الجمهورية: عماد مرمل-

على وقع المفاوضات حول وقف إطلاق النار، حاول العدو الإسرائيلي لي ذراع المفاوض اللبناني عبر تصعيد عسكري شمل «عصفه» الناري مدينة بيروت على نحو متكرّر، ما استدعى رداً قوياً من «حزب الله» أصاب تل أبيب في الصميم وانطوى على دلالات عدة.


مع اقتراب العدوان الإسرائيلي الواسع ضدّ لبنان من إنهاء شهره الثاني، ومرور أسابيع على العملية البرية التي تستهدف الخطين الأول والثاني من البلدات الجنوبية.. بادر «حزب الله» إلى قصف عمق تل أبيب ووضعها تحت النار، في تطور نوعي ولافت، أظهر أنّ الحزب لا يزال يتحلّى بمستوى عالٍ من «اللياقة البدنية» في «ماراثون» الحرب.

 

وبهذا المعنى، فإنّ مشهد تعرّض أحد الشوارع الحيوية في تل أبيب لإصابة مباشرة، يعكس المؤشرات الآتية:


ـ إعادة الاعتبار إلى معادلات كانت قد تعطّلت عقب ضربتي «البايجر» واللاسلكي واغتيال الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله وعدد من القادة العسكريين للمقاومة، وبدء الهجوم الإسرائيلي الواسع على لبنان. وضمن هذا السياق، يشكّل استهداف قلب تل أبيب على نحو غير مسبوق، نقلة نوعية نحو تثبيت معادلة «تل أبيب في مقابل بيروت»، خصوصاً بعدما استباحت الغارات الإسرائيلية العاصمة خلال يومين متتاليين.

 

ـ كشفت الضربة التي تعرّض لها وسط الكيان وشريانه الحيوي، انّ القدرات الصاروخية والجوية لـ«حزب الله» لا تزال قوية، على رغم من اعلان مسؤولي الاحتلال أكثر من مرّة عن انّه تمّ تقويض تلك القدرات وتقليص فعاليتها.

 

ـ أثبت النجاح في ضرب تل أبيب انّ عملية التوغل البري هي بلا جدوى فعلية ولا مردود حقيقياً لها، ما دامت المدينة الأهم داخل الكيان موجودة في مرمى الصواريخ والمسيّرات، وبالتالي إذا كانت القيادة الإسرائيلية غير قادرة على حماية تل أبيب فكيف ستحمي الجليل، وتعيد المستوطنين النازحين إليه بالقوة وفق الهدف المعلن للحرب؟


ـ يوحي أداء المقاومة منذ اتساع نطاق الحرب انّها تتعمّد التدرّج في استخدام أوراقها تبعاً لتطور مراحل المواجهة ومتطلباتها بعيداً من الاستعجال، آخذة في الحسبان انّ المعركة قد تطول ويجب ضمان الجهوزية المطلوبة لخوضها حتى اللحظة الأخيرة، وما الرسالة النارية التي وصلت إلى «صندوق البريد» في تل أبيب سوى دلالة إلى انّ جعبة الحزب لم تنضب بعد، وانّها تحوي المزيد الذي لن يتكشف سوى في الوقت المناسب، ذلك أنّه كلما ارتقى الحزب درجة في عملياته العسكرية، يكون ذلك مؤشراً إلى انّه يحتفظ بوثبة أخرى إلى الأمام، تتوقف على مقتضيات الميدان والسياسة.

 

ـ إذا كان الجانب الإسرائيلي اراد من خلال تكثيف الاعتداءات على مختلف المناطق وصولاً إلى العاصمة أن يفاوض بالنار وأن ينتزع تنازلات من لبنان تحت الضغط، فإنّ «حزب الله» بدوره اراد إعطاء المفاوض اللبناني ورقة قوة عبر قصف تل أبيب عشية وصول الموفد الأميركي آموس هوكشتاين إلى بيروت، وإفهام نتنياهو انّ الحسابات التي يبني عليها تعنته غير صحيحة، وانّ عليه خفض سقفه تحت طائلة إلحاق مزيد من الضرر بالجبهة الداخلية للكيان، إلى جانب تراكم الخسائر التي يتكبّدها جيش العدو في المنطقة الحدودية من الجنوب.