الداخل المحتل / PNN - وصف تقرير صادر عن "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، قرار المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بإصدار مذكرات اعتقال دولية ضد رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ووزير الجيش السابق، يوآف غالانت، بأنه بالنسبة لإسرائيل هذا "قرار غير مسبوق وخطير، يضع عليها وصمة كبيرة وله عواقب أخرى تتجاوز عواقبه على نتنياهو وغالانت بكثير".

يشار إلى أن قرار المحكمة الجنائية تطرق إلى الجانبين الإنساني والعسكري للحرب على غزة، ويؤكد على "وجود أساس معقول للاقتناع بأن نتنياهو وغالانت يتحملان مسؤولية جنائية تتعلق بجريمة حرب بسبب استخدام التجويع كأسلوب قتالي؛ جرائم ضد البشرية بالقتل والاضطهاد وممارسات أخرى غير إنسانية؛ وجريمة حرب بمهاجمة متعمدة ضد السكان المدنيين"، وفقا للتقرير.

ولفت التقرير، الذي صدر أمس، الثلاثاء، إلى أن قرار قضاة المحكمة الجنائية ينسب لنتنياهو وغالانت ممارسات خطيرة تتطابق مع "الاتهامات ضد إسرائيل بممارسة الإبادة الجماعية في محكمة العدل الدولية، وتشمل منع بشكل متعمد وصول الغذاء والماء والدواء والمعدات الطبية والعلاج الطبي إلى سكان غزة، وذلك بهدف التسبب بمجاعة ومعاناة وموت".

كما أشار قرار المحكمة الجنائية إلى أن "الاستهداف الخطير لحقوق السكان في غزة بالحياة والصحة تم على خلفية سياسية أو قومية، ولذلك تندرج ضمن جريمة الاضطهاد. وجاء في القرار أن نتنياهو وغالانت يتحملان لكونهما صناع قرار المسؤولية عن عدم منع هجمات متعمدة على مدنيين في حالتين على الأقل تم تقديمهما إلى المحكمة".

وأضاف لتقرير أنه في إطار التحقيق قد تصدر المحكمة مذكرات اعتقال ضد مسؤولين إسرائيليين آخرين، بضمنهم ضباط في الجيش الإسرائيلي ومسؤولون في أجهزة الأمن الأخرى. "ومن الجائز أن مذكرات كهذه تم تقديم طلب بشأنها من خلال إجراءات غير معلنة، إذ بالإمكان إصدار مذكرات اعتقال بصورة سرية".

ولا يزال التحقيق في المحكمة الجنائية جاريا، ويتطرق أيضا إلى مناطق الضفة الغربية والقدس الشرقية، ومن شأنها أن تؤدي إلى إصدار مذكرات اعتقال أخرى بسبب الأحداث فيها.

ويعني قرار المحكمة الجنائية أنه في حال وصول نتنياهو وغالانت إلى أي من الدول الـ125 الأعضاء في المحكمة، وبينها جميع الدول الأوروبية تقريبا ومعظم دول وسط وجنوب أميركا، وكذلك كندا وأستراليا واليابان وغيرها، فإن هذه الدول ملزمة باعتقالهما، وفق ما أكد التقرير.

ولن يكون بالإمكان محاكمة نتنياهو وغالانت غيابيا، "ورغم ذلك هذا القرار هو سابقة تلحق ضررا شديدا بصورة إسرائيل"، بادعاء أنها دولة ديمقراطية، بينما جميع القرارات المشابهة التي صدرت عن المحكمة الجنائية في الماضي كانت ضد حكام دول استبدادية، "ولذلك، توجد عواقب أخرى لمذكرات الاعتقال، ومن شأنها أن تؤدي إلى خطوات هامة أخرى ضد إسرائيل وتمس بشكل أكبر بمكانتها الدولية الهشة أصلا"، بحسب التقرير.

وحذر التقرير من أن خطوات كهذه قد تشمل "صدور مذكرات اعتقال عن محكمة العدل الدولية، والتأثير على قرار المحكمة بشأن الادعاءات الخطيرة ضد إسرائيل؛ إجراءات قضائية ضد ضباط وجنود وموظفين عامين إسرائيليين في دول مختلفة؛ مزيد من القيود على نقل أسلحة وحتى تعاون أمني من جانب دول مختلفة؛ ابتعاد دول مختلفة عن إسرائيل لدرجة قطع علاقات دبلوماسية واتساع ظاهرة مقاطعة إسرائيل وإسرائيليين".

واعتبر التقرير أن المحكمة الجنائية الدولية "منحازة ومعادية لإسرائيل"، لكن إصدارها مذكرات الاعتقال "يعبر عن مفهوم تجذر في العالم، وخاصة بين أكاديميين وخبراء قانون دولي ومنظمات حقوق إنسان، وبموجبه إسرائيل هي دولة تنتهك القانون وتخرق بقدم همجية القواعد الأساسية للقانون الدولي. كما يعكس قرار المحكمة المفهوم الذي بموجبه بالإمكان وقف حروب بوسائل قضائية، وبذلك توقع أن تؤدي مذكرات الاعتقال ضد قادة إسرائيل إلى وقف الحرب.

وادعى التقرير أن قرار المحكمة الجنائية "تجاهل تعقيدات الحرب" على غزة، وأنه "قرار خاطئ وإجرائي وجوهري ولم يكن من الصواب اتخاذه".

رغم ذلك، أشار التقرير إلى أنه "ليس بالإمكان الاستخفاف بتأثير أداء الحكومة الإسرائيلي المضر على قرار إصدار مذكرات الاعتقال، وبضمن ذلك تصريحات وممارسات الحكومة طوال أشهر الحرب التي ساهمت في ترسيخ الاتهامات المفندة، إلى جانب غياب تحقيقات مستقلة في إسرائيل، ومنع إدخال مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة، وعدم منع اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين في الضفة".

وفيما ليس بالإمكان الاستئناف على قرار المحكمة الجنائية بإصدار مذكرات الاعتقال التي لا تلغى بالتقادم ولا ينتهي سريانها، فإن بإمكان إسرائيل، حسب التقرير، تنفيذ خطوات من أجل محاولة التأثير على إجراءات المحكمة والمخاطر الأخرى، "في المستويات القضائية مقابل المحكمة، والسياسية الدولية وخطوات إسرائيلية داخلية".

وحسب التقرير، فإنه بإمكان إلغاء مذكرات الاعتقال من خلال تشكيل لجنة تحقيق رسمية مستقلة للتحقيق في الجرائم الإسرائيلية، وفرض عقوبات على المحكمة الجنائية، وفي هذا السياق تعلق إسرائيل آمالا على تصريحات إدارة ترامب بشأن فرض عقوبات كهذه وضد دول تنفذ مذكرات الاعتقال. لكن التقرير استدرك أن فرض عقوبات كهذه لن يلغي مذكرات الاعتقال وستثير انتقادات واسعة في الدول الغربية، وخاصة الأوروبية. "وثمة شك إذا كان التهديد بعقوبات أميركية سيمنع دولا غربية من تنفيذ مذكرات المحكمة".

وإمكانية أخرى تتعلق بإلغاء مجلس الأمن الدولي لمذكرات الاعتقال، ورجح التقرير احتمال الاتفاق في مجلس الأمن الدولي على تعليق، وليس إلغاء، مذكرات الاعتقال التي صدرت ضد مسؤولين روس مقابل وقف إطلاق نار في الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وبعد ذلك يكون بالإمكان في إطار تسوية سياسية واسعة تشارك إسرائيل فيها، إلى جانب الفلسطينيين والسعودية، أن يتم تعليق مذكرات الاعتقال ضد إسرائيليين.