منذ سنوات و العالم ينظم يوما خاصا بالمدرس، و هو يوم خامس أكتوبر من كل سنة . و ذلك منذ عام 1994، و هي ذكرى من توقيع توصية اليونسكو ومنظمة العمل الدولية عام 1966 بشأن أوضاع المدرسين. و جاءت هذه التوصية بناءا على مؤشرات تتعلق بحقوق و واجبات المدرسين و المدرسات(الكسرة و الشدة تحت الراء ) وكذلك أوضاعهم جميعا المعيشية والأمنية و النفسية ، خاصة في البلدان التي تفتقر إلى الديمقراطية و حقوق الإنسان و في الدول المستعمرة . و إن الإحساس العالمي بوضع المدرس في المنظومة الاجتماعية كان وجيها ، لأن المدرس يظل المرشد و الموجه للجيل الصاعد في كل الظروف ، حتى أثناء الحروب الطاحنة . فهو لا يغادر الفصل هروبا من الهلاك تاركا متعلميه لوحدهم يلقون مصيرهم بنفسهم ، إنه يظل معهم حتى النهاية ، حتى لا يعلمهم الجبن أو الانهزام و لا يعلمهم التهور بل يعلمهم التضحية و الصمود في وجه العدو، بدءا من العدو المتمثل في الجهل و الأمية الى العدو الغاشم/المستعمر . و يصادف يوم المدرس هذه السنة ما يعيشه المدرسون والمدرسات (بالشدة و الكسرة تحت الراء) في المخيمات الفلسطينية و في غزة حيث يعملون على تدريس الأطفال تحت القصف العشوائي للطائرات الحربية للعدو و تحت نيران الصواريخ المتساقطة على رؤوس أهل غزة ومخيمات اللاجئين الفلسطيني . لم تنل منهم الحرب الهمجية حتى يتخلوا عن دورهم في التدريس، إذ يعتبرون أنفسهم حاملي البندقية التي ستقضي على الاستعمار طال الزمن أم قصر. إنها عقيدة المدرس ( ة ) في حياة الحرب و في حياة السلم . و كذلك هو المدرس (ة) يتحمل ويلات الحروب من أجل الحفاظ على عملية التدريس. ذلك لأن يوم المدرس له أبعاده الإنسانية و التربوية و الوطنية، أما أبعاده الإنسانية فهي تتجلى في إنقاذ الأطفال من الجهل و التخلف، دون تمييز عنصري أو عرقي أو طبقي ، مما يجعل المدرس (ة) في منأى عن كل انحياز أعمى ، و أما أبعاده التربوية فهي التي تجعل الطفل يسلك سبل الرشد لا سبل التيه و الاستلاب و التقليد الأعمى، وأما الأبعاد الوطنية فهي تكريس حب الوطن لدى الطفل و الاعتزاز بوطنيته. إن ما يعيشه المدرس (ة) في غزة و في لبنان و اليمن و في السودان من معاناة و من تضحيات في سبيل التدريس و المتمدرسين و المتمدرسات يحتاج أكثر من وقفة إجلال وإكبار لهؤلاء الجنود الأوفياء لوطنهم ولشعوبهم . إن احتفال العالم بيوم المدرس في الخامس من أكتوبر من كل سنة منذ 1994 لم يأت اعتباطا بل جاء للإشادة بدور رجال التعليم ونسائه في ترسيخ العلم و العلوم و ترسيخ القيم الإنسانية و التربية على المواطنة. إنه أكثر من 100 بلد يحتفل بيوم المدرس(ة) العالمي، ويعود الفضل في الانتشار السريع والوعي العالمي بهذا اليوم إلى منظمة” إديوكيشن انترناسيونال “ في جميع أنحاء العالم ، وذلك بغية توفير تعليم جيد و مدرس يكون قد نال من التكوين ما يلزم و له مستوى معيشة أفضل ، لأنه بغير الممكن أن يكون هناك تعليم جيد بدون معلمين و معلمات مخلصين و مهليصات و مؤهلين و مؤهلات في جميع أنحاء العالم.فالمعلمون والمعلمات هم وحدهم المؤهلون لمساعدة التلاميذ على
التفكير النقدي، والتعامل مع المعلومة من حيث جميع الجوانب و استخدامها في الأوضاع المناسبة ، كما يتعلمون التعاون والتضامن بين أطفال شعوب العالم . إن الاحتفال باليوم العالمي للمدرس إنما هو من أجل إثارة الانتباه إلى الحاجة من الرفع من مكانة مهنة التعليم
ليس لأجل المعلمين والتلاميذ فحسب، ولكن من أجل المجتمع والمستقبل ككل. وهي مناسبةً للاحتفاء بالمعلمين و بالمعلمات و استرعاء الانتباه إلى وضعهم، وإلى الظروف التي يعملون فيها، لأنه لا يمكن توفير تعليم جيد بدونهم . إن جميع أولئك الذين يناضلون من أجل توفير تعليم ذو جودة عالية للأطفال في العالم عليهم أن ينضموا إلى المعلمين و المعلمات والمنظمات التي تمثلهم للاحتفال بالمهنة و لدعمهم.