطة العسكرية الروسية من قواعدها في تل رفعت ومطار منغ شمالاً، وانسحبت أيضاً من داخل نقاط لها داخل مدينة حلب. ويبقى الوجود الوحيد للروس في المحافظة في منطقة منبج، الخاضعة لسيطرة الوحدات الكردية، بينما أصبحت المدينة خالية تماماً منه.أما عن وجود النظام، فإنه أصبح خارج مدينة حلب بالكامل، ويقتصر وجوده الآن في بعض مناطق الريف الشرقي والجنوبي، وفي مناطق الأكراد في تل رفعت ومنبج.