رام الله / PNN - جاء ذلك خلال المؤتمر السنوي الثاني لسيادة القانون الذي عُقد بالتزامن في كل من رام الله وغــــزة، والذي جاء تحت عنوان: "سيادة القانون، المساءلة، التماسك الاجتماعي، الديمقراطية التشاركية، والحكم الرشيد ...هي الطريق لديمقراطية متماسكة"، وذلك ضمن فعاليات مشروع المواطن أولاً الممول من الاتحاد الأوروبي والذي هو نواة برنامج يتم تنفيذه بالشراكة بين "سيفيتاس" و "جمعية الخريجات الجامعيات بقطاع غـــزة" و"مرصد العالم العربي للديمقراطية والانتخابات" بالضفة الغربية، وبتمويل من الاتحاد الأوروبي، وذلك تحت مظلة التحالف المدني للديمقراطية وسيادة القانون، حيث ترأس المؤتمر الأستاذ يسري درويش رئيس التحالف المدني للديمقراطية وسيادة القانون.

وقد عُقد المؤتمر في يومٍ عبر عن وحدة الأراضي الفلسطينية ووحدة الحالة الوطنية، رغم الظروف التي تشهدها فلسطين والمنطقة من دوامة من العنف والقتل والإبادة الجماعية والتهجير القسري، ليؤكد على التزام المجتمع المدني الفلسطيني بضرورة الخروج من دوامة العنف وتعزيز ثقافة الحوار والاحتكام للقانون الدولي والشرعية الدولية الواجب إعادة الهيبة لها، بالإضافة لجميع مبادئ حقوق الإنسان.
وقد استضاف فعاليات المؤتمر بغـــــــزة كافيه شوي زيتونة بوسط مدينة دير البلح، وفي رام الله في قاعة فندق البيوتي ان – شارع خليل يوم أمس الأحد الموافق 17 نوفمبر 2024م، بمشاركة نخبة من المسئولين وممثلين/ات عن المؤسسات الحكومية، خبراء وباحثين ونشطاء من مؤسسات المجتمع المدني، ومجموعة المؤسسات القاعدية الشريكة التي شاركت بالمشروع على مدار 4 ساعات من الزمن، من كل محافظات الوطن.

وقد ناقش المؤتمر 4 دراسات وأوراق عمل بحثية تتمركز حول محاور: واقع سيادة القانون والعدالة الاجتماعية، مساحة المجتمع المدني والاعتراف به كشريك، واقع المشاركة المدنية في عملية المساءلة المجتمعية وحوار السياسات مع أصحاب الواجب، والتغيير السلمي والتحول الديمقراطي في ظل بيئة النزاع.
الجلسة الأولى بعنوان: الإصلاح والشراكة المجتمعية استراتيجية فعالة لسيادة القانون، وقد تم عرض ورقتي عمل فيها:

الورقة الأولى: المجتمع المدني: الحيز والتحديات، وسؤال المستقبل" للدكتور عمر رحال، مدير عام مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس".
الورقة الثانية: "واقع المشاركة المدنية في عملية المساءلة المجتمعية وحوار السياسات" للأستاذة شادية الغول، المنسقة الإقليمية ومدير مكتب غزة، بمؤسسة مفتاح.  رافقهم الاستاذ. ماهر عيسى، مدير سيفيتاس، مديرا للجلسة.
الجلسة الثانية بعنوان: الشراكة والتماسك ودورهما في صيانة عملية التحول الديمقراطي، وقد تم عرض ورقتي عمل فيها:
الورقة الثالثة بعنوان ("إصلاح القضاء في فلسطين: مدخل لسيادة القانون والحكم الرشيد") للأستاذ ماجد العاروري، مدير عام الهيئة الأهلية لاستقلال القضاء وسيادة القانون (استقلال).
الورقة الرابعة بعنوان "التغيير السلمي والتحول الديمقراطي في بيئة النزاع والسبيل لسيادة القانون" للدكتور عبد ربه العنزي، رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة الأزهر- غـــــــزة.  رافقهم الدكتور طالب عوض، خبير ومفكر استراتيجي، مديرا للجلسة.
ويأتي هذا المؤتمر ضمن مشروع "المواطن أولا" الذي يهدف المشروع لتمكين المجتمع المدني الفلسطيني من لعب دورٍ وقوة فاعلة من أجل الإصلاح الاجتماعي، والاقتصادي والسياسي عبر تعزيز عملية وثقافة المساءلة في المجتمع الفلسطيني، بما يشمل تعزيز أدوار كل من المجتمع المدني والفاعلين الاجتماعيين بالإضافة لحاملي المسئولية عبر تحسين استجاباتهم لمطالب جماهيرهم من المواطنين أصحاب الحقوق؛ وتمكينهم من الإيفاء بمسؤولياتهم والتزاماتهم بصفتهم أصحاب الواجب؛ حيث أن المشروع تم تصميمه وبنائه بالاعتماد على النهج القائم على الحقوق. ويسعى المشروع لتوفير بيئة داعمة ومساحة وموازنة للمنظمات المدنية والمواطنين على حدٍ سواء، للمناصرة حول حقوقهم، من خلال تعزيز إدراكهم وتمكينهم من الانخراط والمشاركة الفاعلة في الحكم عبر تعزيز مكانة واحترام حقوق الإنسان والممارسات الديمقراطية الفُضلى.

وقد جاء هذا المؤتمر ليسلط الضوء على ما مرت به المنطقة العربية خلال ما يزيد عن عقد من الزمن بمرحلة حراك وتغيير سياسي واجتماعي على خلفية ثورات ومظاهر احتجاجية واسعة فيما بات يعرف بالربيع العربي؛ حيث انعكست هذه الحركات إيجاباً وسلباً على المجتمعات والدول العربية؛ الأمر الذي يجب ألا يلفت نظرنا بعيداً عن ضرورة الإبقاء على جوهر عملية التغيير والبناء المجتمعي فلسطينياً، لاسيما ما يحفظ ويحافظ على هويتنا وكينونتنا الفلسطينية رغم كل المتغيرات والظروف الحالكة التي تمر بها قضيتنا سواء على الصعيد الداخلي أو الإقليمي المحيط أو الدولي.

حيث تمر المجتمعات العربية بما فيها مجتمعنا الفلسطيني الآن باختبار حقيقي في مسيرة التحول الديمقراطي على خلفية الاستحقاقات الدستورية والسياسية والنقاش الدائر بشأنهما، بالإضافة للحوار الدائم والمتعثر باستمرار حول موضوع المصالحة والوحدة الوطنية واستحقاقاتها بما فيها ضرورة عقد الانتخابات الشاملة وتجديد الشرعيات، عمليات الإصلاح الديمقراطي والبناء المؤسسي لهيئات دولة القانون، والحاجة الملحة التي تفرض نفسها لقيام حالة من الحوار المجتمعي المؤسسي، الفعال والشامل؛ لتحقيق العبور الآمن لمجتمع العدالة والحرية والمساواة، والديمقراطية التشاركية، نحو ديمقراطية متماسكة ورفاه اجتماعي.
وقد كان من أبرز توصيات المشاركين في المؤتمر:
1. الدعوة لعقد مؤتمر إنقاذ وطني يشارك فيه مختلف مكونات المجتمع الفلسطيني بما فيها المؤسسات الرسمية لدولة فلسطين، القطاع الخاص، والمجتمع الأهلي المدني، للتوافق على الرؤية والأدوار واستراتيجيات العمل المطلوب تبنيها عاجلاً وتلك الاستراتيجية.
2. بناء مؤسسات ديمقراطية قوية: بحيث يكون من أهم مظاهرها الفصل بين السلطات، وتحديداً ضمان استقلالية القضاء ووجود هيئات رقابية مستقلة لضمان المساءلة والشفافية في العملية السياسية، وتطوير الهياكل الإدارية من خلال دعم برامج لبناء قدرات الموظفين الحكوميين وتحسين مستوى الخدمة العامة لضمان تقديم خدمات فعالة وموثوقة للمواطنين.
3. ضرورة الاعتراف المتبادل وبناء الثقة بين مكونات المجتمع لاسيما بين المجتمع المدني ومؤسسات الدولة جنباً إلى جنب مع القطاع الخاص، ضمن رؤية تكاملية لا تنافسية سعياً لتحقيق الدور التكاملي وتبادل الأدوار لاسيما وأن الحاجة والواقع الحالي يتطلب مثل هكذا استراتيجية تعمل على الإنقاذ والخروج لبر الأمان.
4. تعزيز المشاركة السياسية: ومن أهم ممارساتها ضمان عقد انتخابات دورية، حرة وعادلة ونزيهة برقابة شعبية ومجتمعية، وتحت إشراف دولي، مع توفير بيئة آمنة تسمح بمشاركة جميع فئات المجتمع وتضمن تمثيلهم في عمليات اتخاذ القرار فيما بعد عمليات الانتخابات.
5. الوصول إلى عقد اجتماعي من خلال هيئة تأسيسية منتخبة تمثل جميع الفلسطينيين في أماكن تواجدهم، للوصول إلى عقد اجتماعي يُجمع عليه الفلسطينيون، ويمثل أساساً لدستور الدولة الفلسطينية العتيدة القائمة على الديمقراطية وسيادة القانون.
6. تعزيز ثقافة السلام والتسامح: إدراج برامج تعليمية تهدف إلى تعزيز ثقافة السلام والتسامح وبناء السلام، بما فيها السلم الأهلي، وذلك في المدارس والمعاهد والجامعات، مع التركيز على التعايش وتقبل الآخر والحراك السلمي اللاعنفي، والقيام بالمبادرات المجتمعية عبر تنظيم فعاليات وورش عمل تشجع على الحوار بين مختلف الفئات الاجتماعية والسياسية لتقليل التوترات وتعزيز ثقافة الحوار والمصالحة.
7. تعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية: عبر إنشاء آليات لحماية حقوق الإنسان ومكاتب مستقلة لمراقبة حقوق الإنسان وتقديم المساعدة القانونية للضحايا، مع العمل على توثيق الانتهاكات. وتفعيل القوانين المحلية والدولية، وتطبيق القوانين التي تحمي حقوق المواطنين وتعزز الحريات الأساسية، مع التأكيد على ضرورة التزام الجهات الفاعلة في النزاع بذلك، من خلال تكريس ثقافة سيادة القانون واحترام الدستور والالتزام به.
8. تعزيز دور المجتمع المدني ودعم منظمات المجتمع المدني عبر تقديم الدعم المالي والفني لمنظمات المجتمع المدني لتعزيز قدرتها على العمل في المجالات الديمقراطية وحقوق الإنسان. وتشجيع إنشاء شبكات محلية بين المنظمات غير الحكومية لتعزيز التعاون وتبادل الخبرات، مما يعزز من فعالية جهودهم.
9. إصلاح القضاء بمشاركة المجتمع المدني والمؤسسات القانونية غير الحكومية والمحامين والقضاة والخبراء القانونيين لضمان تنفيذ الإصلاحات بطريقة شاملة وشفافة، والعمل على إنشاء آليات لمتابعة وتقييم تنفيذ الإصلاحات القضائية وقياس نتائجها، واستخدام مؤشرات الأداء والتقييم المستمر لتحديد نقاط القوة والضعف واتخاذ التدابير اللازمة لتحسين الأداء، بما فيها الالتزام باحترام تشكيل واستقلالية مجلس القضاء الأعلى، وكذلك إنشاء بنك وطني فلسطيني للمعلومات القانونية والقضائية، مع ضرورة التشديد على توضيح العلاقة التكاملية بين مجلس القضاء الأعلى والنيابة العامة ووزارة العدل بشكل لا يقبل الجدل ، بحيث تظهر اختصاصات كل منها بصورة جلية دون تداخل بينها أو تعارض، مع ضرورة إيلاء أهمية للوحدة القانونية والقضائية ما بين شطري الوطن، واتخاذ التدابير اللازمة بما فيها عمليات انتداب خبراء دوليين بما يضمن مساعدتنا.
10. إنشاء مرصد لسيادة القانون يعمل من خلال إطار عمل لتقييم حالة الالتزام بسيادة القانون عبر قياس المؤشرات المقترنة بالنتائج والإثباتات للجوانب التي تعزز الالتزام بمبدا سيادة القانون بما فيها فصل السلطات، الالتزام بالدستور والقانون، دورية الانتخابات ونزاهتها، الالتزام بمبادئ الشفافية والنزاهة والمساءلة، ومدى الالتزام باهتمامات وحقوق ومصالح الناخبين في عمليات صنع القرار والسياسات والتشريعات والقوانين الصادرة عن الجهات المختصة.
11. إصدار قانون الإفصاح والحق في الحصول على المعلومات تعزيزاً لميدأ الشفافية مع ضرورة وضع آليات للحصول على المعلومات وتبني التدابير اللازمة لذلك، بالإضافة إلى ضرورة وضع آلات لمتابعة الشكاوي المقدمة من الجمهور لضمان حق المواطنين في الحصول على حقوقهم وتحقيق العدالة الناجزة، ولكي لا تقتصر الآليات فقط على الجوانب الشكلية التزاماً بمبدا المساءلة والمحاسبة.