محمد منفلوطي_ هـبة بريس
هي دراجات سي 90 إذن، ذات المحرك "النفاث"، مزعج أحيانا، ومتسبب في قتل صاحبه أحيانا أخرى، هي متعة زائفة بإطارين مطاطيين، سرعان ما تتحول إلى مأتم، ومحج للمعزين المواسين.. ضحاياها شباب، وشابات، مراهقون ومراهقات، قدرهم أنهم اختاروا هذه الوسيلة للتنقل قبل أن يغيروا ويبدلوا تبديلا في محركاتها لتصبح عبارة عن صواريخ تعبر بصاحبها نحو الدار الآخرة...
هنا بإقليم سطات على سبيل المثال لا للحصر، لايكاد يمر يوم من الأيام، إلا ويُصادف المرء مشهد دموي على الطرقات تكون الدراجة النارية حاضرة كجزء من المشكلة...
اصطدامات مباشرة هنا، وأشلاء ضحايا هناك، لتبقى الحصيلة مرشحة للارتفاع في ظل ارتفاع منسوب الاقبال على شراء هذه الدراجات و" اللعب" في محركاتها عبر تطويره وادخال بعض التعديلات عليه ليصبح ذا قوة جبائية كبيرة وسرعة خارقة كذلك...
حوادث مميتة ذهب ضحيتها شباب ومراهقون في عمر الزهور، ضمن ظاهرة خطيرة تتطلب نقاش عمومي حقيقي لتشريح أسبابها وتداعياتها حقنا للدماء.
إن ظاهرة انتشار الدراجات النارية بالمدن المغربية والقرى والمداشر، أضحت كابوسا يورق بال الآباء والأمهات، فلا يختلف اثنان عن كون هذا النوع من وسائل النقل يقدم خدمات جليلة لأصحابه في تقريب المسافات وقضاء المآرب وحمل الأغراض ونقل الحاجيات..
فمن الناس من يستعين به أو بالأحرى يعتمد عليه في تنقلاته صوب مقر عمله وتقديم الخدمات له ولغيره، وهذا النوع غالبا ما يطبع صاحبه الحكمة والتريث والحس بالمسؤولية في القيادة دون أن يضيف أو يضاعف من القوة الجبائية لمحرك دراجته، فتراه يغذو صباحا ويروح مساء بسلامة وأمن وأمان لمعانقة صغاره تماشيا ومقولة " لاتسرع يا أبي نحن في انتظارك"...
وهناك صنف آخر من المراهقين المستهثرين بحياتهم وحياة الباقين، اتخذوا من هذه المركبات ذات محرك بإطارين، فرصة لاستعراض حركاتهم البهلوانية فيطيرون ويُطيِّرون معهم أرواحا بريئة ذنبها أنها صادفت تواجد هؤلاء " المخلوقات بالشارع العام"، إذ لا تكفيهم سرعة هذه الدراجات على طبيعتها الأولى، بل يبتكرون طرقا جنونية ومحاولات غير محسوبة العواقب لتغيير القوة الجبائية لمحركاتها لتصبح كالصواريخ، كما لم يقفوا عند هذا الحد بل يعمدون على ادخال تعديلات أخرى على أصواتها لخلق الفوضى العارمة بالشوارع والأزقة والحدائق العمومية وشد الأنظار والظهور بمظهر البطل من ورق..
لكن في نهاية المسلسل الاستعراضي هذا، يستيقظ الجميع على حصيلة مروعة، أشلاء هناك وأخرى هناك، وجرحى ومصابون يُنقلون اتباعا صوب مستودعات الأموات، وخيام العزاء تُقام على ولائم الأكل والشرب ودُموع الأمهات...