(الوئام الوطني - افتتاحية)/ خلال أقل من نصف العام، استطاع الوزير الأول، السيد المختار ولد اجاي، الوقوف بكل ثقة تحت قبة البرلمان وأمام ممثلي الشعب وفي نقل مباشر للرأي العام، أن يقدم حصيلة مشرفة لعمل حكومته المطبق لبرنامج رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني.
أقل من ستة أشهر كانت فيها الإنجازات بالعشرات، ما بين منجز تم تدشينه، ومنجز يمضي بخطى ثابتة نحو التنفيذ، وثالث وضع حجره الأساس بعد رصد تكاليفه وتحديد الفائز بصفقته واستعداد المشرف على خطوات التنفيذ.
فخلال جلسة عامة خصصتها الجمعية الوطنية، اليوم الجمعة، استعرض الوزير الأول، السيد المختار ولد اجاي، تقريرا حول نشاط الحكومة خلال عام 2024 و الخطوط العريضة لبرنامجها لعام 2025، وذلك تطبيقًا للمادة 73 من الدستور.
لقد اعتمد عرض التقرير على رؤية فخامة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، والتي تستند إلى خمسة محاور رئيسية تشكل الأساس لإعلان السياسة العامة للحكومة، حسب التقرير وهذه المحاور هي:
- بناء دولة القانون والمؤسسات القوية وتعزيز الحوكمة الرشيدة
- إنشاء اقتصاد قوي ومرن ومستدام بيئيًا
- تعزيز رأس المال البشري من خلال توفير تكوين وتأهيل عالي الجودة، مع التركيز على الشباب
- توفير شروط الوحدة الوطنية المتينة والاندماج الاجتماعي المتكامل
- ضمان الأمن والاستقرار وتعزيز حضور البلاد ودورها الإقليمي والدولي.
ولأن التهدئة السياسية تعتبر بوابة الاستقرار والتنمية وتجذير الديمقراطية، فقد وضعها رئيس الجمهورية على سلم أولوياته منذ استلامه السلطة قبل أكثر من خمسة أعوام وضمنها برنامجه الانتخابي الخاص بمأموريته الثانية.
وفي هذا الصدد، أكد الوزير الأول، السيد المختار ولد أجاي، في خطاب اليوم أمام الجمعية الوطنية أن الحكومة واصلت جهودها لتعميق وتعزيز جو السكينة والتواصل بين مختلف الأطراف السياسية، مشيرًا إلى أن نهج الانفتاح والنقاش مع الجميع هو أحد الركائز الأساسية للعمل الحكومي.
وعبّر عن ذلك من خلال اللقاءات التي جمعت فخامة الرئيس بأحزاب الأغلبية ومكتب مؤسسة المعارضة، بالإضافة إلى لقاءات الوزير الأول مع الأطراف السياسية التي أسفرت عن الاطلاع على ملاحظاتها واقتراحاتها.
كما أشار معالي الوزير الأول إلى إعلان فخامة الرئيس، بمناسبة الذكرى الـ64 لعيد الاستقلال الوطني، عن إطلاق حوار شامل يهدف إلى إعادة التفكير في نظام الحكامة والنموذج الديمقراطي الموريتاني.
وأكد أن هذا الحوار يهدف إلى طيّ نهائي لبعض الملفات الهامة، وعلى رأسها ملف الإرث الإنساني.
وأضاف أن الحكومة قامت بخطوات ملموسة لترقية الحكامة السياسية، من أبرزها إعداد مشروع قانون جديد للأحزاب السياسية.
ويهدف هذا القانون إلى تنظيم مساطر ترخيص الأحزاب وتسييرها بشكل يعزز دورها السياسي ويسهم بفعالية في تطوير الحياة الديمقراطية.
وتأكيدا على انتهاج أسلوب فصل السلطات وتعزيز دولة القانون، أكد معالي الوزير الأول أن الحكومة تضع في صدارة أولوياتها خلال العام 2024 هدفًا استراتيجيًا يتمثل في بناء دولة قانون ومؤسسات قوية، تعتمد الحكامة العصرية الرشيدة وتعزز السيادة المطلقة للقانون، مستعرضا الخطوط العريضة التي عملت عليها الحكومة لتحقيق هذا الهدف، ومشيرًا إلى التزامها بصون حقوق الإنسان والحريات العامة، وتعزيز إدارة فعالة وذات كفاءة مسخرة لخدمة المواطن عن قرب باستخدام أساليب حديثة.
وأوضح أن عمل الحكومة في هذا المحور انقسم إلى أربعة ورشات أساسية، تتمثل في تعزيز أسس الديمقراطية وتطوير المشاركة السياسية، وترسيخ سيادة القانون وضمان تطبيقه بنزاهة وعدالة، و تعزيز احترام حقوق الإنسان وحماية الحريات العامة، وتحسين كفاءة الإدارة العمومية واعتماد أساليب حديثة في تقديم الخدمات.
لقد استعرض الوزير الأول أبرز الإنجازات التي تحققت خلال الفترة الماضية، مشيرا إلى العمل على تنفيذ وثيقة إصلاح العدالة، التي تضمنت تعزيز استقلالية القضاء وتحسين وضعية العاملين في القطاع العدلي.
وأوضح أن الحكومة عملت على تقليص النقص في العنصر البشري من خلال إطلاق برامج للتكوين الأساسي والمستمر، بهدف رفع جودة التكوين وتحسين كفاءة مؤسسات وأجهزة القطاع العدلي، مؤكدا أن السنة الماضية شهدت تقدماً ملحوظاً في رقمنة الإجراءات القضائية، حيث أعدت الحكومة أنظمة رقمية لتسيير خدمات السجل الجنائي والعدالة التجارية والجنائية، وأنه من المقرر أن تدخل هذه الأنظمة حيز الخدمة قريباً، مما سيُسهم في تحسين فعالية الخدمات القضائية.
وأكد ولد اجاي أن الحكومة وضعت خطة للحد من استئجار المقرات العدلية، وذلك من خلال تنفيذ برنامج واسع لبناء مقرات المحاكم، مع التركيز على محاكم المقاطعات، مما يعزز من كفاءة النظام القضائي.
وفي إطار تعزيز الحكامة السياسية وترسيخ دولة القانون، قامت الحكومة بإعداد خطط عمل قطاعية لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وشرعت في تنفيذها.
كما أصدرت قانوناً لإنشاء محكمة متخصصة في محاربة العبودية والاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين، حيث تم تعيين رئيس المحكمة وأعضاء هيآتها، ورُصدت الموارد اللازمة لضمان فعاليتها.
وفي مجال حرية الصحافة، استعرض معالي الوزير الأول، السيد المختار ولد أجاي، إنجازات الحكومة في مجال حرية الصحافة لعام 2024، والتي انعكست بشكل إيجابي على تصنيف البلاد في المؤشرات الدولية، مشيرا إلى أن موريتانيا حققت لأول مرة المرتبة الأولى في إفريقيا والعالم العربي في حرية الصحافة، واحتلت المرتبة الثالثة والثلاثين عالميًا، كما أحرزت تقدمًا بارزًا في مجال أمن الصحفيين، حيث جاءت في المركز العاشر عالميًا.
وأكد أن هذه الإنجازات جاءت ثمرة للإصلاحات الجوهرية التي نفذتها الحكومة لتعزيز حرية الإعلام، والتي من بينها اعتماد مشاريع قوانين جديدة خلال العام الجاري، شملت قانون الصحفي المهني، وتنظيم الاتصال السمعي البصري، وتنظيم الدعم العمومي للصحافة الخاصة.
كما شهدت البلاد انضمامها إلى مبادرة الشراكة الدولية من أجل الإعلام والديمقراطية، ما يعزز مكانة موريتانيا على الساحة الدولية كدولة داعمة لحرية الإعلام.
واستعرض الوزير الأول عدة مشاريع انطلقت أعمالها، وأخرى اكتملت دراساتها الفنية وعبئ التمويل الضروري لها وأطلقت بالفعل.
وفي مجال التشغيل، أكد ولد اجاي، أنه سيتم خلال الأشهر المقبلة تنظيم اكتتاب لحوالي ثلاثة آلاف موظف (مهندسين، اقتصاديين، قانونيين، أطباء، أساتذة، ومعلمين... إلخ)، لتلبية الحاجات الملحة لبعض القطاعات الوزارية وضخ دماء جديدة فيها، بحسب تعبيره.
كما نبه ولد اجاي إلى أن عرضه المقدم أمام البرلمان، يهدف إلى ترجمة رؤية فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، التي انطلقت مع برنامجه "تعهداتي" وتواصلت عبر برنامجه الجديد "طموحي للوطن"، والتي شملت المشاريع الكبرى التي أطلقتها الحكومة وأبرز الخطوات التي تم اتخاذها لتعزيز التنمية في مختلف المجالات.
وأعلن معاليه الخطوط العريضة لبرنامج الحكومة لعام 2025، مؤكدًا أنه يستند إلى نفس الركائز التي تم اعتمادها في بيان السياسة العامة للحكومة، والتي تشمل تعزيز الحوكمة الرشيدة وتطوير منظومة الدولة، والتركيز على الأداء الاقتصادي مع مراعاة الاستدامة البيئية، و إيلاء أهمية خاصة لتأهيل الشباب وتعزيز التعليم والتكوين، والعمل على تعزيز التماسك الاجتماعي، وضمان أمن البلاد وتعزيز حضورها الإقليمي والدولي.
وخصص معاليه فقرة لتقديم إنجازات خاصة في المشاريع والبرامج التي أطلقت خلال الأشهر الأخيرة من عام 2024، مع التأكيد على التزام الحكومة بإكمال هذه المشاريع وتطويرها.
وأكد معالي الوزير الأول التزام الحكومة بالسير على نهج تحقيق رؤية رئيس الجمهورية، مشددًا على أن خطط العام الجديد تهدف إلى مواجهة التحديات وتلبية تطلعات الشعب الموريتاني نحو مستقبل أفضل.
إن إطلالة الوزير الأول اليوم أمام البرلمان لتنبئ بأن تنزيل برنامج رئيس الجمهورية كاملا سيتم قبل أن تنتهي مأموريته الرئاسية الحالية، وأن ذلك سيفتح المجال واسعا أمام التقييم والتصحيح.. وأمام إنجازات إضافية تنزيلا لتوجيهات فخامته اللاحقة التي ستراعي الظرف والحاجة والأولوية.
وكالة الوئام الوطني للأنباء