ماذا يُفهَم من زيارة آموس هوكستين لبيروت اليوم؟
المتفائلون يكررون: قُضيَ الأمر. والمتشائمون يشددون: طارت المفاوضات إلى أجَل غير مسمى.
أما الواقعيون، فيرَون في الزيارة فاتحةَ خير، حيث أن مجرَّد التفاوض أفضلُ من عدمه، فكيف إذا كان ثمةَ اقتراحٌ مكتوب، أميركيّ، ولم يُعلِن أيٌّ من الأطراف المعنيين مباشرة بالصراع، اعتراضهم بالكامل عليه.
بناء على ما تقدم، وفي وقت ألغى الشيخ نعيم قاسم كلمة كان يعتزم إلقاءها اليوم، يمكن اعتبارُ زيارة الموفد الأميركي الذي سبق وأكد أنه لن يعود إلى بيروت من دون إيجابيات، علامة تصب منحى الحل، وقد تمهد لزيارات ولقاءات متلاحقة، قد تفضي في المحصلة الى اتفاق.
وفيما اكتفى هوكستين بالإشارة من عين التينة إلى أننا أمام فرصة حقيقية لإنهاء الصراع، آملاً في أن نصل الى حل في الايام المقبلة، كرر رئيس مجلس النواب نبيه بري في حديث صحافي مسائي أن الوضع جيد مبدئياً، موضحا أن ما تبقى لإنجازه هو بعض التفاصيل. وكشف بري، أن هناك ممثلا عنه وآخر عن الأميركيين يناقشان بعض التفاصيل التقنية، لبتِّها قبل الانتقال إلى المرحلة التالية التي ستكون مغادرة هوكستين إلى إسرائيل، قائلاً: سننتظر ما يأتي به من هناك، فالضمانات في ما يخص الموقف الإسرائيلي على عاتق الأميركيين، وهوكستين يقول إنه نسق مع الإسرائيليين في ما يخص مسوَّدة الاتفاق، لكنها ليست المرة الأولى التي ينكر فيها الإسرائيليون تعهداتهم.
أما على خط المواقف السياسية، وفيما يسود الترقب الحذر المشهد  اللبناني، وفيما رأت القوات اللبنانية في بيان إثر اجتماع لتكتل الجمهورية القوية، أن التفاوض الجاري لا يعبِّر عن إرادة  اللبنانيين وتطلعاتهم إلى سيادة ناجزة جرى تغييبها منذ 34 عاماً إلى اليوم، رحب التيار الوطني الحر في بيان اثر اجتماع لتكتل لبنان القوي بكل مسعى للتوصّل الى وقف لإطلاق النار، مبدياً تخوّفه الكبير من غياب اي نيّة اسرائيلية بوقف الحرب. ورأى التكتل أنَّ من مسؤولية لبنان الاّ يتنازل عن ايِّ مستوى من مستويات السيادة، ولاسيّما ما يتصل بالحدود البريّة، مع تأكيد وجوب اعتماد استراتيجية دفاعية وطنية بقيادة الدولة لمواكبة تنفيذ القرار 1701. وفيما كرر التيار اعتراضه على حال التسليم القائمة باستمرار الحياة السياسية من دون رئيس للجمهورية، اعتبر ان عرقلة انتخاب الرئيس جريمة بحق الميثاق الوطني والدستور ومفهوم الشراكة الوطنية…
في كل الاحوال: العبرة في الخواتيم، ما تقول فول ليصير بالمكيول، الشيطان يكمن في التفاصيل. عبارات اعتاد اللبنانيون سماعَها مع كل زيارة او مبادرة أو محاولة حل. أما الثابت الوحيد، فارتفاع أرقام الشهداء والجرحى، حيث فقد لبنان 3544 شهيدا و15036 جريحا منذ بدء العدوان.