من شأن إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال دولية ضد رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن السابق، يوآف غالانت، بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في غزة، أن يؤثر بشكل كبير على العلاقات الخارجية لإسرائيل خلال المرحلة المقبلة، مع تباين في ردود الفعل بين الدول الأوروبية والولايات المتحدة.
تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في "تليغرام"
وبعيد صدور القرار الذي أثار موجة إدانات وانتقادات حادة في إسرائيل، أكد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، اليوم الخميس أن قرار المحكمة الجنائية الدولية "ملزم ويجب أن يحترم وينفذ" من قبل جميع الدول الأعضاء في المحكمة، بما في ذلك دول الاتحاد الأوروبي.
وقال بوريل، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، في عمان، إن "هذا ليس قرارا سياسيا، بل قرار محكمة، محكمة عدل، ومحكمة عدل دولية. وقرار المحكمة يجب أن يحترم وينفذ". وأضاف مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي أن "المأساة في غزة يجب أن تنتهي" وأن قرار المحكمة يجب أن ينفذ.
من جهتها، أعلنت عدة دول أوروبية، مثل فرنسا وهولندا والنرويج وإسبانيا، أنها ستلتزم بالقرار، مؤكدة أنها ستقلص اتصالاتها مع نتنياهو إلى الحد الأدنى، وأنها ستتخذ إجراءات قانونية ضده في حال زار أراضيها. وكانت دول مثل مثل بريطانيا وألمانيا قد أكدت التزامها بقرارات المحكمة، مع تحفظات على مدى تنفيذها عمليًا.
في حين أن الولايات المتحدة أعربت عن رفضها للمحكمة، واعتبرت أن هذه المذكرات حتى قبل صدورها، واعتبرت إدارة الرئيس الحالي، جو بايدن، أنه لا أساس قانوني لها كون إسرائيل ليست طرفًا في معاهدة روما. في حين تعهدت إدارة ترامب الجديدة بالدعم المطلق لإسرائيل في مواجهات القرار القضائي بعد تنصيبها.
وعلّق مستشار الأمن القومي في إدارة ترامب، مايكل وولتز، قالا: "الجنائية الدولية تفتقر إلى المصداقية وهذه الاتهامات قد تم دحضها من قبل حكومة الولايات المتحدة. إسرائيل دافعت عن شعبها وحدودها بشكل قانوني ضد الإرهابيين القتلة. توقعوا رد فعل قوي ضد حكمة الجنائية الدولية والأمم المتحدة في كانون الثاني/ يناير"، موعد تنصيب الإدارة الجديدة.
وسلطت وسائل الإعلام الإسرائيلية الضوء على التأثير المحتمل لقرار المحكمة الجنائية الدولية على ضباط الجيش الإسرائيلي، حيث قد يفتح الباب أمام ملاحقتهم قضائيًا في دول أجنبية بتهم ارتكاب جرائم حرب في غزة وقد يحد ذلك من قدرتهم على السفر. كما أبدت المخاوف من أن يؤدي هذا القرار إلى تعزيز حملات مقاطعة إسرائيل دوليا، بما في ذلك المقاطعة الأكاديمية.
ومن المتوقع أن يؤثر القرار كذلك على فرص زيارة نتنياهو وغالانت للعديد من الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية (123 دولة - تشمل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي)؛ وقد يحرم القرار كذلك نتنياهو من السفر إلى الولايات المتحدة إذ أن الدول الموقعة على اتفاقية روما، قد تمنعه من عبور مجالها الجوي.
وأثار القرار مخاوف إسرائيلية من تأثيرات إضافية محتملة قد تشمل تقليص صادرات الأسلحة إلى إسرائيل، بعدما اعتبرت المحكمة أن الأسلحة المستخدمة في الحرب الإسرائيلية المتواصلة منذ 412 يوما على قطاع غزة مرتبطة بارتكاب جرائم حرب محتملة.
ويضع القرار إسرائيل في مواجهة قانونية ودبلوماسية مع العديد من دول العالم، وقد يعكس تحولًا في مواقف المجتمع الدولي تجاه الانتهاكات العسكرية في غزة، حيث يواصل القادة الأوروبيون تأكيد التزامهم بالقانون الدولي وسط دعوات لفرض عقوبات أو قطع العلاقات الدبلوماسية أو تعليق الحوار السياسي مع إسرائيل.
وأعلنت هولندا عقب القرار استعدادها للتحرك بناء على أمر الجنائية الدولية؛ وقال وزير الخارجية الهولندي فيلد كامب، في مجلس النواب، إنه "إذا هبط نتنياهو على الأراضي الهولندية، فسيتم اعتقاله". وأضاف: "لن تقوم هولندا بعد الآن بإجراء اتصالات غير أساسية مع نتنياهو. وينطبق الشيء نفسه على وزير الأمن الإسرائيلي السابق، غالانت".