صعد مؤشر الدولار الأميركي أمام سلة من ست عملات رئيسية، في ختام جلسة الجمعة، إلى أعلى مستوى له في قرابة 13 شهرا، مدفوعا بتوقعات عودة التضخم والتوترات الجيوسياسية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترامب.
وبلغ مؤشر الدولار 107.5 وهو أعلى مستوى منذ تشرين أول/ أكتوبر 2023 أمام ست عملات رئيسية وهي: اليورو والجنيه الإسترليني والدولار الكندي والكرونة السويدية والفرنك السويسري والين الياباني.
ولا يعتبر الدولار القوي إيجابيا دائما على الاقتصاد الأميركي، إذ يحمل بعض السلبيات، كما أن سلبياته أكثر من إيجابياته على المستوى العالمي.
وبدأ المستثمرون حول العالم يقيمون مسار أسعار الفائدة الأميركية في اجتماع يعقده الفيدرالي في كانون أول/ ديسمبر المقبل، وسط توقعات بالإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، انتظارا للسياسات الاقتصادية التي سينفذها ترامب في ولايته المقبلة، خاصة فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية على الواردات القادمة من الصين والاتحاد الأوروبي.
الرابحون من قوة الدولار
من أبرز الرابحين من قوة الدولار الأميركي هم المستوردون الأميركيون، كالشركات والمستهلكين الذين يعتمدون على السلع المستوردة حيث يستفيدون من انخفاض تكلفة هذه السلع بالدولار.
فقوة الدولار تجعل المنتجات الأجنبية أرخص، مما يعزز القوة الشرائية المحلية، لكنه يقود في مرحلة ما إلى زيادة التضخم المدفوع بارتفاع الطلب على هذه السلع الرخيصة.
ومن الرابحين أيضا، المستثمرون في الأصول بالدولار، وهم المستثمرون الأجانب الذين يحتفظون بأصول مقومة بالدولار، مثل السندات الأميركية، يستفيدون من ارتفاع قيمة استثماراتهم عند تحويلها إلى عملاتهم المحلية.
وتستفيد الشركات الأجنبية التي تصدر إلى الولايات المتحدة، من قوة الدولار الأميركي، فعندما يرتفع الدولار، تصبح المنتجات الأجنبية أكثر تنافسية في السوق الأميركية، مما يزيد من صادرات هذه الشركات.
فقي ولايته الأولى، انتقد ترامب ضعف اليوان الصيني وأن الحكومة هناك تتعمد إضعاف عملتها لتحفيز صادراتها، وبالتالي تتفوق في تنافسيتها على الصادرات الأميركية.
فنيا، فإن اليوان الضعيف يقلل كلفة التصنيع، وبالتالي الصادرات، وتصبح كلفة هذه السلع أقل بالنسبة للمستورد، الذي يجدها صفقة رابحة مقارنة مع نفس السلعة المصنعة في سوق مثل الولايات المتحدة.
الخاسرون من قوة الدولار
تتصدر الشركات الأميركية المصدّرة للسلع والخدمات، قائمة المتضررين من قوة الدولار، لأن صادراتهم مقومة بالدولار القوي، وهنا تكون كلفة هذه الصادرات أعلى على المستوردين.
فالمنتجات الأميركية تصبح أكثر تكلفة في الأسواق الدولية، مما يؤدي إلى انخفاض الطلب عليها، بينما تنمو صادرات الدول المنافسة في تصنيع جميع السلع المصدرة.
كما أن الشركات متعددة الجنسيات تتأثر سلبا بسبب تراجع الإيرادات عند تحويلها من العملات الأجنبية إلى الدولار.
ومن ضمن الخاسرين أيضا، الاقتصادات الناشئة، خاصة الدول النامية التي تعتمد على القروض بالدولار حيث تعاني من ارتفاع تكاليف خدمة الدين.
فعند ارتفاع الدولار، ستحتاج هذه الدول إلى عملات محلية أكثر لتحويلها إلى الدولار، وسداد القروض المقومة بالعملة الأميركية، والفوائد المفروضة على هذه القروض.
كذلك، فإن عملات الأسواق الناشئة غالبا ما تفقد جزءا قيمتها مقابل الدولار، مما يسبب تضخما داخليا، ويدفع البنك المركزي للتدخل في تحريك أسعار الفائدة للحفاظ على جاذبية عملاتها.
من الخاسرين أيضا، أسواق السلع، فقوة الدولار تضغط على أسعار السلع مثل الذهب والنفط، مما يؤثر سلبا على الدول والشركات التي تعتمد على تصدير هذه الموارد.
ففي أسواق النفط العالمية، تدفع قوة الدولار إلى هبوط أسعار النفط، والمعادلة في هذه المسألة تكمن بارتفاع كلفة شراء النفط بالنسبة للدول المستوردة له، وهنا يقل الطلب على الخام وتتراجع أسعاره العالمية.
من الخاسرين كذلك، صناعة السياحة إلى الولايات المتحدة، فالدولار القوي يدفع الأجانب لدفع عملات محلية أكثر لشراء الدولار، لأغراض السفر والإنفاق داخل الأسواق الأميركية.