نورالدين بازين تشهد جماعة تسلطانت، الواقعة بضواحي مراكش، أزمة تنموية خانقة ترتبط بشكل مباشر بعدم اكتمال المشاريع العمرانية التي أشرفت عليها مؤسسة العمران. هذه المؤسسة، التي يفترض أن تكون رافعة للتنمية الحضرية وتحسين ظروف العيش، أصبحت محور انتقادات واسعة بسبب تعثر مشاريعها وتجاهلها لحقوق الساكنة التي تأثرت بشكل مباشر، سواء بسبب التهجير القسري أو عدم تعويض المتضررين من عمليات الهدم. مشاريع عمرانية بين التوقف والإهمال في دواوير تسلطانت، تظهر مشاريع العمران كمعالم غير مكتملة تتوزع على مناطق واسعة. الطرقات متروكة بلا تعبيد، البنية التحتية غائبة، والمباني نصف مشيدة في مشهد يعكس غياب الرؤية والتخطيط. السكان الذين استبشروا خيرًا بوعود التنمية، أصبحوا اليوم يواجهون واقعا مزريًا يزيد من معاناتهم اليومية. السؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا تتكرر ظاهرة المشاريع غير المكتملة في جماعة تسلطانت، رغم الميزانيات الضخمة المخصصة لهذه المشاريع؟ وهل يرتبط الأمر بغياب الرقابة والمحاسبة أم بتخبط إداري داخل مؤسسة العمران؟ التعويضات.. ملف يزيد الجراح تعمقًا من بين القضايا الأكثر إثارة للجدل في جماعة تسلطانت، ملف التعويضات الموجهة للأسر التي فقدت منازلها في إطار عمليات إعادة الهيكلة. في العديد من الدواوير، تُركت العائلات دون تعويض مناسب أو بدائل سكنية لائقة، ما جعلهم عرضة للتشرد أو تحمل أعباء مالية غير متوقعة. سكان هذه المناطق يتحدثون عن معاناة يومية بسبب غياب أي رؤية واضحة للتعامل مع قضاياهم. ورغم الشكاوى والاحتجاجات، لم تقدم مؤسسة العمران أي حلول ملموسة، ما جعلها في مواجهة مباشرة مع مطالب اجتماعية تتعلق بالكرامة والحق في السكن. أزمة حوار وثقة مفقودة أحد العوامل الرئيسية التي زادت من تعقيد الوضع هو غياب الحوار الفعّال بين مؤسسة العمران وساكنة جماعة تسلطانت. السكان يعتبرون أنفسهم مغيبين عن اتخاذ القرارات التي تمس حياتهم اليومية، في حين أن المؤسسة تتبع سياسة تقديم الوعود دون أفق واضح للتنفيذ. هذا الغياب للحوار أدى إلى فقدان الثقة بين الطرفين، وأصبح السكان ينظرون إلى العمران كرمز للتهميش واللامبالاة بدلًا من أن تكون أداة لتحقيق التنمية. هل من أفق للحل؟ الأزمة التي تعيشها جماعة تسلطانت بسبب مشاريع العمران تتطلب تدخلاً عاجلاً وحاسمًا، يمكن أن يتضمن: وضع خطة زمنية واضحة لإنجاز المشاريع العالقة، مع تحديد المسؤوليات بدقة. إعادة النظر في ملف التعويضات وضمان شفافيتها وعدالتها بما يضمن حقوق الساكنة. تعزيز قنوات الحوار بين المؤسسة والمواطنين لحل الإشكالات بشكل مشترك. فتح تحقيق في أسباب التعثر وتحديد الأطراف المسؤولة عن هذا الوضع. نموذج تسلطانت.. انعكاس لإخفاقات أوسع ما يحدث في جماعة تسلطانت ليس مجرد قضية محلية، بل هو نموذج لإخفاقات منهجية في طريقة تدبير المشاريع العمرانية بالمغرب. مؤسسات مثل العمران، التي يُفترض أن تكون فاعلًا رئيسيًا في تحقيق التنمية، أصبحت جزءًا من المشكلة بدلًا من أن تكون جزءًا من الحل. إن إنقاذ جماعة تسلطانت، وإنصاف ساكنتها، يتطلب إرادة سياسية قوية ومساءلة صارمة لضمان عدم تكرار هذه المأساة في مناطق أخرى. فالحق في السكن اللائق والتنمية الحضرية ليسا مجرد شعارات، بل التزام واجب تجاه المواطنين.