انتظر الشعب المغربي قاطبة التعديل الحكومي بعد أن تأكد له ضعف أدائها، حيث ساهمت في تعطيل بعض المشاريع التنموية و بينت عن عدم قدرتها وضع قافلة البرنامج التنموي في سكته الحقيقية . ثم لم تستطع الوقوف ضد الفساد و الرشوة، مما جعل المغرب يظل يحتل المرتبة 97 عالميا من أصل 180 دولة. و ظل يتراجع في هذا المجال بفعل سياسية حكومية عرجاء ، غير متوازنة و غير متكافئة . و كانت الجمعية المغربية لحماية المال العام قد نبهت من الموقف السلبي للحكومة اتجاه مكافحة الفساد ونهب المال العام والافلات من العقاب ، كما نبهت إلى عدم ربط المسؤولية بالمحاسبة ،مما جعل وهبي وزير العدل يثور أمام البرلمان ملوحا بمشروع قانون المسطرة الجنائية، ليطمئن البرلمانيين المتابعين في ملفات و قضايا لها ارتباط بالفساد ونهب المال العام، بناء على شكايات تقدمت بها الجمعية ضدهم إلى الوكلاء العامين بمحاكم الاستئناف بالمملكة ، وذلك حسب وهبي حتى لا يخافوا ولا يحزنوا، لأن الحكومة مهم . كان وهبي حينها يحضر لمرحلة تتحول فيها الحكومة إلى قوة تدافع عن المفسدين و على ناهبي المال العام و تسن قوانين و تشريعات لصالح لوبيات المال والأعمال ضدا على مصالح الشعب المغربي الذي أصبح أمام هذه الحكومة مجردا من حقوقه الاقتصادية و الاجتماعية و الحقوقية و من حقه في حرية التعبير وحرية الرأي . أمام هذا التوجه الحكومي اللا وطني و اللاديمقراطي ظن المغاربة أن التعديل الحكومي ربما يخلق متنفسا لهم و نفسا سياسيا جديدا يضمن العدالة الاجتماعية و الجبائية و المجالية. لكن و كما تنبهنا في الجمعية، جاءت حكومة في نسخة مشوهة بوجوه لها سوابق عدلية في مجال الفساد و نهب المال العام والتزوير، و وجوه أخرى قفزت من على منصة الرقص إلى المنصة الحكومية و وجوه لا علاقة لها بتدبير الشأن العام الذي يحتاج إلى حنكة سياسية و تجارب في المجال،بل هي وجوه لها شركات خاصة بها و مؤسسات تجارية . أليس من حق هذا الشعب أن تكون له حكومة من أبناءه الذين لهم كفاءات و تجارب و أخلاق سياسية و قدرات فكرية و لا تلهيهم تجارة ولا شركات ولا البحث عن الإثراء غير المشروع ويتقاسمون مع الشعب همومه و يقدرون معاناة المواطنين و المواطنات في الأحياء المهمشة بالمدن وفي القرى وفي الجبال حيث تنعدم أبسط متطلبات الحياة .أليس من حق هذا الشعب أن تسند حقيبة وزارة التعليم إلى رجل من بين الكفاءات الوطنية المرموقة التي لها تجارب ومبادرات في التربية و التكوين و في الأبحاث العلمية و في التأطير الأكاديمي وفي الإبداع الفكري و الثقافي ؟ أم طغت علاقة المصالح الشخصية و المنفعة المشتركة على مصلحة تقدم الوطن الذي لن يتقدم قيظ أنملة دون تعليم قوي و هادف و وطني ،لا تعليم منقول و هجين .؟ أليس من حق الشعب المغربي أن يتولى وزارة العدل رجل له مكانة علمية في العدل و العدالة و ذو حكمة وكياسة، يجعل من وزارة العدل راعيا للمساواة و للحقوق والحريات ، غير مزاجي الطبع تتلاعب به رياح مصالح لوبيات الفساد المالي و أصحاب الريع و الإثراء غير المشروع ؟ إن حكومة أخنوش في نسختها الثانية هي إهانة للشعب المغربي الذي ظل يضحي من أجل وطنه حتى يكون حرا مستقلا.