قال وزير الثقافة والاتصال والفنون والعلاقات مع البرلمان، الحسين ولد مدو؛ الناطق باسم الحكومة، إن النسخة الـ13 من مهرجان مدائن التراث التي احتضنتها مدينة شنقيط التاريخية، كانت مناسبة "امتزج فيها الماضي بالحاضر، وحملت معها رسالة محبة وتآخي، ترسخ معاني الوحدة الوطنية والتسامح والتواد والمساواة".

وأضاف ولد مدو، في خطاب ألقاه الليلة البارحة لدى إشرافه على اختتام فعاليات المهرجان، أن هذه النسخة حملت "رسائل متعددة؛ رسالة الوحدة الوطنية من خلال تراثنا المتنوع الجامع، ورسالة تنمية عبر البرامج والمشاريع التنموية التي أطلقتها الحكومة هنا في مدينة شنقيط، وفق التوجيهات السامية لصاحب الفخامة"؛ مبرزا أنه تم رصد غلاف مالي لتلك المشاريع بلغ أربعة مليارات أوقية قديمة.

وبين الوزير أن "هذه المشاريع تضمنت تعزيز الخدمات الأساسية كالكهرباء والمياه، وتحسين البنية التحتية في قطاعات الصحة والتعليم، إلى جانب برامج تشغيل وتكوين الشباب، ومشاريع تثبيت الرمال، وافتتاح إذاعات محلية، ومتاحف ومراكز للتكوين المهني". 

وقال:

"أقف بينكم، للمرة الثانية، بعد أن استقبلتنا شنقيط، لؤلؤة تراثنا وتاريخنا، يتقدمنا فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، والعديد من أعضاء الحكومة وكوكبة من قادة الفكر والثقافة والمجتمع، ورؤساء الهيئات الدولية المعنية بالثقافة والتراث، بمناسبة انطلاق النسخة الثالثة عشرة من مهرجان مدائن التراث.

تلك اللحظة، التي امتزج فيها الماضي بالحاضر، وحملت معها رسالة محبة وتآخي، ترسخ معاني الوحدة الوطنية والتسامح والتواد والمساواة.. قيم أرادها فخامة الرئيس أن تكون عنوانًا للمهرجان وغايةً له. والليلة أقف بينكم مجددًا، في ختام هذا الحدث الثقافي الكبير، لأعبر عن الاعتزاز والفخر بما حققناه معًا خلال هذه الأيام المباركة؛ تجسيدا لسياسات فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني التي تسهر حكومة معالي الوزير الاول المختار ولد اجاي على تنفيذها بشكل متكامل ط، ويعمل قطاع الثقافة على تجسيدها في مجال تخصصه".وتابع: "لقد كانت هذه النسخة من مهرجان مدائن التراث، التي شرفتنا بها مدينة شنقيط، متميزة على كافة المستويات؛ تنظيمًا وحضورًا ومحتوى. فقد تجسد فيها عبق المكان بتاريخه البهي، وتشكلت لوحتها من إرث المدينة الزاخر بالعلم والمعرفة والجهاد والتجارة.على مدى أيام المهرجان، عشنا لحظات استثنائية؛ بين ندوات فكرية عميقة، وأمسيات شعرية أصيلة، وفنون غنائية ومسرحية ومسابقات وعروض نقلتنا إلى زمن الصفاء والنقاء. رأينا في مسابقات الرماية والرياضات التقليدية معاني الشجاعة والمروءة، وفي الصناعات التقليدية إبداع الأيادي وعبقرية الأفكار".

واستطرد ولد مدو في خطابه: " لقد حملت هذه النسخة رسائل متعددة؛ رسالة الوحدة الوطنية من خلال تراثنا المتنوع الجامع، ورسالة تنمية عبر البرامج والمشاريع التنموية التي أطلقتها الحكومة هنا في مدينة شنقيط، وفق التوجيهات السامية لصاحب الفخامة. 

وقد رُصد لهذه المشاريع غلاف مالي وصل أربع مليارات أوقية قديمة، وتضمنت هذه المشاريع تعزيز الخدمات الأساسية كالكهرباء والمياه، وتحسين البنية التحتية في قطاعات الصحة والتعليم، إلى جانب برامج تشغيل وتكوين الشباب، ومشاريع تثبيت الرمال، وافتتاح إذاعات محلية، ومتاحف ومراكز للتكوين المهني. كما شمل الدعم النهوض بالمحاظر والمساجد، وتعزيز دور التعاونيات النسوية والمشاريع الصغيرة، وتطوير منظومة الاتصالات، بما يساهم في توفير مقومات الحياة الكريمة وتهيئة بيئة مناسبة للتنمية المستدامة.

ولشيء من التفاصيل تم تشييد إذاعة ومتحف إذاعة شنقيط، ودعم المساجد والمحاظر، وتمت الأعمال المتعلقة بتزويد المدينة بالمياه، وزيادة الطاقة الكهربائية بالنصف، وتشييد بيت شنقيط للصناعة التقليدية، وبناء مركز التكوين المهني، وإطلاق المجمع التجاري بسوق النساء، وتمويل عشرات المشاريع المدرة للدخل لصالح الشباب والتعاونيات النسوية وذوي الهمم.

كما تم تكوين مئات الشباب تكوينا مهنيا في مجال السياحة والفنون، ودعم المنشآت السياحية (النزل، الفنادق) وتثبيت الرمال في خمسة عشر كلم وتسيبج عشرين كلم، وتم، كذلك، استثمار المزرعة وتوفير المياه بها، وبناء مدرستين وروضتين وإكمال الثانوية، وتشييد مختبر واقتناء كرسي أسنان، ودعم المصادر البشرية بالمركز الطبي، وترميم دار الشباب وتجهيز الملعب وتكوين الشباب وبناء متحف شنقيط. وسوق النساء وغرف علاجية، وتشييد معهد للقرآن ومشروع التنمية الحيوانية المندمج. 

وفي سياق متزامن يجري تنفيذ مشروع تعبيد الطريق الرابط بين شنقيط وأطار، وهو مطلب تاريخي لطالما انتظره السكان منذ فجر الاستقلال، ليترجم اليوم إلى واقع ملموس بفضل التزام ووفاء فخامة رئيس الجمهورية بتعهده لساكنة شنقيط خلال النسخة الماضية من المهرجان. هذا المشروع الهام الذي تبلغ تكلفته 12 مليار أوقية قديمة، تصبح معه شنقيط أول مدينة أثرية موريتانية تفك عنها العزلة، وهو ما سيشكل نقلة نوعية في تعزيز الروابط الاقتصادية والاجتماعية بالمنطقة، وتحسين ظروف التنقل والخدمات للسكان.جمعنا الكريم؛

على هذا الصعيد المبارك قبل أيام، اجتمعت أعلى سلطات ثقافية في العالم، ممثلة في مدراء منظمات اليونسكو والإيسيسكو والألكسو، بمناسبة حضورهم مهرجان مدائن التراث. هذا الحضور البارز يُعد نجاحًا ثقافيًا وسياسيًا وأمنيًا يعكس مكانة موريتانيا التراثية وقدرتها على تحقيق الاستقرار والانفتاح الحضاري.

لقد أكد المهرجان أهمية مدائن التراث كرمز حضاري وتاريخي، وجذب اهتمام العالم لما تزخر به من موروث غني يستحق الحماية. إن مشاركة هذه المنظمات الدولية تعزز مكانة موريتانيا على خارطة التراث العالمي، وتُبرز جهودها في صون هويتها التاريخية والحضارية.

أيها السادة والسيدات؛تميزت نسخة شنقيط، هذه كذلك، بترفيع وإثراء المحتوى العلمي من خلال طباعة أحد عشر مؤلفا جديدا لمؤلفين موريتانيين تم الاحتفاء بهم بالموازاة مع إطلاق المكونة العلمية، وتم إصدار عدد خاص من مجلة الثقافية؛ خصص لمدينة شنقيط؛ تاريخها، تراثها، أعلامها، معالمها، عاداتها، فلكلورها إلى غير ذلك من متعلقاتها.

وتم إصدار نشرية مدائن، وهي يومية تصدر عن المهرجان، تُوثّق فعالياته وتُتابع كل أنشطته لحظة بلحظة، كما تُبرز أعلام ومعالم شنقيط التاريخية. وتُعد هذه النشرية أداة توثيق وأرشفة هامة تُخلّد هذا الحدث الثقافي الكبير، وتُعرّف بمكانة المدينة وتراثها العريق، لتظل مرجعًا للباحثين والمهتمين بتاريخ مهرجان مدائن التراث.

كما تم تنظيم ندوات وصلت محاضراتها 35 محاضرة قدمها نخبة من الباحثين والأكاديميين، وطنيين ودوليين، وتناولت مختلف الجوانب الثقافية والتراثية والتنموية المرتبطة بمدينة شنقيط.

وقد ركزت هذه الندوات على مواضيع مهمة، منها حماية التراث الثقافي، والدور التاريخي للسفارة الشنقيطية في المشرق، وأهمية التجارة العابرة للصحراء كصلة وصل بين شمال وجنوب القارة. كما شملت دراسات حول المحظرة ومناهجها العلمية، ودورها في نشر الثقافة الشنقيطية، إلى جانب الإسهامات الثقافية والسياسية للمرأة الموريتانية، وفن المدح الشعبي بمزجه بين الأبعاد الروحية والترفيهية.

أيها الجمع الكريم؛شارك في هذه الطبعة من مهرجان مدائن التراث عشرات الشعراء والفنانين والفنانات الذين أمتعوا الحضور وآنسوه وشنفوا آذانه بجميل الشعر ونقي المواويل. وقد تم تكريم الحرفيين اعترافا وامتنانا لهم على دورهم في البناء الحضاري لأول مرة في تاريخ مهرجان مدائن التراث؛ استجابة لنداء فخامة رئيس الجمهورية من وادان..كما تم تنظيم العديد من المسابقات في القرآن الكريم والفقه والأصول والسيرة واللغة والشعر والفنون والتذوق  والألعاب التقليدية وكرة القدم، وسباق الخيل والإبل.

تنضاف إلى كل ذلك المعارض الثرية التي شملت المخطوطات والمطبوعات والصناعات التقليدية والآلات الموسيقية والتحف بكل أنواعها ومجالاتها.

أيتها السيدات والسادة؛لقد كانت هذه النسخة محطة مضيئة أكد فيها فخامة الرئيس مجددًا التزامه برؤيةٍ عادلةٍ لدولة المواطنة والإنصاف، دولةٍ تُعلي من شأن جميع أبنائها دون تمييز أو تهميش. دولة يتجاوز مواطنوها سرديات التراتبيات الاجتماعية المتخلفة؛ من أجل التأسيس لتحول مجتمعي آمن، وكانت كلماته هنا في شنقيط تجديدًا للتعهد بمواصلة البناء، ومواصلة تعزيز أسس العدالة الاجتماعية والمساواة، تلك القيم التي لا غنى عنها لإقامة مجتمع متماسك ومزدهر؛ حيث نادى فخامته بهبة  وطنية جامعة قوية لتغيير العقليات السلبية، والتخلص من كل النعرات الضيقة، وخطابات الكراهية، ونزعات الاستعلاء تحصينا لشعبنا ذي التاريخ الواحد والمستقبل المشترك.

أيها الحضور الموقر؛إن النجاح الذي شهدناه هنا، هو نتاج جهد جماعي. وهو مناسبة نجدد فيها شكرنا وامتناننا لكل من أسهم في إنجاح هذا المهرجان؛ للسلطات الإدارية والأمنية، وللمشاركين من علماء فنانين ومثقفين ورياضيين ورماة ومتسابقي إبل وخيل وللمنظمين والشباب المتطوعين. شكرًا لسكان شنقيط، الذين كانوا كما عهدناهم، أهل كرم وأصالة وحفاوة."