عرض وزير العدل عبد اللطيف وهبي الأسباب التي دفعت نحو تغيير مجموعة من القوانين في المغرب، ومنها ارتفاع عدد القضايا الرائجة في المحاكم، والتي ناهزت سنة 2022 700 ألف قضية، أسفرت عن متابعة 12 مليون شخص، مشيرا أن هذا هو الوضع الجنائي الذي نعاني منه اليوم، اي معدل سنوي من القضايا يزيد عن 480 ألف قضية، وبعدد سجناء فاق 100 ألف سجين، 32 في المائة منهم معتقلون احتياطيون.
وجاء كلام وهبي في الندوة نظمها حزب "التقدم والاشتراكية" مساء اليوم الخميس، بمقره بالرباط، حول مشروع قانون المسطرة الجنائية.
ولفت وهبي إلى أن عدد الأشخاص المقدمين أمام المحاكم سنة 2024 بلغ 600 ألف مواطن، وعدد الأشخاص الموضوعين تحت الحراسة النظرية في ذات السنة وصل إلى 400 ألف مواطن ومواطنة، وهذا يشير في نظره أننا لا نثق في المواطن لأنه إذا خرج من المحكمة لن يعود إليها، لهذا نعتقله احتياطيا.
وأوضح أن الاعتقال الاحتياطي ارتفع منذ سنوات بما يفوق 40 في المائة من الساكنة السجنية، لكنه انخفض قليلا إلى نحو 32 في المائة خلال الآونة الأخيرة، مضيفا " أتمنى مع تطبيق السوار الإلكتروني أن يستمر هذا المعدل في الانخفاض".
وأشار أن هناك عدة قضايا في مشروع قانون المسطرة الجنائية طرحت نفسها، وهناك قضايا أثارت انتباه الرأي العام من بينها قضايا الفساد المالي، مسجلا أن هناك أمران في السياسة إما أن تكون منافقا أو ترفع خطابا حقوقيا وتختفي وراء المشاكل، وإما أن تتحدث بوضوح، لأنه لا يمكن لأحد أن يكون ملاكا، لأن الملائكة في السماء وليسوا في الأرض.
وسجل أن النقاش حول المادة 3 من مشروع قانون المسطرة الجنائية كلمة حق يراد منها باطل، لأنه بالفعل جرى التشدد في رفع الشكايات في جرائم الفساد لأن الأرقام تنطق، ففي قضايا الاختلاس وتبديد الأموال وصلت الوشايات إلى 259 وشاية، و 132 شكاية قيد البحث، وقيد المحاكمة خمسة قضايا، وقيد التحقيق 8 قضايا، والحفظ 112 قضية.
وأضاف " بعض القضايا تستلزم سنوات من التحقيق، يكون فيها السياسي قد احترق سياسيا وأصبح مرفوضا، وترك الشأن العام الذي كان يسيره وأصبح شغله الشاغل هو المحاكم، والرأي العام يتحدث عنه وفي الأخير يصدر حكم بالبراءة في حقه، وذلك بسبب شكاية كتبها شخص في مقهى بدونه اسم وبدون توقيع ".
وعاد وهبي لمهاجمة الجمعيات بالقول" "الدولة فيها مؤسسات تملك آليات للاشتغال فهل للجمعيات معلومات أكثر من هذه المؤسسات.، وعندما تتأخر المساطر كل هذه المدة لأن الذي يكتب الوشاية لا يقدم أي وسائل إثبات، على النيابة العامة أن تبحث عن هذه الوسائل، وما يروج في الأخير أن كل المنتمين للأحزاب والجماعات الترابية والوزراء لصوص".
وتابع " أنا دوري أن أحمي السياسي إلى أن يثبت العكس، فمن الآن ستكون له الجرأة ليسير بلدية، هاتوني بملاك يسير مجلس بلدي لمدة شهر سيذهب للسجن".
واعتبر وهبي أن هناك جمعيات لم تنظم أي جمع عام، ورئيسها يملك مرسيديس وفيلا ولا يشتغل، متسائلا من الفاسد هنا، مضيفا "أنا لا أقول إنه ليس هناك مفسدين في المغرب ولكن هذا لا يعني التضحية بحياتنا الديمقراطية، والحق في الانتخاب والمساهمة السياسية".
وأكد أن النقاش حول مشروع قانون المسطرة الجنائية كان مع رئاسة الحكومة، ومع الأمانة العامة للحكومة، ووزارة الداخلية، والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والنيابة العامة، ومع المديرية العامة للأمن الوطني، والقيادة العليا للدرك الملكي، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، ومديرية السجون.
وسجل وهبي أنه ضد النقاش مع السلطة القضائية، لأن القضاة ينفذون ولا يشرعون، صحيح نأخذ رأي المجلس الأعلى للسلطة القضائية لكنه لا يلزمنا في شيء، وأنا أستغرب من الجمعيات القضائية التي طلبت أن تشارك في هذا النقاش.
واعتبر وزير العدل أن مشروع المسطرة الجناية يحترم ضمانات المحاكمة العادلة، وحقوق الدفاع، ويطور آليات مكافحة الجريمة، لكن ما يثير النقاش هو موضوع الحراسة النظرية، لأنه في المغرب هناك ظاهرة غريبة المسؤول القضائي يوقع ليرسل شخصا ما للسجن لكن كي يوقع حتى يمنح السراح فهذه مصيبة كبيرة، وقد حاولنا معالجة هذه الإشكالية عبر العقوبات البديلة والسوار الإلكتروني.
وخلص وهبي إلى أن قانون المسطرة الجنائية هو قانون الإجراءات وهو الضامن للمحاكمة العادلة، ويتم الاشتغال بذكاء جماعي لأنه إذا لم يكن هناك تعامل قضائي متحرر ومتقدم سنراوح مكاننا، لأن قيمة النص القانوني تمنح من قبل القاضي والمحامي، وهذا معناه أن النص يبقى جامدا وإذا لم يعطه القضاة والمحامون الحياة بشكل إيجابي يصبح وسيلة من وسائل الديكتاتورية، وهذا أيضا مرتبط بدور الأحزاب والجمعيات والثقافة الحقوقية، وحينما نقرر في مجال الحقوق يجب أن لا نتزايد بيننا.
قد يهمك أيضــــــــــــــا