غزة /PNN- تقرير اية شلش- في أول ليالي شهر رمضان المبارك، كان الحال في قطاع غزة مختلفًا تمامًا. ففي ظل الصعوبات المتعددة التي يعيشها القطاع تحت وطأة الحصار والدمار الذي خلفه الاحتلال الإسرائيلي، لا يزال أهالي غزة يحاولون إحياء تقاليد رمضان بكل إصرار وعزيمة، متحدين الظروف القاسية التي فرضها الوضع الراهن.
رغم الدمار الواسع الذي خلفته الحرب الأخيرة في القطاع، بدأ رمضان في غزة بأجواء روحانيةٍ مليئة بالتحدي والصمود. بينما كانت الخيام التي تؤوي العائلات النازحة تغرق في مياه الأمطار الغزيرة، كان المسحراتي يجوب شوارع مدينة خان يونس جنوب القطاع في أول سحور من رمضان، يوقظ الأهالي على السحور وسط الركام، في مشهد يجسد الإصرار على الحياة رغم كل المحن. وقد شهدت الشوارع تزيينًا بسيطًا من الزينة الرمضانية التي زرعت الأمل في قلوب الفلسطينيين، حيث أضاءت الأضواء الملونة في بعض المناطق المنكوبة، ليواصل أهل غزة احتفالاتهم بهذا الشهر الفضيل، رغم قسوة الأوضاع.
لم يثنِ الدمار الذي حل بغزة على مدار سنوات من حياة الناس، من استمرارهم في الاحتفال بشهر رمضان، حتى وإن كانت ظروفهم لا تحتمل. ففي أول أيام الشهر الكريم، حمل الأطفال بين يديهم الفوانيس الرمضانية الصغيرة ورفعوا أيديهم بالدعاء معبرة عن فرحتهم بهذا الشهر رغم كل التحديات.
كانت الشوارع التي تغرقها الأمطار والمباني المدمرة، تشهد نشاطًا ملحوظًا في تحضير السحور وتجهيزات رمضان، التي تميز أهل غزة عن غيرهم. وفي غياب الكهرباء والمياه الصالحة للشرب، وجد الأهالي في غزة أنفسهم يقاومون أكثر من أي وقت مضى، مؤكدين أن روح رمضان لا يمكن أن تموت
الدمار والأمطار: تحديات قاسية في أول ليالي رمضان
مع بداية أول سحور، تواجه آلاف العائلات النازحة في قطاع غزة ظروفًا إنسانية قاسية بسبب الأمطار الغزيرة التي غمرت الخيام، مما أدى إلى تلف ممتلكاتهم ومقتنياتهم. وتسربت المياه إلى داخل الخيام، فأجبرت العديد من الأسر، وخاصة الأطفال والنساء، على مغادرتها بحثًا عن مأوى بديل. ولكن، كما هو الحال دائمًا، لم يجدوا مكانًا يقيهم من البرد القارس، مما زاد من معاناتهم في ظل ظروف مأساوية.
أما بالنسبة للعائلات التي لجأت إلى بقايا منازلها المدمرة، فلم تكن حالتها أفضل، حيث تسربت المياه من الأسطح والجدران المتصدعة، مما جعل الأوضاع أكثر قسوة. وأصبح العديد منهم يواجهون التحدي الأكبر المتمثل في التكيف مع هذه الظروف المناخية السيئة دون أن تتوفر لهم أي وسائل للحماية
الدمار في البنية التحتية والكارثة الإنسانية
ويستمر القطاع في معاناته من غرق الشوارع بمياه الأمطار، بينما تكافح فرق الطوارئ المحلية للتعامل مع الوضع بمقدراتها المحدودة. فعلى الرغم من النداءات المستمرة من الجهات المحلية والدولية من أجل توفير المعدات والآليات اللازمة لإغاثة المتضررين، فإن إسرائيل تواصل عرقلة إدخال تلك المساعدات والمعدات الضرورية. وقد ساهم هذا التباطؤ في تنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار في تفاقم الوضع بشكل أكبر.
وحسب المسؤولين المحليين، فإن نحو 88% من البنية التحتية في غزة قد دُمرت خلال أكثر من 15 شهرًا من الحرب، ما جعل الأوضاع المعيشية أكثر صعوبة. البنية التحتية المدمرة تشمل المنازل، المستشفيات، المؤسسات الحيوية، والخدمات الأساسية التي يحتاجها السكان.
وفي وقت يعاني فيه قطاع غزة من أزمة إنسانية خانقة بسبب الحصار الإسرائيلي المستمر، يواجه الناس نقصًا حادًا في المواد الغذائية والمساعدات الإنسانية. وهو ما يهدد بتفاقم الأزمة الصحية والنفسية للنازحين الذين يفتقرون إلى أبسط مقومات الحياة، سواء من حيث الغذاء أو الرعاية الصحية أو الملابس
تدهور الوضع الصحي ونقص الإغاثة
الأزمة الإنسانية في غزة ليست مقتصرة على الأوضاع المعيشية فحسب، بل تشمل أيضًا تدهور الوضع الصحي في القطاع. فعلى الرغم من الجهود المتواصلة من قبل المنظمات الإنسانية المحلية والدولية، فإن نقص الأدوية والمستلزمات الطبية يشكل تحديًا كبيرًا، خصوصًا في ظل الزيادة المستمرة في عدد المصابين بسبب الحرب والظروف الصحية السيئة.
وتزداد المخاوف مع نقص الأدوية والمستلزمات الطبية. على الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها المنظمات الإنسانية المحلية والدولية، إلا أن غزة لا تزال تعاني من نقص حاد في المواد الطبية. وقد أكدت تقارير الصليب الأحمر أن العديد من العائلات النازحة تعاني من نقص شديد في الأغطية والملابس الدافئة، مما يعرضهم لخطر الأمراض الناتجة عن البرد القارس، بينما تتفاقم الأوضاع الصحية السيئة بسبب غياب الأدوية والمرافق الصحية.
وقد حذرت العديد من المنظمات الحقوقية والإنسانية من تفاقم الأزمة الصحية في قطاع غزة، والتي قد تؤدي إلى كارثة صحية إنسانية إذا استمر الوضع على ما هو عليه
وأكّد المسؤولون أن هذا الوضع جاء في وقت يعاني فيه قطاع غزة من أزمة إنسانية خانقة، بسبب الحصار الإسرائيلي والقيود المفروضة على دخول المواد الغذائية والمساعدات الإغاثية. وهو ما يهدد بتفاقم الأزمة الصحية والنفسية للنازحين الذين يفتقرون إلى أبسط مقومات الحياة.
في الختام، رغم التحديات الكبيرة التي يواجهها أهالي غزة في أولى ليالي شهر رمضان، حيث تتضافر الأمطار الغزيرة مع الدمار الناتج عن العدوان الإسرائيلي، يظل الشعب الفلسطيني رمزًا للصمود والإصرار. ورغم الظروف القاسية، يتمسك الفلسطينيون بتقاليدهم العريقة ويحتفلون بشهر رمضان، مبرهنين على أن الأمل لا يموت مهما اشتدت المحن. ومع ذلك، يبقى الوضع الإنساني في تدهور مستمر، مما يتطلب تحركًا عاجلًا من المجتمع الدولي لتقديم الدعم والمساعدة وإنقاذ حياة آلاف الأسر التي تعيش في ظل ظروف مأساوية.