أجبرت كوارث المناخ مئات الآلاف من البشر على الفرار، خلال العام الماضي، ما يبرز الحاجة المُلحة إلى أنظمة إنذار مبكر تغطي الكوكب بأَسره، وفق تقرير صادر عن الأمم المتحدة، اليوم الأربعاء.





وتأثرت البلدان الأكثر فقراً، بشدةٍ، بالأعاصير والجفاف وحرائق الغابات وغيرها من الكوارث، وفقاً لتقرير حالة المناخ العالمي لسنة 2024، الصادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، التابعة للأمم المتحدة.


وأوضحت المنظمة أن المستوى القياسي لعدد الأشخاص الذين يفرّون من الكوارث المناخية استند إلى أرقام المركز الدولي لرصد النزوح (IDMC) الذي يجمع البيانات في هذا الشأن منذ عام 2008، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».


وعلى سبيل المثال، اضطر نحو 100 ألف شخص للفرار في موزمبيق بسبب إعصار تشيدو.


لكن البلدان الغنية تأثرت أيضاً بالظروف المناخية الحادة، إذ أشارت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إلى الفيضانات في مدينة فالنسيا الإسبانية التي راح ضحيتها 224 قتيلاً، والحرائق المدمّرة في كندا والولايات المتحدة التي أجبرت أكثر من 300 ألف شخص على الفرار من منازلهم.


وقالت الأمينة العامة للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية سيليستي ساولو إن المنظمة ودول العالم تعمل على «تكثيف الجهود لتعزيز أنظمة الإنذار المبكر وخدمات المناخ».


وترغب منظمة الأرصاد الجوية بأن يكون كل شخص في العالم مشمولاً بمثل هذه الأنظمة، بحلول نهاية عام 2027.

















وأكدت ساولو أنه يجري إحراز تقدم، «لكننا بحاجة إلى المُضي قُدماً وبسرعة أكبر. نصف دول العالم فقط لديها أنظمة إنذار مبكر كافية. هذا يجب أن يتغير».


استثمار


تأتي الدعوة بعد شهرين من عودة دونالد ترامب، المشكِّك في تغير المناخ، إلى رئاسة الولايات المتحدة، ما أثار مخاوف من حدوث نكسة في علوم المناخ.


وأصبحت الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، وهي الوكالة الأميركية الرائدة المسؤولة عن التنبؤ بالطقس وتحليل المناخ وحماية البحار، هدفاً لإدارة الجمهوري ترمب الذي يعمل على تقليص حجم الوكالات الحكومية، وتقليص الإنفاق الفيدرالي. وحتى الآن، جرى الاستغناء عن مئات العلماء والخبراء في إدارة المحيطات والغلاف الجوي.


وأعاد ترامب تعيين عالِم الأرصاد نيل جاكوبز لقيادة هذه الإدارة، على الرغم من أنه، خلال الولاية الأولى للرئيس الأميركي (2017-2021)، عُوقب على خلفية رضوخه للضغوط السياسية والتضليل، على خلفية توقعات بشأن إعصار.


وفي الأسابيع الأخيرة، أبرزت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية مدى أهمية إدارة المحيطات الأميركية والولايات المتحدة نظاماً ضخماً أُنشئ قبل عقود لمراقبة الطقس والمناخ عالمياً.



وقال عمر بدّور، مسؤول قسم رصد المناخ وخدمات السياسات في إدارة المحيطات والغلاف الجوي الأميركية، خلال إطلاق التقرير: «نعمل مع جميع العلماء في العالم ومع كل البلدان».


وأضاف: «نأمل أن يستمر ذلك، رغم الاختلافات السياسية والتغيرات الداخلية».


وأعرب العلماء والناشطون المُدافعون عن البيئة عن قلقهم بشأن التسريحات واحتمال تفكيك الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي بالكامل.


وشددت ساولو على أن الاستثمار في خدمات الطقس والمياه والمناخ أصبح أكثر أهمية من أي وقت مضى لمواجهة التحديات وبناء مجتمعات أكثر أماناً ومرونة.


استغاثة


إضافة إلى تسليط الضوء على الاضطرابات الاقتصادية والاجتماعية الهائلة الناتجة عن الظروف الحادة، ذكر تقرير حالة المناخ أن مؤشرات تغير المناخ سجّلت، مرة أخرى، مستويات قياسية.


وقالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية: «وصلت العلامات الواضحة لتغير المناخ الناتج عن النشاط البشري إلى مستويات قياسية جديدة في عام 2024، وبعض عواقب هذه الكارثة التي سببها الإنسان ستكون لا رجعة فيها على مدى مئات، إن لم يكن آلاف السنين».



وهدفت اتفاقيات باريس للمناخ لعام 2015 إلى الحد من الاحترار العالمي ما دون درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الصناعة، وإلى 1.5 درجة مئوية إذا أمكن.


وذكر التقرير أن 2024 كان العام الأكثر دفئاً في سِجل الرصد الذي يمتد 175 عاماً، وكان على الأرجح أول سنة تقويمية تتجاوز فيها حرارة سطح الأرض 1.5 درجة مئوية عن معدل ما قبل الصناعة، حيث كان متوسط درجة حرارة سطح الأرض العالمية 1.55 درجة مئوية أعلى من المتوسط لفترة 1850-1900، وفقاً لتحليلٍ يجمع بين ست مجموعات بيانات دولية رئيسية.