في الخطوط الأماميّة يواجه عناصر الدفاع المدنيّ ورجال الإنقاذ خطر الموت، وهم يقومون بعملهم الإنسانيّ في نقل القتلى والجرحى نتيجة الاستهدافات الإسرائيليّة للقرى والبلدات الحدوديّة بجنوب لبنان رغم إمكانيّاتهم المتواضعة.
بأيد عارية من دون قفّازات ورؤوس مكشوفة بلا خوذ، وبملابس عاديّة غير مقاومة للحريق يندفع عناصر الدفاع المدنيّ في جنوب لبنان لأداء مهامّهم الإنسانيّة عند استهداف الجيش الإسرائيليّ شقق سكنيّة أو مباني أو سيّارات أو درّاجات ناريّة أو أراض زراعيّة، رغم تعرّضهم للخطر واستهدافهم أكثر من مرّة.
وأوعزت وزارة الخارجيّة اللبنانيّة أخيرًا لبعثة لبنان الدائمة لدى الأمم المتّحدة في نيويورك، تقديم شكوى أمام مجلس الأمن الدوليّ ردًّا على استهداف إسرائيل المتكرّر والمتعمّد لعناصر الدفاع المدنيّ اللبنانيّ ومراكزه وآليّاته منذ بدء حربها على لبنان في 8 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2023، ما أدّى إلى مقتل 27 منهم وجرح 76 آخرين، فضلًا عن تعرّض 32 مركزًا للتدمير الجزئيّ أو الكلّيّ، وتدمير 45 آليّة تابعة لهم.
مجزرة لا تنسى
ويقول رئيس مركز الجنوب الإقليميّ في الدفاع المدنيّ محمّد أرقدان للأناضول إنّ "فرق الدفاع المدنيّ تنطلق بحسب المعلومات حول طبيعة الاستهداف إن كان شقّة أو سيّارة أو مبنى كاملاً ليتمّ إرسال سيّارتي إسعاف وأخرى إطفاء لمكان الغارة وسيّارة إطفاء ثانية للمساندة".
ولا ينسى أرقدان "أكبر مجزرة حدثت خلال الحرب وضعف إمكانيّات الدفاع المدنيّ أمامها".
ويقول إنّ المجزرة حصلت في 29 أيلول/ سبتمبر الماضي، في بلدة عين الدلب قضاء صيدًا حيث سقط 73 شهيدًا و50 جريحًا".
ويعرب أرقدان عن "ألمه إزاء المناظر الّتي نجمت عن المجزرة حيث استهدفت إسرائيل شقّة في مبنى ومن شدّة الضربة تضعضعت أساسات المبنى وانهار بالكامل".
ويشير إلى أنّه في حينه "تمّ إرسال سيّارتي إسعاف وسيّارة إطفاء".
ويضيف أرقدان: "المشكلة التي واجهها عناصر الدفاع المدنيّ هو أنّ المكان المستهدف مكتظّ بالسكّان والنازحين والسيّارات ممّا جعل من الصعب حرّيّة الحركة وبدأنا بالإصابات الظاهرة فوق الركام لنقلها إلى المستشفيات القريبة".
إمكانيّات متواضعة
ويلفت أرقدان إلى "منذ حدوث الغارة على المبنى (في بلدة عين الدلب) فإنّنا منذ الساعة الرابعة فجرًا وحتّى السابعة صباحًا بالتوقيت المحلّيّ لم نستطع إلّا فعل القليل بسبب ضعف الإمكانيّات لذلك طلبنا دعمًا إضافيًّا من الدفاع المدنيّ في العاصمة بيروت من فرق بحث وإنقاذ وسيّارات إسعاف للبحث تحت الركام".
ويقول إنّ الدفاع المدنيّ "يعاني أصلًا منذ بدء الأزمة الاقتصاديّة الّتي ضربت لبنان في العام 2019، فهناك نقص في العتاد وصيانة الآليّات وحتّى أدوات الحماية الشخصيّة لعناصر الإطفاء ليست متوفّرة، فهم يذهبون إلى مهامّهم من دون دروع أو خوذة واقية للحماية".
ويعاني اللبنانيّون منذ 2019 أزمة اقتصاديّة غير مسبوقة، بالتزامن مع أزمة سياسيّة، أدّت إلى انهيار قياسيّ بقيمة العملة المحلّيّة مقابل الدولار، فضلًا عن شحّ بالوقود والأدوية، وانهيار قدرتهم الشرائيّة.
ويشير أرقدان، إلى أنّه "في بعض الأحيان نقوم نحن بإصلاح آليات الدفاع المدنيّ، إضافة إلى معانتنا من نقص كبير في العتاد على مستوى لبنان وليس فقط الجنوب مثل معدّات الحماية الشخصيّة وخراطيم المياه ومعدّات البحث والإنقاذ".
ويضيف: "ليس لدى الدفاع المدنيّ معدّات للبحث وانتشال الضحايا من تحت الركام مثل أدوات النفخ الّتي ترفع الأسقف المنهارة ولا توجد إنارة".
ويلفت أرقدان، إلى أنّهم "يستعينون بمعدّات الصليب الأحمر اللبنانيّ في الإنارة البحث والإنقاذ من كاميرات تعمل تحت الأنقاض وأجهزة تكشف البشر تحت الركام".
وأسفر العدوان الإسرائيليّ على لبنان إجمالًا، عن 3 آلاف و670 شهيدًا و15 ألفًا و 413 جريحًا، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، فضلًا عن نحو مليون و400 ألف نازح، وجرى تسجيل معظم الضحايا والنازحين بعد 23 أيلول/ سبتمبر الماضي.