تواجه شركات تكنولوجيّة عملاقة تباعًا دعاوى وضغوط من المفوّضيّة الأوروبّيّة، لمكافحة احتكارها العديد من الخدمات المقدّمة للمستهلكين في دول التكتّل.

واعتبارًا من سبتمبر/أيلول 2023 أقرّ الاتّحاد الأوروبّيّ قانون الأسواق الرقميّة DMA، وهو سلسلة تشريعات مناهضة للاحتكار تهدف إلى الحدّ من هيمنة شركات التكنولوجيا الكبرى في القطاع الرقميّ.

القانون ركّز على وضع مجموعة معايير لتنظيم حرّاس البوّابة (الشركات الّتي تتحكّم في الوصول إلى المنصّات الرقميّة الرئيسيّة مثل متاجر التطبيقات وخدمات المراسلة) ومنعهم من احتكار هذه الأسواق.

وبالعودة إلى تفاصيل القانون، فإنّه كان يستهدف ستّ شركات: Alphabet وAmazon وApple وByteDance وMeta وMicrosoft، مع تهديدها بعقوبات تصل إلى غرامة 10 بالمئة على مبيعاتها السنويّة.

هذه القوانين بمثابة خطوة ثوريّة نحو تشجيع المنافسة في صناعة التكنولوجيا، وهو الهدف الّذي تسعى إليه دول أخرى في أنحاء القارّة.

يأتي ذلك، في وقت فرضت شركات مثل أبل وألفابت في القطاع الرقميّ، قوّة لصالحها، تسيطر خلالها على متاجر التطبيقات وخدمات الدفع عبر الهاتف المحمول والعديد من المنصّات الرقميّة الأخرى.

وبسبب هذه الهيمنة، أصبحت هذه الشركات قادرة على خنق المنافسة من خلال مجموعة متنوّعة من التدابير، وفق مذكّرة صادرة في أغسطس/آب الماضي عن المفوّضيّة الأوروبّيّة.

وتشمل هذه التدابير: تحديد أسعار الشركات الأصغر حجمًا، ووضع شروط وأحكام قاسية للمطوّرين لتقديم تطبيقاتهم على منصّات رقميّة كبيرة، والدخول في صفقات حصريّة مع المورّدين لضمان عدم حصول المنافسين على نفس الموارد.

بعبارة أخرى، أصبحت شركات التكنولوجيا العملاقة هذه قادرة على تحديد الشركات الّتي تنجح في الصناعة.

وبفضل قانون مكافحة الاحتكار، تمكّنت المفوّضيّة الأوروبّيّة في مارس/آذار الماضي من إجبار شركة Apple على فتح نظام الدفع عبر الهاتف المحمول للمنافسين، بعد تحديد أنّ ممارساتها انتهكت بروتوكولات القانون الجديد.

والآن أصبح بإمكان شركات الدفع الاستفادة من نظام المحفظة في أجهزة آيفون، لتقديم خدمات الدفع للمستهلكين الأوروبّيّين الحاملين لأجهزة أبل.

نفس الشركة، تعرّضت إلى غرامة تبلغ 1.84 مليار يورو في مارس الماضي، بسبب انتهاك قانون مكافحة الاحتكار، بعد ادّعاء Spotify بأنّ Apple حدّت من المنافسة من مواقع بثّ الموسيقى الخارجيّة من خلال فرض قيود عليها على متجر التطبيقات الخاصّ بها.

ومنذ سبتمبر/أيلول الماضي تخوض مايكروسوفت تحقيقات متعدّدة، أبرزها تحقيق من قبل الجهات التنظيميّة الأوروبّيّة بشأن اتّهامات بأنّ الشركة تمنع العملاء من استخدام برامج أمان معيّنة تقدّمها شركات تقنيّة أخرى على أنظمة الشركة.

كذلك، تواجه مايكروسوفت قضايا مكافحة الاحتكار في الاتّحاد الأوروبّيّ؛ بسبب اتّهامات بربط تطبيق الاتّصال المرئيّ "تيمز" Teams مع حزمة تطبيقات "أوفيس 365" و"مايكروسوفت 365"، ما يعتبر ممارسة قد تقيّد المنافسة.

هذه القضيّة بدأت عقب شكوى قدّمتها شركة "سلاك" المنافسة عام 2020، وتمّ تعزيزها بشكاوى لاحقة من شركات أخرى مثل Alfaview.

المفوّضيّة الأوروبّيّة رأت أنّ إضافة "تيمز" كجزء من هذه الحزم بدون إعطاء خيار للعملاء أدّى إلى تمييز غير عادل لصالح مايكروسوفت، ممّا أضرّ بالمنافسة.

ورغم إعلان Microsoft عن فصل "تيمز" عن الحزم الرئيسيّة منذ أبريل/نيسان 2024، إلّا أنّ الاتّحاد الأوروبّيّ اعتبر أنّ هذه التعديلات غير كافية، وطالب بمزيد من الإجراءات لاستعادة التوازن في السوق.

أمّا عملاق التواصل الاجتماعيّ "ميتا" المالكة لـ "فيسبوك" و"انستغرام" و"واتساب" و"فيسبوك ماسنجر"، فإنّها تواجه في الاتّحاد الأوروبّيّ عدّة قضايا متعلّقة بمكافحة الاحتكار.

أبرزها اتّهامها باستغلال موقعها المهيمن وربط خدمة "فيسبوك ماركت بليس" Facebook Marketplace بشكل غير قانونيّ بمنصّتها الاجتماعيّة "فيسبوك".

واعتبرت المفوّضيّة الأوروبّيّة أنّ هذه الممارسات تمنح "ماركت بليس" مزايا تنافسيّة غير عادلة، ما يعرض منافسيها لخطر الإقصاء، إضافة إلى فرض شروط تجاريّة غير عادلة على مقدمي الإعلانات الآخرين.

بناء على هذه الانتهاكات، فرض الاتّحاد الأوروبّيّ غرامة قدرها حوالي 798 مليون يورو (837 مليون دولار).

القضيّة بدأت عام 2021، وواصلت "ميتا" الدفاع عن نفسها بقولها إنّ المستخدمين ليسوا ملزمين باستخدام "ماركت بليس"، لكنّها أعلنت نيّتها استئناف القرار.

إضافة لذلك، تواجه ميتا تحقيقات أخرى تتعلّق باستخدام بيانات المعلنين بشكل قد يضرّ المنافسة، في إطار قوانين مكافحة الاحتكار الأوروبّيّة.