الداخل المحتل / PNN - انتقد خبراء قانونيون إسرائيليون قرار وزير الأمن، يسرائيل كاتس، وقف إصدار أوامر اعتقال إداري ضد المستوطنين في الضفة الغربية مع الاستمرار في تطبيقها على الفلسطينيين في جانبي الخط الأخضر. وأكد الخبراء أن قرار كاتس غير قانوني وينتهك المبادئ الأساسية للقانون الدولي والإداري، مما يجعله عرضة للإلغاء من قبل المحكمة العليا الإسرائيلية، وقد يفتح الباب أمام المزيد من مذكرات الاعتقال الدولية ضد مسؤولين سياسيين وأمنيين في إسرائيل، بما في ذلك كاتس نفسه.

وفي مقابلة مع القناة 12 الإسرائيلي مساء أمس، الجمعة، تهرب كاتس من الإجابة صراحة عن سؤال حول شمول المواطنين العرب ضمن قراره إلغاء الاعتقالات الإدارية للإسرائيليين، غير أنه ألمح أن القرار لن يشملهم، وبرر كاتس ذلك برفضه المقارنة بين "مخربين فلسطينيين ومستوطنيين يهود"، وقال ساخرا: "سمعت أنهم يصفون ذلك بأنه أبارتهايد"

والاعتقال الإداري هو اعتقال يستند إلى معلومات سرية لا يتم الكشف عنها، ويُحتجز المعتقلون الإداريون في مراكز اعتقال إسرائيلية دون تقديم لوائح اتهام ضدهم، ويُصنّف الإجراء على أنه "اعتقال وقائي لأسباب أمنية". وحاليًا، يُحتجز ثمانية معتقلين إداريين يهود بموجب أوامر إدارية، مقارنة بـ3,443 فلسطينيًا كانوا قيد الاعتقال الإداري في إسرائيل حتى الأول من تشرين الأول/ نوفمبر من بينهم 40 معتقلاً إداريًا فلسطينيًا يحملون الجنسية أو الإقامة الإسرائيلية من مناطق الـ48 أو من مدينة القدس المحتلة.

وأشار ثلاثة خبراء في القانون تحدثوا لصحيفة "هآرتس" إلى أن السياسة التي يتبناها كاتس تمييزية بطبيعتها. وذكر البروفيسور باراك مدينا، أستاذ القانون الدستوري بالجامعة العبرية، أن الاعتقال الإداري هو إجراء وقائي يهدف إلى منع شخص يخطط لارتكاب أعمال عنف من تنفيذ مخططاته، ويجب أن يعتمد على تقييم فردي لخطر هذا الشخص، لا على أساس انتمائه العرقي أو الديني.

وأوضح مدينا أن قرار كاتس الذي ينص على عدم تطبيق الاعتقالات الإدارية "بأي حالة تخص يهوديًا، حتى في ظل غياب أي وسيلة قانونية أخرى لمنع الخطر"، يعبر عن سياسة تمييزية بشكل صريح. وأضاف أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى إلغاء جميع الاعتقالات الإدارية، بما في ذلك ضد الفلسطينيين، نظرًا لأن القرار يظهر وجود دوافع غير قانونية في استخدام هذه السلطة.

وشدد مدينا على أن التبرير الذي قدمه كاتس لقراره، الذي ادعى أنه اتخقه لأن المستوطنين يتعرضون "لتهديدات إرهابية فلسطينية"، يعزز عدم شرعية هذه الخطوة. وأفاد الخبير القانوني بأن "ذلك يعني ضمنا أنه وفقا لموقف وزير الأمن، يجب على الحكومة الامتناع عن اتخاذ جميع الإجراءات القانونية المتاحة لها لحماية حياة الفلسطينيين في المناطق، كما هي ملزمة بموجب القانون الدولي".

من جانبه، وصف المحامي ميخائيل سفاراد، المستشار القانوني لمنظمة "يش دين" الحقوقية، القرار بأنه "إجراء عنصري يكرس التمييز والفصل العنصري لصالح اليهود فقط". واعتبر أن استخدام الاعتقال الإداري أداة قانونية قمعية يجب التوقف عنها تجاه الجميع، مضيفًا أن القرار يمثل ذروة جديدة في تطبيق أيديولوجية التفوق اليهودي.

وقال سفاراد إن قرار كاتس يعبر عن "إجراء عنصري من الدرجة الأولى إذ يعلن بلا خجل عن سياسة تمييزية لصالح أولئك الذين تكون أمهاتهم يهوديات". وشدد على أن الاعتقال الإداري يُعد "إجراءً قانونيًا مشينًا ويجب التوقف عن استخدامه ضد أي شخص. القرار الذي ينص على إلغاء استخدام هذه الأداة القمعية في حالة اليهود يمثل ذروة جديدة في تطبيق أيديولوجية التفوق اليهودي من قبل الحكومة".

ولفت سفاراد إلى أن القرار الجديد ينضم إلى السياسة التمييزية السارية بالفعل في حدود الضفة الغربية، والتي تتجلى في الفجوة الكبيرة بين أعداد المعتقلين الإداريين وفي حقيقة أن القانون الجنائي الذي يُطبق على المستوطنين يختلف عن القانون الذي يُطبق على الفلسطينيين.

وأوضح سفاراد أنه إلى جانب كونها عنصرية، فإن السياسة الجديدة غير قانونية أيضًا من حيث قواعد القانون الإداري. "يُفترض أن يكون الاعتقال الإداري نتيجة لتقدير فردي يتم بناءً على الخطر الذي يشكله شخص معين. لذلك، فإن سياسة تحدد بشكل شامل استخدامه أو عدم استخدامه بناءً على معيار هوياتي تعيق التقدير وتدخل اعتبارات أجنبية في القرار".

وأضاف: "إذا ظل قضاة المحكمة العليا ملتزمين بالمبادئ القانونية التي تم تطويرها في الأحكام القضائية على مر العصور، سواء فيما يتعلق بحظر التمييز أو حظر تقييد التقدير، فسيتم إلغاء السياسة التي أعلن عنها كاتس".

وأكد الخبراء أن السياسة الجديدة لا تتماشى مع المبادئ القانونية، حيث يفترض أن يعتمد الاعتقال الإداري على اعتبارات فردية، وليس على الهوية العرقية. وأشاروا إلى أن المحكمة العليا الإسرائيلية قد أيدت في السابق سياسات إنفاذ تمييزية بين اليهود والفلسطينيين في الضفة الغربية، مثل سياسة هدم المنازل، إلا أن هذه الحجج لا تنطبق على الاعتقالات الإدارية التي تهدف للوقاية وليس الردع.

وسبق أن أيدت المحكمة العليا الإسرائيلية سياسة الفصل العنصري في تطبيق القانون بين اليهود والفلسطينيين في الضفة الغربية. حيث رُفضت الالتماسات التي طالبت بوقف سياسة هدم منازل منفذي العمليات - التي بموجبها تهدم إسرائيل منازل الفلسطينيين الذين أدينوا بجرائم تتعلق بـ"الإرهاب"، لكنها تمتنع تمامًا عن هدم منازل اليهود الذين أدينوا بجرائم مماثلة.

وقال مدينا: "فضت المحكمة التماسات ضد هذه السياسة التمييزية استنادًا إلى الادعاء بأن هدم المنازل ليس عقوبة، بل وسيلة لردع الآخرين عن ارتكاب أعمال إرهابية، وبالنسبة لليهود هناك مستوى كافٍ من الردع لأن المجتمع الذي يعيش فيه المهاجم لا يشجع الإرهاب".

واستدرك قائلا: "برأيي، هذا ادعاء يفتقر إلى الصلاحية، ولكنه في كل الأحوال غير مقبول في السياق الحالي، لأن الاعتقال الإداري ليس وسيلة للردع، بل لمنع وقوع عمل إرهابي، وفي هذا الشأن، يجب أن يعتمد القرار على الخصائص الشخصية للفرد، دون النظر إلى المجتمع الذي يعيش فيه".

على الصعيد الدولي، حذر الدكتور إلياف ليبليخ، أستاذ القانون الدولي بجامعة تل أبيب، من تداعيات هذا القرار، مشيرًا إلى أنه يشكل انتهاكًا للقانون الدولي الذي يحظر التمييز في استخدام التدابير الأمنية. وأضاف أن هذه السياسة قد تؤدي إلى تحفيز المحكمة الجنائية الدولية لإصدار مذكرات اعتقال إضافية ضد مسؤولين أمنيين وسياسيين إسرائيليين، وربما فرض عقوبات دولية على إسرائيل.

وقال ليبليخ إن "هناك تصريحًا واضحًا من الوزير بأن الإجراءات الأمنية في الأراضي (المحتلة) ستُنفذ بناءً على الانتماء العرقي، وليس على أساس اعتبارات أمنية ذات صلة. هذا تصريح يتناقض مع الالتزام المنصوص عليه في القانون الدولي بعدم التمييز في تطبيق مثل هذه الإجراءات. مثل هذا القرار قد يدفع المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي إلى إصدار أوامر اعتقال إضافية بسبب جرائم مختلفة - بما في ذلك ضد كاتس نفسه - وكذلك يؤدي إلى فرض عقوبات أمنية على إسرائيل".