ليس اليومُ يومَ الدخول في العتاب والحساب، مع ان المساءلة حقٌ والمراجعةَ واجب، بعد عام ونيِّف من حرب الإسناد، وشهرين تقريباً من حرب إسرائيلية على لبنان، مختلفةٍ عن كل سابقاتها من حيث حجم العدوان والتقنيات المستخدمة والتصدي البطولي للتوغل البري.
فاليوم، يومٌ نتذكر فيه الشهداء قبل أي شيء آخر… فمع توقف آلة القتل والتدمير، ووسط فرحة العودة الى القرى والمنازل، يبقى اليوم يومَ الذين لم ولن يعودوا…يومَ شهدائنا الذين نفتقدهم ونستذكرهم، ونصلّي من أجلهم… ولتكن دماؤهم أمناً وسلاماً للبنان، كما قال الرئيس العماد ميشال عون.
اليوم، يومٌ نطوي فيه مرحلة سوداء، ونفتح أخرى يريدها جميع اللبنانيين بيضاء، تحت سقف السيادة والدولة والدستور والميثاق.
فمن رئيس مجلس النواب الذي أعلن بصراحة، أن اللحظة هي إمتحان لكل لبناني، وللشيعي قبل أي لبناني آخر، للرد على سؤال كيف ننقذ لبنان ونبنيه ونعيد الحياة الى مؤسساته الدستورية، الى رئيس حكومة تصريف الاعمال الذي اكد المرجعية الامنية للجيش في الجنوب والتزام الحكومة تطبيق القرار 1701، الى مختلف المرجعيات السياسية التي شددت على الوحدة، والقوى التي نادت بالتطلع الى الامام، الى الشعب اللبناني العائد، الذي كرر مشهد 14 آب 2006 رغم التهديدات، بعدما أثبت للقاصي والداني مجدداً في الأشهر الماضية أنه واحدٌ بالأفراح والأتراح، ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، مهما بلغت حدة الاختلافات، ودرجة الخلافات، التي يُفترض ان تبقى دائماً تحت سقف الوطن الواحد، الذي يتساوى جميع أبنائه بالحقوق والواجبات.
اليوم، يومُ دعوة الى اللبنانيين كي لا يكرروا انقسامات ما بعد التحرير عام 2000، التي أوصلت الى مآسي سنة 2005، وحتى يعتبروا من تجربة ما بعد انتصار 2006، حتى يبنوا دولة، تكون مرجعية واحدة وحيدة، توضع بتصرفها كل الامكانات والقدرات، حتى نبعدَ شبح الحرب والاحتلال، وكي لا نخسر كل بضع سنوات، آلافاً من بناتنا وأبنائنا، من أطفال ونساء ورجال وشيوخ، دفاعاً عن الكرامة وصوناً لبقاء لبنان