يقدر خبراء إسرائيليون في القانون الدولي ألا ينحصر تأثير مذكرات الاعتقال الدولية التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، الخميس الماضي، ضد رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن، يولآف غالانت، عليهما فقط، وإنما أن يتوسع هذا التأثير بشكل كبير.
وحذر المسؤول السابق في دائرة القانون الدولي في النيابة العامة الإسرائيلية، المحامي يوفال ساسون، الذي يمثل حاليا شركات هايتك وصناعات أمنية إسرائيلية في العالم، من أن تأثير قرار المحكمة الجنائية سيطال ثلاثة مجالات أساسية. وأشار إلى أن "المواطن الروسي العادي يدفع ثمنا باهظا" في أعقاب إصدار المحكمة الجنائية مذكرة اعتقال ضد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في أعقاب غزو أوكرانيا.
المجال الأول يتعلق باحتمال صدور مذكرات اعتقال سرية، وفقا لساسون. "بإمكان مواطن غزيّ يحمل جنسية مزدوجة أن يقدم الآن دعوى في مكان سكناه الجديد، وبالاستناد إلى مذكرات الاعتقال (ضد نتنياهو وغالانت) أن يدعي ارتكاب جرائم حرب من جانب قائد كتيبة أو طيار أو أي جندي إسرائيلي نشر مقطع فيديو في تيك توك" يتباهى فيه بارتكاب جرائم في غزة.
وأضاف أنه "لن أتفاجأ إذا كانت هناك شركات إسرائيلية تتساءل حاليا حول الدول التي لا يمكن سفر عامليها إليها".
المجال الثاني يتعلق بتأثير مذكرات الاعتقال على المستوى السياسي – الأمني، وخاصة التخوف من حظر بيع أسلحة لإسرائيل أو إلغاء صفقات تصدير أسلحة إسرائيلية.
وأشار ساسون في هذا السياق إلى أن "قوائم سوداء باتت موجودة الآن، وهناك مستثمرون باتوا يقاطعون الصناعات الإسرائيلية. وحصلت BDS على حقنة تشجيع هامة للغاية وينبغي الاستعداد لاحتمال أن تبدأ دول معينة قريبا بدراسة عقوبات. وينبغي أن ندرك أنه في الجانب الآخر يوجد أشخاص مع مال كثير، وجهات تستخدم كحاكين جديين، وهم يعملون في هذا المجال".
والمجال الثالث يتعلق بعواقب غير مباشرة على نشاط القطاع التجاري، مثل أن تضع شركات دولية صعوبات أمام الاستثمار في دول تخضع لعقوبات. ورأى ساسون أن "هذه الصعوبات ستتطور مع مرور الوقت، بينها حظر أنشطة تجارية خلف خطوط العام 1967، أو قيود على بيع منتجات للجيش الإسرائيلي. ولن أفاجأ إذا ستطالب شركات قريبا بالتصريح بعدم تعاون تجاري مع جهاز الأمن الإسرائيلي".
ولفت ساسون إلى أن "ما نشهده الآن هو نتيجة تحول جار منذ عشر سنوات، والخطوة الهامة فيه كانت انضمام السلطة الفلسطينية إلى المحكمة الدولية في لاهاي في العام 2015. وقد نفذ أبو مازن (الرئيس الفلسطيني محمود عباس) حينها خيارا إستراتيجيا بالعمل ضد إسرائيل في الحلبة السياسية – القضائية. وهذا حرك تحول بطيء بالسيطرة على خطاب حقوق الإنسان في العالم، وعلى المنظمات غير الحكومية في هذا المجال، وعلى كليات القانون الدولي في الجامعات المرموقة".
وأضاف أن "هدف هذه الخطوة هو تحويل إسرائيل إلى جنوب إفريقيا في الثمانينيات. أي محاربة إسرائيل بوسطة جلبها إلى عزلة سياسية واقتصادية. وإصدار مذكرات الاعتقال هي مسمار آخر في النعش الذي سيحول إسرائيل إلى دولة أبارتهايد منبوذة. وإلى هناك نحن متجهون".
وتابع ساسون أنه "يضاف إلى ذلك الانقلاب على جهاز القضاء عندنا، والدعوات إلى الاستيطان مجددا في غزة أو الاستيطان في لبنان، وسندرك أن الأمور تتغذى من بعضها. والعالم يسمع هذه الأمور، وهو لا يدقق في الفوارق بين الكابينيت والحكومة والكنيست، فهذا لا يهم العالم".
وأشار إلى أنه "عندما تحارب محكمتك العليا وتدعو إلى إقالة المستشارة القضائية للحكومة، فإنك تمس بمبدأ التكامل، وهذا موجود في أساس قرار المحكمة الدولية بالتدخل. وإذا كانت الدولة تدقق بنفسها في ادعاءات وتحقق بشكل غير منحاز، فهذا حسن. لكن إذا كانت هذه خدعة إسرائيلية تقليدية بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية، فربما هذه ستقنع أوساطا جماهيرية إسرائيلية، لكنها لن تقنع خبراء القانون الدولي".