غزة / PNN - أظهرت نتائج استطلاع الرأي العام الفلسطيني في الضّفة الغربيّة وقطاع غزّة، الذي نفذه مركز العالم العربي للبحوث والتنمية "أوراد"، ان أغلبية الفلسطينيين في قطاع غزة (88%) تعرضوا للنزوح مرة أو أكثر بسبب العدوان الإسرائيلي، وان 13% من المستطلعة ارائهم لا يخططون للعودة الى منازلهم ومدنهم إلا بعد بضعة شهور أو سنوات، بينما أكد 5% أنهم لا ينوون العودة أبدا.
وأجرى مركز العالم العربي للبحوث والتنمية (أوراد) استطلاعًا للرأي العام خلال الفترة ما بين 24- 26 كانون الثاني/يناير 2025، شمل 600 فلسطينيًا بالغًا موزعين في مراكز الإيواء، وتجمعات الخيام، والمباني السكنية، بهدف تقييم أوضاعهم الإنسانية ومدى قدرتهم على العودة إلى منازلهم في ظل الظروف الراهنة.
وكشفت نتائج الاستطلاع عن مجموعة من التحديات المعقدة التي تعترض طريق النازحين في العودة إلى ديارهم، بدءًا من الدمار الكامل للمنازل، ومرورًا بعدم توفر الخدمات الأساسية، وصولًا إلى المخاوف الأمنية التي لا تزال تلقي بظلالها على الحياة اليومية في قطاع غزة، وحالة عدم اليقين حول المستقبل.
وجاءت أبرز نتاجئ الاستطلاع كما يلي:
القسم الأول: أوضاع النازحين ومؤشرات العودة والإعمار
أولًا: النزوح في قطاع غزة
أظهر الاستطلاع أن غالبية المبحوثين (88%) قد تعرضوا للنزوح من محافظتهم الأصلية، بسبب العدوان على غزة.
ثانيًا: مؤشر طبيعة مكان الإقامة (مؤشر الإعمار)
في الوقت الذي تم فيه هذا المسح، أشار (50%) من النازحين إلى أنهم يقيمون في خيام، بينما يقيم (19%) في مراكز إيواء، و(30%) يقيمون في مباني، سواء كانت متضررة، أو غير متضررة، أو مهجورة، أو غير مكتملة.
من الملفت أن نسبة أكبر من المستجيبين الذكور (27%) يشيرون إلى تواجدهم في مباني (سواء متضررة أو غير متضررة) مقارنةً مع الإناث (13%). في المقابل، فإن نسبة أكبر من الإناث تقيم في مراكز الإيواء أكثر من الذكور (23% من الاناث مقابل 16% من الذكور)، وكذلك الحال بالنسبة لتجمعات الخيام، حيث تصرّح (54%) من الاناث بالعيش هناك، مقابل (47%).
ثالثاً: مؤشر العودة لمحافظات السكن الأصلية (مؤشر العودة)
أفاد (48%) من المستطلعين أنهم سيعودون خلال الأيام القليلة التالية، وصرّح (24%) بأنهم سينتظرون لعدة أسابيع (من تاريخ إجراء الاستطلاع). أما الباقي (13%) فآثروا الانتظار لعدة شهور او فترات تتجاوز السنة. وفي المقابل، صرّح (5%) بأنه "لم يعد لهم شيء يعودون إليه."
فيما يخص عوامل الانتظار بالنسبة للعودة، تم سؤال الفئات التي لن تعود فوراً (خلال أشهر، سنوات) أو لا تخطط للعودة لمناطق سكنها السابقة عن العوامل خلف ذلك، كانت أبرز العوامل: دمار منازلهم الأصلية (32%)، يليه غياب الخدمات الأساسية مثل الأسواق، المساعدات الغذائية، والصحة (29%)، ثم وجود عائلات أخرى تقيم في منازلهم (26%). كما أشار (8%) إلى نقص الأمن والخوف والتعرض لإطلاق النار من قبل الجيش الإسرائيلي، بينما ذكر (4%) عدم قدرتهم على تحمّل تكاليف العودة.
القسم الثاني: الظروف المعيشية، المخاوف والأولويات
أولًا: الصعوبات الاقتصادية والظروف المعيشية السيئة
لا تزال الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة صعبة للغاية، حيث صّرح ثلثي المستطلعين (67%) أن أوضاعهم المعيشية الحالية بأنها (سيئة أو سيئة جداً). في الوقت نفسه، صنّف (21%) وضعهم الاقتصادي بأنه متوسط أو مقبول، بينما اعتبر (12%) أنه (جيد أو جيد جدًا). هذه الاختلافات في الظروف المعيشية بين الفلسطينيين في غزة تتأثر بتباين مصادر الدخل، والمساعدات الخارجية، ومنطقة السكن، وإمكانية الوصول إلى الجهات الداعمة. يجب أن تُفهم هذه التقييمات في سياق غياب النشاط الاقتصادي الأساسي في غزة. وفقًا لرد إحدى المشاركات من شمال غزة:
"الحمد لله، لقد نجونا حتى الآن؛ لقد كافحنا لتأمين احتياجاتنا الأساسية وتلقينا مساعدة؛ وهذه نعمة؛ وهذا جيد."
ثانياً: تدني مستوى الشعور بالأمن والأمان
كشف الاستطلاع عن شعور انعدام الأمن بين غالبية سكان غزة. فقد أعرب (72%) من المستجيبين عن مخاوفهم فيما يتعلق بسلامة أسرتهم، ووصف (41%) شعورهم بالأمن بأنه (سيئ أو سيئ جداً). في المقابل، صنّف (31٪) شعورهم بالأمن بأنه (متوسط أو مقبول)، بينما يشعر (29%) بالأمن. تعكس النسبة المرتفعة للمشاركين الذين يعانون من انعدام الأمن مدى الهشاشة المستمرة وعدم الاستقرار وعدم اليقين في غزة بعد وقف إطلاق النار.
ثالثاً: أبرز المخاوف التي تواجه سكان غزة
أظهر الاستطلاع أهم القضايا الكبرى التي تؤرق سكان قطاع غزة، وهي المخاوف حول السلامة الشخصية، ورفاهية الأسرة، ومستقبل إعادة الإعمار. فقد أعرب (81%) من المشاركين عن خوفهم من فقدان الأهل والأحبة بسبب استمرار حالة عدم الاستقرار، وكذلك الخوف على السلامة الشخصية (81%)، بالإضافة إلى ذلك، أعرب (79%) عن تخوّفهم من التعرض للأمراض. كما تخوّف (78%) من أن جهود إعادة الإعمار قد لا تتحق. بالإضافة إلى ذلك، صرّح (74%) عن قلقهم من النزوح طويل الأمد. وشملت المخاوف الأخرى فقدان الفرص المستقبلية للأجيال القادمة (73%)/ ونقص المقومات الأساسية اللازمة للبقاء (72%).
رابعاً: واقع اليوم والنظرة للمستقبل
ومع ذلك، فإنه في وقت القيام بهذه الدراسة، صرحت غالبية من فلسطينيي غزة (56%)، بأن الأمور تسير بالاتجاه الصحيح (وذلك
بالإشارة وقف إطلاق النار وتفاعل المستطلعين مع إمكانيات العودة)، بينما صرّح (40%) بأن الأمور تسير بالاتجاه الخاطئ. وفي نفس السياق، وبرغم الظروف السائدة، إلا أن (61%) يصرحون بأنهم متفائلون بالمستقبل، بينما صرّح (39%) بأنهم متشائمون
القسم الثالث: جهود الإغاثة الإنسانية
أولًا: مصادر الأخبار والمعلومات حول الأحداث الجارية
صرّح (55%) من المستطلعين بأنهم يعتمدون على وسائل التواصل الاجتماعي كوسيلة رئيسية للحصول على المعلومات والأخبار العامة، في المقابل، يلجأ (23%) من فلسطينيي غزة إلى (الأشخاص المحيطين من العائلة والأصدقاء)، و(19%) يعتمدون على الراديو، و(3%) على التلفاز.
ثانياً: الوصول إلى المعلومات المتعلقة بالمعونة الإنسانية
ما زالت غالبية فلسطينيي قطاع غزة (51%) يعتمدون على مصادر معلومات غير رسمية (الأشخاص المحيطين من العائلة والأصدقاء) حول المساعدات الدولية الإنسانية، سواء من حيث توفرها وأماكن توزيعها وشروط الحصول عليها وغير ذلك. في المقابل، يلجأ الباقي إلى مصادر أخرى، مثل وسائل التواصل الاجتماعي (الفيس بوك وتويتر وتيك توك مثلاً) بنسبة (13%)، وبنفس القدر (13%) يلجأ فلسطينيي غزة إلى تطبيقات المراسلة (الواتس آب وتيلجرام). وفي نفس الوقت، صرّح (12%) بأنهم يعتمدون على المواقع الالكترونية الإخبارية المختلفة. وصرح )6%( بأنه يحصلون على المعلومات مباشرة من المنظمات الإنسانية ووكالات الأمم المتحدة نفسها. أما الباقي فلا يحصلون على معلومات حول المساعدات الإنسانية أو يحصلون عليها من مصادر أخرى.
هذا، وتتباين مصادر المعلومات حول المساعدات الإنسانية بين الذكور والإناث، حيث تظهر البيانات أن الذكور أكثر اعتماداً على المصادر الرسمية (50%)، بما في ذلك وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات المراسلة والمواقع الرسمية، بينما ما زالت الغالبية من الإناث تعتمد على المصادر غير الرسمية (54%)، مثل العائلة والأصدقاء. تشير هذه الفجوة إلى أن النساء يواجهن حواجز أكبر في الوصول إلى معلومات المساعدات الرسمية، مما قد يحد من قدرتهن على تأمين المساعدات الضرورية.
ثالثاً: انعدام المشاركة المجتمعية في صنع القرارات حول المساعدات الإنسانية
عند سؤال المستطلعين عن مشاركتهم باتخاذ القرارات المتعلقة بطبيعة المساعدات الإنسانية، أفاد (2%) فقط بأنهم حصلوا على فرصة فعلية للمشاركة، بينما ذكر (14%) أنه أتيحت لهم فرصة للمشاركة الى حد ما. في المقابل، أكد (84%) أنهم لم تتاح لهم الفرصة في عملية اتخاذ القرار بشأن المساعدات والخدمات الإنسانية.
رابعاً: إعادة الإعمار واحتياجات المجتمع
فيما يخص الجهود المتعلقة بإعادة الإعمار، يتخوف (38%) من المستجيبين من أن تتم عملية الإعمار بما لا يلبي احتياجات المتضررين في قطاع غزة، بينما يثق (43%)، بدرجات مختلفة، بأن عملية الإعمار ستلبي احتياجات المتضررين، والباقي (19%) غير متأكدين.
وقال مركز أوراد ان الاستطلاع يهدف إلى تسليط الضوء على الأوضاع الإنسانية للنازحين، بما في ذلك المحافظة الأصلية التي نزحوا منها، نوع المأوى الذي يقيمون فيه حاليًا، والتحديات التي تعيق عودتهم إلى محافظاتهم الأصلية. كما يتناول تقييم المستجيبين للأوضاع الاقتصادية ومستوى الشعور بالأمن والأمان، بالإضافة إلى مدى ثقتهم في مرحلة إعادة الإعمار ومدى قدرتها على تلبية احتياجات المتضررين. كذلك، يستعرض الاستطلاع المصادر الأساسية التي يعتمد عليها الفلسطينيون في غزة للحصول على الأخبار والمعلومات. وأخيرًا، يبحث في مدى مشاركة الفلسطينيين في قطاع غزة في اتخاذ القرارات المتعلقة بالمساعدات الإنسانية المقدمة من الجهات المانحة ومدى استجابتها لاحتياجاتهم.
أجرى فريق من الخبراء، مكوّن من 30 باحثاً وباحثة، المقابلات الوجاهية بمساعدة الأجهزة الذكية مع 600 فلسطيني في غزة. وشمل العمل أربع محافظات، بينما تم استثناء شمال غزة بسبب نزوح معظم سكان المحافظة إلى المحافظات الأخرى، حيث كان تقدير عدد السكان المقيمين في محافظة شمال غزة خلال تواريخ جميع البيانات أقل من 5% من إجمالي السكان. كما تم اختيار العينة وفق تصميم عينة عنقودية طبقية متناسبة، من خلال الاعتماد على منشورات عن تحركات السكان أصدرها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية (OCHA)، باستخدام صور الأقمار الصناعية من يونوسات وأرقام سكانية تم انتاجها بشكل مستقل من خلال نشاط مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي من خلال مشروع (Gaza (Now Pop في جامعة أكسفورد. كما تم تحديد مناطق العد بشكل عشوائي، واستخدام منهجية المسار العشوائي لاختيار المستجيبين وفق جدول كيش مع مراعاة تحقيق التوازن بين الجنسين. تم وزن العينة النهائية بناءً على بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (تحديث كانون الأول/ ديسمبر 2022) لضمان التمثيل الديموغرافي الدقيق. كان مستوى الثقة المعنوي 95٪ وهامش الخطأ هو ±4.