الداخل المحتل/ PNN - اعتبرت صحيفة "هآرتس" العبرية التصعيد الإسرائيلي السريع الذي تشهده الضفة الغربية في الأسابيع الأخيرة "نوعا من التعويض لليمين المتطرف عن حزنه وخيبة أمله" بشأن اتفاق غزة لاستعادة الأسرى الإسرائيليين من قطاع غزة.
وقالت الصحيفة في افتتاحيتها اليومالاثنين: "التصعيد (الإسرائيلي) السريع في الأسابيع الأخيرة، هو نوع من التعويض لليمين المتطرف عن حزنه وخيبة أمله بشأن الصفقة لإعادة الرهائن إلى ديارهم، دفع السكان إلى اليأس وجعلهم يخشون المستقبل".
وتابعت: "كما هي العادة، بدلاً من حل المشكلة الجذرية للصراع أثبتت إسرائيل مرة أخرى أنها لا تفهم إلا القوة ولا تستطيع إلا التفكير قصير المدى".
ووجه قادة اليمين المتطرف في إسرائيل انتقادات لاذعة لاتفاق وقف إطلاق النار بغزة وتبادل الأسرى الذي دخل حيز التنفيذ في 19 يناير/ كانون الثاني الماضي، واعتبروه تراجعا عن أهداف الحرب واستسلاما لحركة "حماس".
وأوضحت أن الجيش الإسرائيلي الذي يهدم المنازل في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين لتوسيع الطرق "قرر أن يجعل الوضع أكثر صعوبة"، مشيرة إلى أنه "جلب الدبابات إلى مخيم جنين للاجئين (شمال الضفة الغربية) لأول مرة منذ 20 عاما".
وأشارت الصحيفة إلى أن الحملة التي "قادها قادة المستوطنين الذين كانوا يدفعون من أجل مثل هذه الخطوات على مدار أكثر من عام أثمرت، حيث تمكن المستوطنون من تحويل الضفة إلى منطقة حرب بكل معنى الكلمة".
وأضافت: "بعد ثلاثة وعشرين عاما من عملية السور الواقي في الضفة الغربية لا تزال إسرائيل في نفس الوضع المزري، في ظل غياب الحل السياسي، الذي قد يؤدي إليه المزيد من العنف والعقاب الجماعي وإساءة معاملة المدنيين كما أن العمل العسكري سوى حلقة مفرغة من العنف وسفك الدماء والإدانات العالمية لإسرائيل؟".
وفيما يتعلق بتهجير الفلسطينيين، قالت الصحيفة إن "وزير الدفاع يسرائيل كاتس أعلن يوم الأحد، بفخر عن هدف العملية التي يشنها الجيش في الضفة الغربية، وهو طرد سكان مخيمات اللاجئين".
وأضافت: "في قطاع غزة تحلم الحكومة بنقل السكان، لكنها تفعل ذلك بالفعل في الضفة الغربية، حتى أن كاتس قال إنه أمر بعدم السماح لأربعين ألف فلسطيني طردوا بالفعل من مخيمات اللاجئين في جنين وطولكرم ونور شمس بالعودة لمدة عام على الأقل".
وأوضحت أن تصريحات كاتس تتناقض مع ادعاءات الجيش منذ بدء العملية العسكرية في الضفة الغربية بأنها "لا تطرد السكان من هناك".
كما تأتي تصريحات كاتس في ظل أوضاع صعبة يعيشها النازحون، حيث قالت "هآرتس" إن "سكان مخيمات اللاجئين الذين طُردوا من منازلهم يلجؤون إلى أي مكان يمكنهم الوصول إليه في المدن والقرى المجاورة".
وتابعت: "ينام العشرات منهم على الأرض في ملاجئ مؤقتة يديرها متطوعون محليون، لقد اضطر عشرات الآلاف إلى مغادرة منازلهم بسرعة كبيرة لدرجة أنهم لم يكن لديهم الوقت لأخذ الملابس أو الأدوية أو المال معهم، ولم يذهب أطفالهم إلى المدرسة منذ أسابيع".
وأشارت إلى أن بعض الفلسطينيين "اعترفوا أنهم فروا خوفا"، فيما "أجبر جنود إسرائيليون فلسطينيين على مغادرة منازلهم".
وعن ذلك تابعت: "قالت إحدى العائلات إن الجنود دخلوا منازلها في منتصف الليل وطردوها، وقال شاب إن الجنود استخدموه درعا بشريا ثم أمروه بمغادرة المخيم، وقال رجل مسن كفيف إن الجيش استولى على مبنى وأدخله إليه وحبسه في غرفة مع عائلة أخرى لمدة يومين دون السماح لهم بالتواصل مع أي شخص".
وأضافت: "يتضمن هذا الروتين تدمير الشوارع وطرد الناس من منازلهم وقتلهم".
ولليوم 35 يواصل الجيش الإسرائيلي عدوانه على مدينة جنين ومخيمها، وفي مدينة طولكرم ومخيمها لليوم 29، بينما يواصل اقتحام مخيم نور شمس لليوم 16.
ومساء الأحد، اقتحمت دبابات إسرائيلية مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين، في تصعيد عسكري هو الأول من نوعه منذ عام 2002، وذلك بعد إعلان الجيش نقل فصيل دبابات إلى جنين للمشاركة في الهجوم العسكري على المنطقة.
وفي مؤتمر صحفي مساء الأحد، خلال حفل تخريج ضباط في مدينة حولون قرب تل أبيب، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن الجيش سيواصل القتال في الضفة.
ومنذ 21 يناير/ كانون الثاني الماضي، وسع الجيش الإسرائيلي عملياته العسكرية التي أطلق عليها اسم "السور الحديدي"، في مدن ومخيمات الفلسطينيين شمال الضفة، وخاصة في جنين وطولكرم وطوباس، مخلفا 61 شهيدا وفق وزارة الصحة، ونزوح عشرات الآلاف، ودمار واسع في البنية التحتية وممتلكات المواطنين .
وتحذر السلطات الفلسطينية من أن تلك العملية تأتي "في إطار مخطط حكومة نتنياهو لضم الضفة وإعلان السيادة عليها، وهو ما قد يمثل إعلانا رسميا لوفاة حل الدولتين".
ويأتي توسيع العمليات العسكرية شمال الضفة الغربية بعد تصعيد الجيش الإسرائيلي والمستوطنين اعتداءاتهم بالضفة، بما فيها القدس الشرقية، منذ بدء الإبادة في قطاع غزة، في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ما أسفر عن استشهاد ما لا يقل عن 923 فلسطينيا، وإصابة نحو 7 آلاف شخص، واعتقال 14 ألفا و500 آخرين، وفق معطيات فلسطينية رسمية.