قبل اختراع الجرارات، كان يتعين على الفلاحين حراثة الأرض بالاستعانة بالحيوانات مثل الثور والبغال، وكانت عملية الحراثة تلك تأخذ وقت طويل وجهد هائل. لم يتبق من ذلك الجهد بعد وصول الجرار إلى الأرض سوى تولي القيادة والإشراف عليه.
والجديد اليوم أن الجرار لم يعد بحاجة لمن يقوده أو يشرف عليه حتى! فالجرار بمفهومه القديم تحول إلى روبوت جرار اليوم! وهنا سنأخذكم في رحلة تصوّر دور الروبوتات في تحسين الزراعة وإيجاد الحلول لجميع مشكلاتها.
قبل الحديث عن دورها في تحسين الزراعة، نبدأ من توضيح مفهوم الروبوتات الزراعية، ويعرّف الروبوت الزراعي بأنهُ أي جهاز آلي يُمكنه تحسين مراحل العمليات الزراعية من خلال تولي العديد من واجبات المزارع الرتيبة والتي تتطلب الكثير من العمل.
وكما أشارت المقدمة، نلاحظ أن استخدام الروبوتات في الزراعة يجعل العديد من المهام أبسط وأسرع، فالجرارات بدون سائق ستتولى الحراثة، والطائرات بدون طيار ستكون مهمتها مراقبة المحاصيل وجمع البيانات، ويمكننا حتى هذه اللحظة تأكيد دخول الروبوتات في الاستخدامات التالية:
ووفقاً لبحث بعنوان "سوق الروبوتات الزراعية، التوقعات العالمية حتى عام 2026" نشرتهُ مجلة MarketsandMarkets، فإنه من المتوقع أن ينمو حجم سوق الروبوتات الزراعية في العالم من 4.9 مليار دولار أمريكي في عام 2021 إلى 11.9 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2026. واللافت أن أسواق آسيا والمحيط الهادئ وأمريكا الشمالية هي الأسواق ذات أعلى معدل نمو لسوق الروبوتات الزراعية في السوق العالمية.
في عام 2022، عقدت ندوة حوارية عبر الإنترنت استضافتها مدونة root تحت عنوان تحديات الزراعة والحلول الروبوتية. تم استعراض أحدث الروبوتات التي يتم استخدامها الآن لحل مشكلات الزراعة المختلفة.
في ألمانيا، طورت شركة إي تيري نظام روبوتي مهمتهُ جمع ونقل البيانات ومراقبتها على مستوى الحقل أو البستان. بالإضافة إلى أتمتة مهام زراعية مختلفة مثل مكافحة الآفات والأعشاب الضارة. هذا النظام الروبوتي يتكون من أذرع للمناولة قابلة للتبديل، وهذا يعني أنهُ من الممكن تعديلها يدوياً في العرض والارتفاع، ويسمح ذلك باستخدامهُ في محاصيل وأراضي ومراحل مختلفة.
وعلى صعيد متصل، طورت شركة Muddy Machines آلة حصاد خفيفة الوزن تعمل بالبطارية ويمكنها العمل بشكلٍ مُستقل في الحقل. وتتمتع هذهِ الآلة بميزات إضافية تتيح للمزارع معرفة معلومات مثل توقعات الغلة وخرائط الحصاد.
نحن لا ننكر وجود تكلفة مالية أولية عالية عند التحول إلى الأنظمة الزراعية الروبوتية، ووفقاً لأحدث التقارير المالية، تتراوح تكلفة الروبوت بين 150 ألف يورو و 500 ألف، ويعود ذلك في المقام الأول إلى حجم ونوع المهام التي سينفذها الروبوت.
ولكن ومع ذلك، فهنالك العديد من الفوائد من خلال تطبيقها، نذكر منها:
مع كل تلك المزايا، لا تزال بعض العوامل تمنع المزارعين من تبني استخدام الروبوتات في تحسين الزراعة. لعل أبرزها هو الافتقار إلى المعرفة العامة حول التكنولوجيا وكيفية استخدامها وتنفيذها، فضلًا عن الحالة الاقتصادية التي تمنع نسبة كبيرة جداً منهم من استخدام هذه التقنيات. ناهيك عن التصور السائد حول الروبوتات والذكاء الاصطناعي، وهو أن هذهِ التقنيات من شأنها أن تحد من فرص العمل.
الخلاصة ونهاية الكلام هي أن استخدام الروبوتات في تحسين الزراعة سيلغي وجود فرص عمل تقليدية كثيرة، لكنهُ سيقدم فرص عمل جديدة لها علاقة بصيانة هذه الروبوتات وبرمجتها وتطويرها والإشراف عليها. أضف إلى ذلك أنه سيكون بمثابة استثمار ذكي ومجدي على المدى البعيد. وبما أن مهام الزراعة هي مهام لا تتطلب تواصل اجتماعي أو مشاعر إنسانية، فإن استخدام الروبوتات فيها سيمثل استخدام التكنولوجيا لخدمة البشر أفضل تمثيل.