بعد أشهر طويلة من الترقب، خرجت حكومة أخنوش في نسختها الثانية إلى الوجود، بعد التعديل الذي طرأ على تشكيلتها، أمس الأربعاء، والذي تراوح بين تغيير وزراء بآخرين، وإضافة حقائب جديدة، وتدوير شخصيات من نفس الحزب على رأس بعض الوزارات.
التعديل الحكومي.. ترضيات وولاءات وتدبير للحكومة بمنطق الشركة
ويطرح التعديل الحكومي الذي يأتي قبل أقل من سنتين على الانتخابات التشريعية المقبلة عدة تساؤلات عن الجدوى من هذا التعديل، ومدى انعكاسه على تدبير القطاعات المعنية وضخ نفس إصلاحي فيها، خاصة وأن هذا التعديل طالته عدة انتقادات لعدة اعتبارات أهمها استوزار أسماء مقربة من الدائرة المالية لرئيس الحكومة.



ترضيات وولاءات

واعتبر عبد الرحيم العلام أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش أن التعديل الحكومي، طبعته الترضيات السياسية، والتدوير الحزبي، ومنطق القرب من رئيس الحكومة.

وأوضح العلام في تصريح لموقع “لكم” أن ما يبرز مسألة الترضيات، هو أن الحكومة استمرت طيلة هذه السنوات بدون كتاب الدولة، واليوم وقد شارفت على إنهاء ولايتها، فكرت في إضافتهم، وباتت العديد من القطاعات تسير برأسين، بل إن بعض كتابات الدولة لا معنى ولا أهمية لها، ما يوضح أن الأغلبية الحكومية أضافت مسؤوليات وحقائب جديدة من أجل استوزار شخصيات أخرى لترضيتها، مع ما يجره ذلك من مصاريف ونفقات إضافية تؤدى من أموال دافعي الضرائب.

كما توقف العلام على أن التعديلات، حكمها منطق التدوير داخل الحزب، فقد احتفظت الأحزاب بحقائبها وغيرت الوزراء، ما يعني الاستمرارية بنفس المنطق في التدبير، ويطرح التساؤل حول جدوى التعديل، خاصة وأن من بين الوزراء الجدد من كان متابعا في قضايا تدبيرية كعمر احجيرة، ومنهم من كانت عليه ملاحظات كما هو حال عبد الصمد قيوح.

وسجل المحلل السياسي أن السمة الأخرى التي طبعت التعديل، هي القرب من أخنوش، فبعض الشخصيات التي استوزرت تدور في فلك شركاته، وكأن التدبير الحكومي يشبه تدبير شركة بالنسبة لرئيس الحكومة، خاصة وأن هؤلاء الوزراء بعيدون عن التخصص، ولا تجمعهم رابطة مع القطاعات التي يتولونها، كما هو شأن وزيري التربية الوطنية والصحة.

وانتقد العلام تغيير طبيب كان على رأس قطاع الصحة بمستثمر، وتعويض بنموسى الذي عين على رأس المندوبية السامية للتخطيط برجل أعمال لم يسبق له أن تولى مسؤولية سياسية، وجاء بغرض ملء سيرته الذاتية، وتساءل “شخص بدون مراكمة ما الذي يمكن أن يضيفه للقطاع؟”.

واعتبر أستاذ العلوم السياسية أن التغيير الوحيد الذي يذكر، هو تغيير عبد اللطيف ميراوي وزير التعليم العالي الذي فشل، خاصة في ملف كليات الطب، بشخص سبق له أن ترأس جامعة، وهذا التعديل، وتدبير الوزير الجديد لملف طلبة الطب هو الذي سيبرز مدى صحة ما كان يديعه ميراوي من أن موضوع الطلبة مرتبط بقرار سيادي.

وخلص العلام إلى أن التعديل لم يأت بجديد، والحكومة الحالية شعارها “من سيء لأسوأ”، فتدبيرها كان سيئا وبالنظر للبروفايلات الجديدة سيكون أسوأ.

تدبير بمنطق رجل الأعمال

ومن جهته، اعتبر المحلل السياسي محمد شقير أن عزيز أخنوش يفكر بمنطق رجل أعمال، ويدبر الحكومة ويختار وزراءه بنفس هذا المنطق، وهو ما يتضح بجلاء في التعديل الحكومي.

وأضاف شقير في تصريح لموقع “لكم” أن أخنوش يدفع في اتجاه تدبير القطاعات الوزارية بمنظور القطاع الخاص، لأنه يعتبر أن رجال الأعمال هم أكثر قدرة على التدبير وعلى حل المشكلات.

هذا الوضع، حسب شقير، يجعل أن هذه الحكومة ليست حكومة سياسية، بل هي تقنقراطية ببهارات حزبية، وهذا التكريس لرجال الأعمال في التشكيل الحكومي، سيعمق إشكال التواصل المطروح منذ مجيء هذه الحكومة، لأن تعيين هذا النوع من البروفايلات لا يمكن إلا أن يزيد من ضعف التواصل.

وإذا كان استبعاد وزراء من الحكومة يعتبر دليلا على فشلهم أو ضعف تدبيرهم لقطاعاتهم، خاصة تلك التي عرفت احتجاجات كثيرة، فإن التساؤل الذي يطرح، حسب شقير، هو هل رجال الأعمال أكثر فعالية، وهل القطاعات الاجتماعية، خاصة الصحة والتعليم، ينبغي أن يسلك تدبيرها منطق القطاع الخاص.

وتوقف المحلل السياسي على بعض التغييرات التي طالت الحكومة، خاصة في مجال التربية الوطنية، والتي تطرح سؤال وجود الإرادة الحقيقية للإصلاح، فكلما تم تعيين وزير يتم إبعاده والمجيء بآخر، والإصلاح يكمن في الاستمرارية، لكن النظر في مسار الوزارة عبر السنوات يبين أنه كلما جيء بوزير يتم استبداله بآخر.