الثبات: حسان الحسن-

يبدو وكأن رئيس "هيئة تحرير الشام؛ "جبهة النصرة" سابقًا؛ أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) قد خلع لبوس التطرف الديني، ويحاول أمام وسائل الإعلام والوفود التي يلتقيها الظهور بثوب الاعتدال والانفتاح على مختلف مكونات المجتمع السوري.


كذلك فقد شدد الشرع على ضرورة ضبط السلاح المتفلت، وحصر كل السلاح بيد أجهزة الدولة الرسمية، لا غير، وهنا تكمن المعضلة بعينها؛ على اعتبار أن بعض مكونات ما يسمى بـ"الثورة السورية" ينضوي في تنظيماتٍ متشددةٍ، ومنها ما هو أقرب إلى التنظيمات التكفيرية الإرهابية، فهل تتجاوب الأخيرة مع طرح الشرع في شأن حصر السلاح بيد الدولة السورية؟ وهل يبادر من قاتل وقدّم الأرواح، أي تلك (التنظيمات المتشددة)، إلى تسليم سلاحها للجهات المعنية، ثم الموافقة على نقل السلطة إلى "حكومةٍ معتدلةٍ"؟ لا ريب أن هذا الأمر مستبعد حتى يثبت الجولاني والفصائل المتشددة العكس.


غير أن المعضلة الأساسية والأكثر تعقيدًا تكمن في التنافس التركي - الخليجي في شأن حضورهما في العالم الإسلامي السنّي، ودورهما فيه، فتركيا اليوم لها اليد الطولى في سورية، لذا فقد أوحى وزير الخارجية التركية هاكان فيدان، من خلال زيارته دمشق في الساعات الفائتة، أنه في دياره.. تبع ذلك زيارة لأحد مستشاري الديوان الملكي السعودية للعاصمة السورية أيضًا، فهل يعكس ذلك خلافًا بين الحلف التركي - القطري والحلف السعودي - الإماراتي؟ وهل يبادر الحكم السوري الجديد إلى إقامة توازنٍ بين أنقرة والرياض، خصوصًا بعد دعوة الشرع أمير قطر لزيارة دمشق، وتعزيز العلاقات السورية - القطرية؟


بالانتقال إلى الوضع في الداخل السوري، برزت بعض الظواهر الإيجابية التي تبعث بالتفاؤل في شأن المستقبل، تحديدًا لجهة الحفاظ على التنوع في المجتمع السوري، والحق في الاختلاف بين السوريين، وتجلى هذا الأمر من خلال إقامة مهرجاناتٍ كبيرٍة في سورية، لمناسبة عيد الميلاد، كالمهرجان الذي أقيم على أرض معرض دمشق القديم، القائم على ضفاف نهر بردى، ومهرجان باب توما في العاصمة السورية أيضًا، ومهرجانات اللاذقية وسواها، حيث ازدانت بعض الساحات العامة بأشجار الميلاد، كذلك فتحت الأكشاك لبيع الطعام والمشروبات، ولم تثنِ الاعتداءات التي تعرضت لها بعض المناطق السورية على أيدى مجهولين، كحرق شجرة الميلاد في مدينة السقيبلية في محافظة حماه، عن مضي السوريين في إقامة الاحتفالات في العيد، وهذا مؤشر يعتبره البعض إيجابياً، لكن يبقى الخطر الأكبر الذي يخيّم على سورية، بالإضافة إلى المواجهة السعودية - التركية وجود تنظيماتٍ متطرفةٍ أقرب إلى إيديولوجية "داعش"، في انتظار إيجاد الحل المناسب لوضعها في "كنف الدولة".